طرابلس تحتفل بإخراج «الأثر الشريف»

الجسرة الثقافية الالكترونية

*غسان ريفي

 

تسابق أبناء طرابلس والشمال، يوم أمس، إلى الجامع المنصوري الكبير بعد صلاتيّ الفجر والعصر، لزيارة «الأثر الشريف» الذي يتمّ إخراجه في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان، ليتبارك المؤمنون فيه على وقع الابتهالات والمدائح النبوية، وذلك في تقليد إسلاميّ تاريخيّ لا تزال طرابلس تحافظ عليه، وتنفرد به عن سائر المدن، خصوصاً بعدما خصَّها السلطان عبد الحميد الثاني بهذا «الأثر».

ما هو «الأثر الشريف» وكيف وصل إلى طرابلس؟

في العام 1889، وصلت فرقاطة عسكريَّة عثمانيَّة إلى الميناء بقيادة خالص باشا. حينها، كانت تحمل هدية السلطان عبد الحميد الثاني إلى طرابلس، وهي عبارة عن شعرة من لحية النبي محمد، وذلك لمناسبة إعادة ترميم المسجد «التفاحي» في حيّ النصارى في الزاهرية، والذي أطلق عليه في ما بعد اسم «الحميدي» تيمناً باسم السلطان العثماني.

وخرجت حينها المدينة بشيبها وشبابها لاستقبال «الأثر الشريف»، يتقدمّهم المشايخ والعلماء. وعمَّت الأفراح أرجاء المدينة لأكثر من أسبوع، حيث أُقيمت الموالد في سائر المساجد، كما أقيمت حلقات الذكر احتفالاً بتخصيص السلطنة العثمانية طرابلس بأثر نبويّ.

وبما أنَّ المسجد «التفاحي» كان خارج أسوار المدينة القديمة، وكان العلماء يخشون على الأثر من السرقة، اقترح مشايخ ووجهاء طرابلس، في مقدمتهم الشيخ علي الميقاتي، نقل «الأثر الشريف» إلى الخلوة الميقاتية في الجامع المنصوري الكبير، والتي كانت تُستخدم لمواقيت الصلاة وقراءة القرآن وتحفيظه. وقد استقر الرأي على ذلك، وباتت الخلوة الميقاتية تعرف بغرفة «الأثر الشريف»، وبات الوالي ووجهاء وأعيان المدينة يصلّون فيها في الأعياد والمناسبات.

منذ وصول «الأثر الشريف» إلى طرابلس، يقوم بخدمته وإخراجه للمؤمنين في كل عام، مشايخ من آل الميقاتي، العائلة التي خرَّجت مفتيين وعشرات العلماء، وارتبط اسمها بالجامع المنصوري الكبير، وبضبط مواقيت الصلاة في طرابلس، وذلك منذ عهد المماليك عندما استقدم المنصور قلاوون بعد الانتهاء من بناء الجامع المنصوري عالماً فلكياً من مصر يدعى الشيخ محمد الميقاتي وعهد إليه مهمة ضبط مواقيت الصلاة، واستمر في عمله سنوات عدة حتى توفي ودفن في إحدى غرف الجامع، وتولت ذريته هذه المهمة واستمرت فيها حتى الأمس القريب من خلال الشيخين ناصر وصالح الميقاتي آخر موقتي طرابلس.

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى