دبي بيئة حاضنة لحركة التشكيل العالمية

الجسرة الثقافية الالكترونية-الخليج-

بات واضحاً أن ازدهار حركة التشكيل المعاصر تدين في تطورها وازدهارها لانتشار ظاهرة الصالات والغاليريات العالمية، وتعد دبي واحدة من المدن العربية التي أصبحت تنافس على نطاق عالمي في هذا المجال، يؤكد ذلك العدد الذي يتزايد من هذه الصالات يوماً بعد يوم، وللمتابع أن يذكر على سبيل المثال وليس الحصر: غاليري “4 جدران”، “هنر غاليري”، “صالة فن”، “أوبرا” غاليري في مركز دبي المالي، “كورت يارد” غاليري، وغيرها فضلاً عن “آرت دبي” .

ميزة هذه الغاليريات أنها باتت على تماس مع ما يطرح الآن في سوق التشكيل، ولعل أبرز ما وطدته هذه التظاهرات، هو التأكيد على القيمة الجمالية والبصرية، إلى جانب ما يشبه الفكرة التجارية، من حيث المردود المادي الذي يتلقاه الفنان جراء عرض لوحته في صالة تستطيع أن تبيع لوحته لمقتن أو مهتم بشراء اللوحات .

من هنا، فإن الصالة كحيز لعرض التجارب التشكيلية سواء الكلاسيكية أو المعاصرة منها، باتت على تماس مع تعزيز القيم الفنية، وانفتاح هذه الفنون على ثقافات ومعارف من مختلف دول العالم .

هنا، يثبت الفن أهليته ليكون رافعة تسهم في تعزيز القيم الإنسانية وتفعيل التواصل والتقارب بين الشعوب، هنا أيضاً، تتمازج الثقافات والمعارف، وتتجاوز الخلافات والصراعات، وتمد جسور التعاون بوعي من الفهم المشترك، من خلال وسيط هو الفن، حيث اللوحة والصورة ومختلف التجارب الكلاسيكية والمعاصرة، فحيثما ذهبت في زيارة إلى الصالات المنتشرة، ثمة ما هو مغر للفنان التشكيلي سواء كان عربياً أم أجنبياً، فقرية البوابة في مركز دبي المالي، تحتضن 8 صالات عرض هي: “أيام غاليري”، و”كوادرو”، و”أوبرا وإيمبتي كوارتر”، و”آرت سوا”، و”آرت سبيس”، و”الفرجام”، و”اكس اي ايه”، وهذه قد تعرض في مواسم مختلفة لفنانين عرب وأجانب في الوقت نفسه، وقد يعرض بعضها لتجربة عالمية ذات أثر فني معاصر، وأمام هذه المشاهدات غير المحدودة من التجارب والرؤى البصرية، من حيث قوة اللون والحركة والفضاء الواقعي والتعبيري والتجريدي والرمزي وحتى الغرائبي والفانتازي، تقرأ الكثير من الأطروحات الفكرية والجمالية، والأساليب المتنوعة التي تنفتح على مختلف الوسائط والنظم الفنية والتركيبات والمنحوتات المتنوعة، التي تقرأ الواقع المعاصر من زوايا فنية بحتة وفي ضوء معالجات تحمل إضافة في بعدها التثقيفي، والفكري .

وللتأكيد على حجم وأثر الفعاليات التي تطرحها هذه الغاليريات، لنا مثلاً أن نتوقف عند بعضها، في ضوء ما أنجز من مساحة فنية على تماس مع جوهر الطرح المادي، ففي النسخة الثانية من فعالية آرت نايت، انفتح المشهد التشكيلي على عدد من المعارض التي جمعت بين الكلاسيكية والمعاصرة .

واحتضن كورت يارد قبل نحو عام معرضاً للخطاط والفنان الإيراني أبول ايتغيتشي تحت عنوان: “رحلتي”، “رسائلي” وقدم من خلاله نماذج من اللوحات المرسومة بطراز حديث وبمسحة لونية حية، كما استخدم في خطوطه كثيراً من الثيمات والحلي التقليدية المزينة بأوراق الذهب، كانت تجربته في الخط مستمدة من فهم روحاني يوازن فيها ما بين اللون والحرف بحرفية عالية .

غاليري “غرين آرت”، بدوره احتضن مؤخراً معرضاً بعنوان “العودة إلى التاريخ” وتضمن مشاركات عالمية من خلال 20 لوحة مثلت مختلف المدارس الفنية، ومشاركة 11 فناناً وفنانة، تأسست أعمالهم على مفهوم الاستعادة الفنية، التي قدمت أطروحات فكرية وجمالية، وأساليب استفادت من المنجز الفني والثقافي العالمي . في هذه الصالات وغيرها تؤكد دبي بحسب ما يرى أكثر من خبير وفنان أنها باتت من المدن التي تحافظ على مستوى راق من الفنون، واستطاعت أن تدخل اللوحة في ميدان الاستثمار وتباع في الصالات العالمية بملايين الدولارات، وتجمع بمهارة بين المال والفن والمشاريع الثقافية والفنية بوجه عام .

الحديث عن الغاليريات الفنية لا يكتمل من دون ذكر مسيرة “آرت دبي” الذي أثبت في السنوات القليلة الماضية قدرته على الجمع بين عدد كبير من الصالات الفنية، في دورته السادسة مثلاً، شارك نحو 75 صالة عرض، بآلاف الأعمال الفنية، فضلاً عن تنظيمه لسلسلة من الفعاليات والبرامج لإقامات الفنانين وعروض الناشئين والكبار على حد سواء، كما أطلق عدداً من المشاريع التي صممت خصيصاً بإشراك فنانين من المغرب والجزائر وعدد من الدول الغربية كما قدم ما يطلق عليه “مشاريع تفاعلية” طرحت مفاهيم جيوسياسية وفنية وثقافية، ونظم دورة “منتدى الفن العالمي السادس” التي تجاور فيها اللوحة في صورتها التقليدية مع العروض الأدائية لفنانين وشعراء وموسيقيين من مختلف دول العالم .

التركيز على شرقي آسيا وجنوبها من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا والأمريكيتين، أصبح أمراً واقعاً في سوق الفن المعروض في صالات دبي المختلفة .

من الغاليريات النشطة يمكن الإشارة ل”هنر غاليري” وهو من الصالات الفنية العريقة في دبي والمنطقة، اكتسب سمعة مرموقة في مجال الفنون التشكيلية، ويهدف إلى تشجيع الجمهور في جميع أنحاء الإمارات وخارجها كما يدعم الدور المتنامي للفنون ويستقطب كبار الفنانين العالميين وفي سيرة هذا الغاليري ما يربو على تنظيم 100 معرض وأكثر من 150 فناناً معروفاً، اللافت في هذا الغاليري، جمعه بين مستويات عدة من الفنون التي تمزج بين اللوحات الشخصية، والمناظر الطبيعية، والخط العربي، والفن التجريدي .

الإشارة إلى الصالات يجب ألا تنسينا دور المحترفات الخاصة مثل “فلاينغ هاوس” الذي يحتضنه غاليري “4 جدران” في القوز، الذي يعرض أعمال الفنان الرائد حسن شريف، كما احتضن 4 جدران العديد من المعارض الشخصية لفنانين مشهورين مثل: الفنان أديب فتال المولود في الولايات المتحدة، والعراقي قيس السندي، في السياق ذاته استضافت صالة “كورت يارد” معرضاً للفنان السوري كيفورك مراد بعنوان “بعد الربيع” يحاكي من خلاله الأحداث السياسية التي تجري في أكثر من بلد عربي 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى