أمسية الدوخلة اختزلت بعضا من سيرته الذاتية : إسماعيل فهد إسماعيل في حديث الذاكرة والسرد والنشر

الجسرة الثقافية الالكترونية
منى الياسر
حل الروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل ضيفا على أحدى أمسيات الخيمة الثقافية بمهرجان الدوخلة في دورته العاشرة بالسعودية، تحدث فيها عن طفولته وبداياته وتعلقه بعالم القصة وعلاقته بالكتاب حيث كشف، أن علاقته مع الكتب بدأت مبكرا، في الرابعة من عمره، حيث علمه والده حروف الهجاء، وورث عنه عادته في حكاية القصص لأولاد الجيران، واجتاز الاختبار الذي أهله للالتحاق بالمدرسة، بعدما كان يحضر كمستمع، لكنه عاد يواجه مشكلة في المرحلة المتوسطة، حيث كانت سنه الصغيرة 12 سنة لا تؤهله للالتحاق بمدرسة للبنين، فكان الحل أن ألحق بمدرسة للبنات فكان الولد الوحيد بين 400 طالبة، وكان عامه الأجمل، لكنه التحق بمدرسة البنين في العام التالي.
عندما تعلم القراءة في سن الخامسة ليبدأ حفظ حكايات ألف ليلة وليلة؛ الكتاب الذي قدمه إليه والده ليقوم بسرد القصص في مجلس الرجال كل ليلة، وأيضاً للأطفال، مجرباً تركيب قصة جديدة من قصص متعددة، وهذا ما دفعه لاختراع وصنع قصته الطفولية من الواقع، كي تحظى بإعجاب الصغار. أما حول أول نشر ورقي فكانت قصة في مجلة «المعلم الجديد» ببغداد عام 1952، مشيراً إلى أنه بدأ الكتابة الشعرية إلا أنه لاحظ وقتها وجود الكثير من الشعراء، وأن من الصعوبة أن يجد له مكاناً في المجال الشعري المكتظ، مجرباً العودة للسرد وناشراً مجموعة قصص في كتاب «البقعة الداكنة 1965»، ثم روايته الأولى ذائعة الصيت «كانت السماء زرقاء» التي حظيت بحفاوة واستقبال كبير من قبل الأديب المصري صلاح عبدالصبور، وهو يستغرب ظهور فن الرواية بهذا الوعي العالي في منطقة الخليج العربي.
أما أول تجربة له مع كتابة الشعر، فكانت من خلال مجلة الحائط المدرسية، وفي عام 1952 نشر في مجلة «عالم المعلم الجديد» الفصلية.
الهروب من الشعر للقصة
وبين سر توجهه للقصة القصيرة إنه كان أمرا متعمدا بسبب اكتشافه لوجود جحافل من الشعراء في بلده، ما شكل نقطة تحول في حياته نحو الكتابة القصصية، التي بدأها فعليا في سن السابعة عشرة، وقال إن أخاه الذي كان يعمل قاضيا، كان يمده بملفات بعض القضايا ليحولها إلى روايات، على غرار ما فعل في روايته «في حضرة العنقاء والخل الوفي»، وكانت عن أزمة الخليج الثانية، وتعرض فيها لقضايا عديدة كالبدون، وآثار الاحتلال والعلاقات الإنسانية، وزار من أجلها مسؤولين في السجن لجمع معلومات وبيانات تساعده على نسجها.
وحول مشكلات الرقابة في الكويت، علق إسماعيل، مؤكداً أنه ضد كل أنواع الرقابة، مضيفاً: «نحن في زمن لم يعد فيه شيء ممنوعاً.. وخلال الأربعين سنة نشأت بيني وبين المكلفين بالعمل الرقابي ألفة، غير أن ثمة دوماً من يشي في أذن مسؤول ما بأن هذا الكتاب الذي يقول كذا يباع، وهنا يأتي المنع بأمر إداري». مضيفاً: لدي كتابان منعا في الكويت بأمر إداري وآخر منع عام 1991 لسبب عرفته في ما بعد». مؤكداً أن الرقابة تغيرت، متحدثاً عن كتاب صدر له عام 1971 ومنع إلا أن هذا الكتاب نفسه سيعاد طبعه مجدداً، ولكن في الكويت. مبيناً أن الرقابة طلبت منه أن يغير كلمة أو كلمتين في روايته، منعاً للإحراج، معلقاً: « نلاقي كلمة بديلة عن المباشرة، لا بأس قد يكون البديل أشد تأثيراً».
البوكر الجائزة الأكثر حيادا
وحول تجربة ترشحه لجائزة البوكر للرواية العربية، أشار إلى أن جائزة البوكر في عقدها الضمني الأخلاقي تذهب للشباب وسن الشباب يصل حتى ما دون الخمسين، أجل، والروائي المصري بهاء طاهر كان استثناءً فرض نفسه على الجائزة. مضيفاً حول اختياره لها بأنه عرف أن ثمة من رأى أنه من الأهمية دخول بعض الأسماء الكبيرة لكي تعطي ثقلاً للجائزة. معلناً أن جائزة البوكر هي الأكثر حياداً من كل الجوائز الأدبية العربية الموجودة اليوم.
أسوأ كتابة تجربة منيف وجبرا
كاشفاً عن علاقة شخصية بـ»المنسي ابن أبيه» بطل روايته «العنقاء والخل الوفي»: هي شخصية حقيقية وموجودة، هي شخصية هامشية كنت أتواصل معها بالهاتف وأسألها بعض الأسئلة وتجيب عن أسئلتي، إنها شخصية سلبية مستسلمة، شخصية تريد من يقودها دائماً». مشيراً إلى أنه دائماً ما اتهم بأنه يقدم شخصيات صِدامية ومتمردة، موضحاً أن هذا العمل اختار أن يقدم شخصية مغايرة هي شخصية «المنسي»، وهو يمثل حالة خاصة وليس حول قضية البدون في الكويت. وعن رأيه بالكتابة المشتركة مع أحد الروائيين على غرار تجربة جبرا إبراهيم جبرا وعبد الرحمن منيف؟ علق قائلاً: «هذه التجربة أفرزت أسوأ كتاب للاثنين مجتمعين، بينما روايات منيف الأخرى أجمل، وروايات جبرا المنفردة بذاتها أجمل.
وحول ارتفاع موجة نشر الرواية في السعودية قال: إنه من متابعته للشباب لاحظ أن ثمة فرقاً هائلاً بين العمل الأول والثاني للمؤلف الروائي الشاب، ما يعني أن العمل قابل للتطور، مشيراً إلى أن كثرة النشر ظاهرة حسنة وهي قابلة للنضوج من خلال الاستمرار.
القدس العربي