زريقات تدشن دار المنى في عمان فضاء للكتاب والكتاب

الجسرة الثقافية الالكترونية
حينما بدأت مشروعها الثقافي قبل نحو أربعة عقود، كانت منى زريقات تسعى إلى نشر الثقافة العربية في أقصى ما يمكن أن يصل إليه الحرف العربي.
لكنها وبعد سنين لا يفارقها الحنين إلى وطنها، والإحساس بضرورة مد الجسور مع الثقافة العالمية ، وخصوصاً الاسكندنافية التي لا يعرفها كثير من أبناء اللغة العربية، تعود بحنينها إلى مسقط رأسها، وتحديدا بيت والدها في منطقة عريقة بجبل الحسين لتشدن دار المنى، بما تعني من استرداد للحلم والأمنيات.
ساهم شقيقها المهندس حسان زريقات في ترميم البيت الذي تحيط به أشجار السرو والياسمين ومنحه فضاءات تضقي على المكان ظلال التاريخ والجمال التي تتسع لمناخات الثقافة، والأمسيات الأدبية التي تسعى لتنظيمها الدار التي تتسلم إدارتها أستاذة النقد الدكتورة لينا عوض.
التجسير بين آداب العالم
في سياق الفكرة افتتحت زريقات التي صدر عن دارها بالسويد عشرات الروايات العالمية، وبعضها فاز بجائزة نوبل، ومنها «عالم صوفي» و»المئوي» و»عساكر قوس قزح»، مكتبتها بحضور السفيرة السويدية هيلينا رتس، عدد من السياسيين والدبلوماسيين والمثقفين والكتاب والفنانين والتربوين الذين امتحدوا الفكرة والتجربة.
وقالت رتس في حفل الافتتاح أن زريقات ساهمت بشكل كبير في نشر الأدب السويدي في العالم العربي، مشيدة بجهودها الحضارية، مؤكدة استحقاقها للوسام الذي حصلت عليه من ملك السويد قبل أعوام. وهو وسام يمثل اعترافا بدور ها في نشر العربية وآدابها إلى العالم ولغاته الحية. وأيضا دورها في التجسير بين آداب العالم والقاريء العربي.
اللغة هوية
المكتبة التي توزعت على طابقين، وفناء يشرف على جبل القلعة تضم نحو 180 عنوانا من إصدارات دار المنى، تشكل الرواية 40في المئة منها، والبقية تخص الأطفال والناشئة.
وتستعيد تأسيس دار المنى بقولها: كانت» بمحض الصدفة»، لأنني رأيت من يحكون القصص لأطفالهم باللغة الإنجليزية، واتضح لي أن هذه الظاهرة متفشية في العالم العربي، ورأيت في السويد كيف أن هذا البلد يدافع عن لغته بكل الوسائل. واكتشفت أن مفتاحهم السحري في إكساب الطفل لغته الأم وغرسها فيه هو التركيز على مرحلة الطفولة.
كل هذا أردت أن أغيره، نعم، أقول هذا بلا مواربة وبكل تصميم. من رحم هذه الفكرة ولدت ‹دار المنى›. ولأني لمستُ نقصا في الكتب العربية الموجهة للأطفال لما أسست الدار في مطلع الثمانينات، ولدت مع الدار فكرة نقل الثروة الأدبية السويدية إلى العربية. جاء هذا لاقتناعي الكامل أنه ينبغي أن يكون الطفل على علاقة حميمة مع اللغة والكتاب من يومه الأول في عمره.
وهي تعتمد كما تقول في اختيارها للكتاب على «الحدس» أو «الحاسة السادسة»، أقرأ الكتاب قبل ترجمته، ولا نلجأ للترجة الحرفية ، بل نذهب إلى روح الحكاية، ونسعى ليتوفر في العكتاب المستوى العالمي والحرفي.
مشاريع لنشر الثقافة العربية
تقول إن ترجمة الكتب كانت بإمضاء علامات في الثقافة العربية ، ومنهم: د. حياة عطية الحويك، د. وليد سيف، د. سكينة إبراهيم، وعلاء أبو زينة وخلال اطلاعها على الثقافة الغربية ومعايشتها تختار الكتب التي تترك أصداء في الحضارات، ومنها كتب المؤلفة أستريد ليندجرين، ومنها:» راسموس والمتشرد، إميل في لنبريا، زيزفونتي تعزف» التي ترجمت إلى مئة لغة، ومع أنها لم تترجم للغة السويدية سوى محمود درويش إلا أنها تخطط لمشاريع لفتح آفاق للثقافة العربية باللغات الحية.
من إصدارات «المنى»: «الولد الذي عاش مع النعام» لمونيكا زاك، «فارس المعبد» لأندريا هيرتا، وكتاب «جوستاين غاردر.. أسئلة وتساؤلات»، وهو كتاب يعاين الأسئلة التي تشكل وعي الطفل»، وتقول زريقات «ميزة الكتاب الذي اختاره، فضلاً عن رسالته الإنسانية، وبعض منها فاز بجائزة نوبل، فإنني أختاره ليناسب كل المستويات في التلقي، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يقرأ «عالم صوفي الفتيات والكبار».
عودة الحلم
تقول إن دار المنى في عمان أعاد لها حلما، فهي تعشق العروبة وثقافتها، وتشعر أنها لبت نداء روح والدها الذي زرع فيها حب العروبة، وهي ليست مكتبة، فحسب، بل مركز ودار للثقافة في عمان القديمة، في منطقة شعبية، معربة عن إيمانها أننا لا يمكن أن نحقق التقدم إلا بالارتقاء بوعي الناس وثقافتهم، ولا يمكن مواجهة الثقافة العدمية إلا بالمعرفة»..
منى زريقات التي حصلت على بكالوريوس الصيدلة، وحصلت على جائزة المرأة السويدية عام 2013 تقول نحن الآن أحوج ما نكون للثقافة، وما يجري يكشف عدم اهتمام الحكومات بالوعي والتنوير ، ولم ينته للإنسان العربي البسيط ، وهذا ما أدى إلى وجود تشوهات، وللأسف كلما عدت أرى الضف باللغة والثقافة ، وهذا يضعف الهوية العربية ، واللغة هي هويتنا.
ترميم العقل بالوعي
تؤكد أننا نحتاج إلى إعادة بناء مددننا، وترميم العقل، أنا محظوظة أنني عملت بالثقافة، لأنها علاج روحي، وما كان لي أن أعيش بالغرب لولا تمسكي بثقافتي ، والثقافة هي التي ساعدتني في الغربة.
والثقافة هي التي حملتني للعودة إلى بلدي، ولطفولتي لأشيّد المركز الثقافي كفضاء للمثقفين في المكان الذي ولدت فيه، واسترجع صوت والدي حينما كان يقرأ الشعر والمعلقات، ويتحدث بحماسة عن الأحلام القومية، وأقول لا يمكن إعادة عقارب الساعة للوراء، لكن المؤمن بقدرته يستطيع.