«ريهام سعيد شو» مستمرّ بنجاح كبير

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

 

مصطفى فتحي

 

في واحدة من أشهر مسرحيّاته الكوميديّة «تخاريف»، يؤدّي الممثل محمد صبحي أدواراً عدّة من ضمنها دور شخص نحيف قبيح بأنف طويل، تطلب منه إحدى السيدات أن يأتي لغرفتها في الفندق. يفرح البطل ويذهب إليها متخيّلاً أنها وقعت في غرامه. في الغرفة تطلب منه السيدة أن يخلع ملابسه، فتزداد سعادته، لكنها تنادي على أطفالها قائلة لهم: هل رأيتم إذا لم تتناولوا كوب اللبن على الإفطار ستصبحون مثله… بعد سنوات طويلة من هذه المسرحية الكوميدية تأتي ريهام سعيد مقدمة برنامج «صبايا الخير» على فضائية «النهار» المصرية، لتحول المشهد لحقيقة، لكن بتصرُّف. ففي حلقة الأربعاء الماضي من برنامجها، عرضت سعيد مشاهد تختصر مأساة اللاجئين السوريين، وظهرت وكأنها تقول لمتابعي برنامجها «هل رأيتم؟ إذا لم تسبّحوا بحمد النظام المصري فسنصبح مثلهم».

وقفت سعيد على ظهر سيارة نقل تحمل مساعدات للاجئين السوريين في أحد المخيمات اللبنانية. يتزاحم اللاجئون أمام السيارة في محاولة للحصول على أي مساعدة تنقذهم من وضعهم البائس بعد سنوات من الحرب والخراب، تشير سعيد إلى المشهد وتتحدّث للمصريين: «هي دي الشعوب اللي اتشردت، هي دي الشعوب اللي اتقسمت، هي دي الشعوب اللي ضيّعت نفسها بالفتنة. ده مصير الناس لما بلدهم ووطنهم يضيع».

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تنتهك فيها ريهام سعيد مواثيق الشرف الإعلامي، فالمذيعة والممثلة التي روّجت من قبل لعمالة الأطفال (راجع «السفير» عدد 30/5/2015)، ومن قبلها روّجت للدجل والشعوذة ومحاربة الجان (راجع «السفير» عدد 30/12/2014)، وقفت هذه المرة على ظهر سيارة النقل تحاكم السوريين وتلقي بتعليقات تعتبرهم فيها السبب في كل ما حدث لبلدهم. التقرير الذي لم تتعدّ مدته 12 دقيقة بدأ بمشهد لأطفال ونساء سوريات يجرون خلف السيارة أثناء سيرها، بينما تظهر يد ريهام سعيد وهي تلقي لهم ببعض المساعدات. تتوقف السيارة فيقترب نحوها مواطنون سوريون، فتعلق سعيد «كما تشاهدون لقد فقدنا السيطرة وهجموا على السيارة ولم نستطع منعهم». يبتعد المصوّر عن ريهام ويسير بالكاميرا بين أطفال صغار جالسين على العارض يبكون، فتكمل المذيعة خطبتها: «تركوا أطفالهم على الأرض يبكون وهرولوا خلف المساعدات، ومن كثرة الحرمان داسوا على بعضهم البعض، يضربون بعض من أجل الحصول على ملابس ومازالوا يضربون بعضهم ومختلفين فيما بينهم». يعرض التقرير مشاهد للسوريين وهم يهجمون على السيارة فتتكرّر جملة ريهام للمرة الثانية لكن هذه المرة بصدى صوت «هي دي الشعوب اللي اتشردت، هي دي الشعوب اللي اتقسمت، هي دي الشعوب اللي ضيّعت نفسها بالفتنة. ده مصير الناس لما بلدهم ووطنهم يضيع».

كل تعليقات سعيد في الحلقة بيّنت بما لا يدع مجالاً للشك أن الهدف الحقيقي لم يكن أبداً مساعدة هؤلاء الناس، بل تقديمهم كنموذج لإرهاب المصريين من مجرد التفكير في ثورات أخرى ضد أي نظام.

على وسائل التواصل الاجتماعي تشكلت حملة ضد الحلقة ومقدّمتها. قال أحد المستخدمين: «في حلقتها ظهرت ريهام سعيد وهي تتحدّث عن الحرمان والاحتياج، وكيف أنّ السوريين أصبحوا أقرب للهمج. ريهام سعيد تقريباً لا تشاهد داخل مصر طوابير العيش، ولم ترَ المصريين وهم يتقاتلون على شراء أنابيب الغاز. ريهام سعيد تركت مصر بطوابيرها بكل الجياع والمحتاجين والمحرومين فيها في كل شبر من أرضها، وراحت لبنان تتاجر بمعاناة الشعب السوري وتستغلّه في توصيل أفكارها القذرة».

الإعلامي يسري فودة كتب على صفحته الشخصية: «السوريون اتبهدلوا واتشردوا وبيشحتوا، وإحنا حلوين وبنعطف عليهم، واللي مش عاجبه حالنا في مصر هنبقى زيّهم.. حتى بصوا عليهم شكلهم عامل إزاي وبيقولوا إيه وموسيقى أنا يتيم شغالة إزاي!». وأنهى تعليقه قائلاً: «عليك وعلى اللي شغّلهالك وعلى أسياد اللي شغّلهالك». وقارنت صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» على «فايسبوك» ما قامت به سعيد، بما قامت به إحدى القنوات الهنغارية حين أوقفت مراسلتها عن العمل، بعدما ركلت لاجئاً سورياً، بينما ريهام سعيد مستمرّة في عملها بعد حلقتها العنصرية.

رفضت قناة «النهار» في اتصال مع «السفير» التعليق على الحلقة، مؤكِّدة أنّها لن تصدر أي بيان حولها. واكتفت ريهام سعيد بكتابة تغريدة على حسابها على «تويتر» جاء فيها: «هو أنا بس نفسي اسأل سوْال هو ليه الناس بتنزعج لما تشوف الحقيقة؟ ليه مصمّمين تتابعوا وبدقه مذيعة مش عاجباكوا؟ مرضى مثلاً؟». وقال مصدر من فريق عمل البرنامج لـ «السفير» «إن ريهام اعتادت على أن تثير حلقاتها الجدل، وان إدارة القناة ترى في ذلك نجاحاً كبيراً للبرنامج».

ويُعدّ «صبايا الخير» واحداً من أبرز البرامج المؤيدة للنظام الحالي، وتوضع مقدمته في قائمة مذيعين آخرين من أمثال توفيق عكاشة وأماني الخياط وأحمد موسى، وهؤلاء معروفون بعدم التزامهم بأية مواثيق شرف إعلامية، وبحسب إحصائيات من القنوات التي يعملوا بها فإن برامجهم تحقق نسبة مشاهدة غير ضئيلة.

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى