عصا فوتوشوب السحريّة تتحدّى الواقع والحرّ

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

 

مصطفى فتحي

 

غرفة لطفلة مشرّدة، سرير لطفل ينام بين المقابر، وطريق نظيفة بدلاً عن تلك المغمورة بالقمامة.. يعجز المصمّم المصري أحمد توني (22 عاماً) عن تغيير الواقع، أو عن تقديم المساعدة لأطفال الشوارع في مصر، لذلك يلجأ إلى تعديل صورهم بواسطة فوتوشوب، كمحاولة للتعويض عن أحلامه بعالم أفضل.

يبحث توني عن صور لأطفال في ظروف صعبة، ويعدّلها. على صورة لطفلتين مشرّدتين تجمعان القمامة في كيسٍ من الخيش، يضيف توني مساحات من العشب الأخضر مكان القمامة، ويحوّل كيس الخيش إلى كيس يشبه جعبة بابا نويل، المليئة بالألعاب والهدايا. على صورة أخرى لثلاث تلميذات يحملن حقائبهنّ باتجاه المدرسة، يعدّل توني محيطهنّ، ويحوّله من مكان مليء بالأوساخ والقمامة، إلى طريق مشرق بعمارة متناسقة. في صورة أخرى، يحوّل المقبرة حيث تعيش طفلة لا تتجاوز العاشرة، إلى غرفة نوم ملوّنة، ونظيفة، وآمنة.

يقول توني لـ «السفير» إنّه لا يمتلك عصاً سحرية لتغيير أوضاع الأطفال في مصر والعالم، لكنه يمتلك مهارة التصميم عبر فوتوشوب. «لقد اعتدنا على القبح، أصبحت الناس تنظر إلى أطفال الشوارع وسط مقالب القمامة وكأنّ ذلك وضع طبيعيّ. أردت عبر فوتوشوب أن أقول للناس لا، الوضع غير طبيعي، ويجب أن نفكر في تعديله».

إلى جانب البحث عن تحسين أوضاع اجتماعيّة تعجز الحكومات عن حلّها، قرّر توني أن يواجه الطقس بواسطة فوتوشوب أيضاً. فمع ارتفاع درجة الحرارة غير المسبوق الذي تعيشه مصر هذه الأيام، عدّل صورةً لميدان التحرير في القاهرة، وأضاف إليها مظلّة كبيرة تحمي الناس من أشعّة الشمس. وفي صورة أخرى، حول برج القاهرة لمروحة كبيرة، كما عدل صورة تمثال سعد زغلول وسط القاهرة (للنحات الشهير محمود مختار)، ليظهر التمثال ممسكاً بمظلّة كبيرة، يحتمي بها من حرارة الجو.

يقول توني: «منذ فترة طويلة أحلم بأن يكون لي دور ولو بسيط، في تغيير الواقع القبيح في مصر. ولأن الواقع أصعب من أن يستطيع شخص واحد تغييره، قررت أن أحول حلمي لحقيقة عن طريق فوتوشوب. أبحث عن صور على الإنترنت توثق لكل الظروف الصعبة وأعدلها، وأجعل الناس ترى التعديلات وتشاركني الرغبة في التغيير. اخترت نشر الأعمال المعدّلة على «فايسبوك» لأنّ تأثيره بات أقوى بكثير من المدوّنات، ونشرتها أيضاً على أحد المواقع المخصصة للمصمّمين Behance.net».

بالرغم من أنّ لمسات توني في التصميم ما زالت تحتاج إلى تطوير، إلا أنّ فكرة صوره الباحثة عن عالم أفضل ولو بالخيال، نالت إعجاب عدد من المستخدمين المصريين على «فايسبوك»، فتبادلوها بكثافة. يقول توني: «قوبلت الصور بتفاعل ايجابي من مستخدمي «فايسبوك»، ورغم بساطة الفكرة لكني اشعر أنها ستجعل الناس تعيد التفكير في أوضاع الأطفال لأنهم شاهدوا الفرق بين الواقع الصعب وبين ما يفترض أن يحدث».

ليس أحمد توني أوّل من يستخدم الفوتوشوب في مصر خلال السنوات الأخيرة، لابتكار واقع معدّل. فبعد «ثورة يناير» ظهرت عدّة صفحات على مواقع التواصل، مبنيّة على تعديل الصور، وإضافة تعليقات على المسلسلات والأفلام والإعلانات، للسخرية من التحوّلات السياسيّة والاجتماعيّة. من أكثر الصفحات التي نالت رواجاً في هذا المجال خلال السنوات الخمس الماضية، صفحة شخصيّة «أساحبي» التي بات لها عدة صفحات خاصة، إلى جانب خط قمصان تباع في متاجر الألبسة.

 

 

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى