عبدالله الهدية: الحياة كانت في الهواء الطلق

الجسرة الثقافية الالكترونية-الخليج-

يظل شهر رمضان علامة بارزة في ذاكرة أي منا، لما له من خصوصية عميقة، من الناحية النفسية، أو الرمزية، أو النفسية، لاسيما أنه بمثابة محطة للتواصل في أجمل صوره المتألقة، على الصعد كلها، ليس عبر أجنحة الروحانيات وحدها، وإنما مع الناس من حولنا أيضاً .

الشاعر الإماراتي عبدالله الهدية أحد هؤلاء الكتاب الذين كتبوا لهذا الشهر الفضيل، ولما يزالو يكتبون، بل وله طقوسه الخاصة التي يتفاعل خلالها مع هذا الشريط الزمني .

يقول: أجمل ما في رمضان تلك الأيام، ذلك الزمن الجميل، ومن تلك الروحانيات التي كنا نستشعر بها ونحن صغار من نواح عدة: الآباء، الأمهات، فقد كانت لهم طقوس مختلفة في رمضان من حيث العبادة، والتواصل الاجتماعي الأكثر صلة من الأيام الأخرى .

ما كنّا نصوم من الصبح إلى الظهر، وكانت تلك تدريباتنا الأولى، من حيث لا نعلم على الصوم، على تلك الألفة . عند المغرب كنت تبصر تلك التجمعات، ذلك التوادد المتميز عن سائر أشهر السنة،الحكايات التي كنا نسمعها، الصلاة الجماعية التي يتم استئناف هذه الطقوس بعدها حتى صلاة العشاء والتراويح، كي تستمر بعدها أيضاً،إذ كل يجود بما لديه، إنها شراكة من نوع جميل .

ويحاول استذكار طبيعة تلك التجمعات المؤنسة، فيقول: الرجال كانوا يجتمعون عادة في الهواء الطلق، بينما النساء كن يجتمعن في أحد المنازل، بينما يتخذ الأطفال أمكنتهم في إحدى الزوايا إلى جانب الرجال .

وعن ألعاب الأطفال، يقول:بعد صلاة التراويح كنا ننصرف إلى اللعب، ألعابنا كانت بسيطة، إنها ما يتوافر بين أيدينا من ألعاب تقليدية بسيطة، منها ما كنا نصنعه بأنفسنا: كرات وسيارات، ولطالما قمنا ب”تدوير” المواد المهملة نصنع منها أدوات اللعب، وكأننا كنا نصوغ الزمن كله في شكل لعبة .

وعن الأطعمة التي كانت سائدة آنذاك، يقول: في مطلع قائمة المأكولات التي كانت تعد ونتناولها، بكثرة، وعلى نطاق واسع: الهريس- الثريد-الرز . .وغيرها من الأطعمة الإماراتية التقليدية . وتابع قائلاً: بصراحة، اللحم كان يقدم لمرات قليلة على امتداد الشهر، كان حاضراً في الأعياد، وعند قدوم الضيوف، أما فيما عدا ذلك فلم يكن متوافراً بالشكل اليومي الذي نجده الآن مثلاً .

وعن قراءاته الطفلية في رمضان يقول:أتذكر، استطعت أن أحصل على ثلاثة مجلدات من سيرة عنترة، وبعض أشعاره، وأشعار سواه، وكان ذلك بمثابة تحفة كبيرة حصلت عليها، ولها تأثيرها الكبير في شخصيتي، أضف إلى ذلك مجلة “العربي” الكويتية كنت أحصل عليها، وأقرؤها، باستمرار، وهي الأخرى أفادتني إلى حد بعيد، إلى أن توافرت لي سبل تأمين وسائل القراءة اللازمة .

وحول كتاباته الرمضانية يقول: أتوقف عن الكتابة المتواصلة في شهر رمضان ماعدا حالات طفيفة، فيما يخص بعض المقطوعات الإيمانية، حيث هناك جوانب اجتماعية تأخذني بعيداً عن الشعر، إلى جانب متابعة الإنترنت فيما تيسر من وقت لمتابعة ما هو مستجد وكتابة بعض النصوص القصيرة في شبكة التواصل الاجتماعي، من دون أن أنقطع عن القراءة التي لا غنى عنها فيما يتعلق بالتاريخ النفسي .

وعن التحولات الرمضانية بين الأمس واليوم، يقول: التحولات هائلة، لاسيما على صعيد العلاقات الاجتماعية، فالمسلسلات التلفزيونية باتت تستقطب الناس، حيث كل ينهي صلاته في المسجد ليسرع بالعودة إلى منزله يتابع المسلسل الذي يستهويه، وهنا كما تعلم الأمر اختلف عن الماضي، حيث كان الحي يضج بالحياة والحركة بعد صلاة التراويح، يتنقل الناس من بيت إلى بيت إلى موعد السحور، كي يعود كل بعد ذلك إلى منزله .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى