حياة نيرودا وغرامياته في الحرب الأهلية الإسبانية

الجسرة الثقافية الالكترونية
يلقي الكاتب التشيلي سيرخيو ماثياس من الذاكرة قصيدة “أشرح بعض الأشياء” للكاتب التشيلي الراحل بابلو نيرودا، الحائز على جائزة نوبل عام 1972، ليدلل كيف تحول البيت الذي عاش فيه الشاعر بمدريد إلى مادة خام لشعره، يأتي ذلك وسط الاحتفال بصدور كتاب “حياة بابلو نيرودا وأصدقاؤه وغرامياته في الحرب الأهلية الإسبانية”، الذي يروي شغف الكاتب بمدريد وكيف كانت الفترة التي عاشها هناك، بين 1934 و1936، نقطة تحول في عمله الشعري، بحسب ما أفادت جريدة “الباييس” الإسبانية.
ويقول ماثياس، كاتب سيرة نيرودا، إن مدريد أصابت الشاعر التشيلي بالهوس عندما زارها قبل عدة سنوات من الإقامة فيها، وقرر أن تكون مكان حياته، وأضاف: “وفي عام 1934، حصل له صديقه كارلوس لينش، الذي كان دبلوماسياً تشيلياً بمدريد، على عمل كملحق في القسم الثقافي بالسفارة التشيلية، ما أعطاه دفعة شعرية جديدة”، إذ كانت فظاعات الحرب ومقتل صديقه الكبير جارثيا لوركا سبباً في تحوله إلى “كاتب ملتزم”.
وبعد قليل من وصوله إلى مدريد، استأجر نيرودا شقة بالطابق الخامس بالبيت المسمى بـ “بيت الزهور”، الذي كان مشيداً في عقد الثلاثينيات، وكان حينها رمزاً للطليعية الحضرية، غير أن المبنى الذي كان يقع في شارع هيلان إسلابا، تم تدميره خلال الحرب الأهلية وأعيد بناؤه بعد سنوات على صورته الأولى: شقق من الرخام، واجهة من أحجار حمراء، وشرفات واسعة لها أقواس، وتحت البناية ثمة بار كان نيرودا يقضى فيه سهراته بصحبة أصدقائه، بحسب ماثياس.
ويوضح ماثياس في كتابه أن قصائد نيرودا لتلك الفترة يظهر فيها أيضاً سوق أرجوييس، إذ كان يحب ألوانه وفاكهته وأسماكه، واعتاد زيارته مع صديقه الشاعر الغرناطي لويس روسالس، الذي كان يلاحظ “كيف كان بابلو يختار بشكل طقسي بعض الخضروات ليضيفها لطعامه، خاصة الفلفل الحار”.
كاتب بوهيمي
أسلوب الحياة الذي اتبعه نيرودا في مدريد، بحسب ماثياس، كان أسلوب الكاتب البوهيمي، فمعظم الأماكن التي ارتادها كانت بارات ومطاعم، حيث يأكل ويسهر مع أصدقائه، ولم يتبق من هذه الأماكن اليوم إلا مطعم بشارع خوبيانوس، بالقرب من الكونغرس، وللمصادفة يسمى أيضاً بـ “بيت مانولو”، أما البار الذي كان يقع تحت بيته فتحول إلى فرع لبنك.
يضيف ماثياس “كان نيرودا ذكورياً جداً”، ويحكي أن زوجته الأولى، ماريا أنطونيا، كانت تهتم به في كل شيء، لدرجة أنه كان يحب أن تربط له رباط حذائه، ويكشف عن أن نيرودا كان كذاباً في بعض المناسبات، وحاقداً أحياناً، يقول: “كان عدواً لأعدائه، لهؤلاء الذين يتحدثون عنه بسوء أو لا يرون أن شعره عظيم”.
يتحدث كذلك عن جانبه الحسن فيقول: “كان لطيفاً جداً، ومريحاً في التعامل، كان مثل طفل، يحب إقامة حفلات صغيرة وينتظر أصدقاءه مقنّعاً”، ويضيف: “أنا تعرفت عليه في تلك الفترة الطيبة، حيث كان حسن الطباع وكريماً”.
الكاتب يتذكر عندما تعرف على نيرودا في زيارة للشاعر لليسيه تيموكو، عاصمة منطقة أراوكانيا، التي تعلم فيها، وكان ماثياس حينها في الخامسة عشرة، ما لفت انتباهه حينها جسمه الكبير وصوته “كان رناناً وقوياً”، بعدها التقى به في مناسبات مختلفة، وتعرف على بيته في إيسلا نيجرا، بتشيلي، وهي الفترة التي شعر فيها بإعجاب كبير ناحيته، ثم قرر مؤخراً كتابة كتاب عن حياة نيرودا بمدريد.