ليالي السينما الإماراتية.. جماليات تحتفي بالموروث ونبض الواقع

الجسرة الثقافية الإلكترونية
المصدر: الرأي
تنطلق ليالي السينما الإماراتية التي تنظمها مؤسسة عبد الحميد شومان، السابعة مساء يوم غد الأحد حيث تتواصل على مدى ثلاثة أيام في صالة سينما الرينبو بجبل عمان.
تضم الإحتفالية ثلاثة من بين الأفلام الروائية والتسجيلية الطويلة المنجزة حديثاً في دولة الإمارات العربية المتحدة هي: (ظل البحر) للمخرج نواف الجناحي و(من ألف إلى ياء) للمخرج علي مصطفى.
وتعقد ضمن الليالي ورشة بعنوان (الفيلم الوثائقي ما بين البحث والمعالجة الفنية الشعرية) بمشاركة المخرجة نجوم الغانم ضيفة الفعاليات حيث ستشارك حضور الاحتفالية وزميلها المخرج نواف الجناحي النقاش الذي سيعقب عروض الأفلام.
تتيح الأفلام الثلاثة للمتلقي الأردني خاصة من بين المهتمين وعشاق الفن السابع، فرصة الإطلاع على أبرز سمات السينما الجديدة التي باتت تنجز في دولة الامارات العربية المتحدة، حيث وقع الإختيار على ثلاثة نماذج، هي بالفعل من أبرز علامات الإبداع السينمائي في تلك البيئة، سواء من خلال ما تنطوي عليه من إشارات ودلالات بليغة أو من ناحية ما تفيض به من مفردات في جماليات اللغة السينمائية.
تمتلك المخرجة نجوم الغانم حضورها اللافت في الحياة الثقافية بالإمارات وخاصة في ميدان صناعة الفيلم التسجيلي، فهي قدمت في هذا الإطار جملة من الأعمال الناجحة من بينها فيلم (صوت البحر) الذي اشتغلت عليه في الكتابة والإخرج والإنتاج وجرى تصويره في إمارة أم القيوين، وضم خمس شخصيات جميعهم من الرجال حيث تدور وقائعه حول الموروث الغنائي في البيئة البحرية وعالم الصيادين.
يشير الفيلم طيلة ساعة ونصف الى تلك المناخات الصعبة والعذبة في علاقة افراد وجماعات مع البحر، وتاتي قيمة العمل الفكرية والجمالية انه مجبول بالموسيقى والشعر وبوع فطن آت من قصص وحكايات البحارة وأمالهم والامهم.
اثارت مجموعة الافلام القصيرة والتسجيلية المتباينة الطول التي حققتها الشاعرة / المخرجة الاماراتية نجوم الغانم اصداء لافتة من الاعجاب والجدل، والتي جالت في العديد من ملتقيات ومهرجانات السينما العربية والعالمية وهي تحصد ثناء المشاهدين وجوائز التقدير وثناء النقاد، كان آخرها الجائز الرفيعة المهر الذهبي لافضل فيلم تسجيلي في مهرجان دبي السينمائي الدولي الفائت عن فيلمها المعنون ( سماء قريبة) ، وهو يحتشد بتلك التفاصيل العذبة العالقة في الموروث الثقافي لبيئة اجتماعية تحفر خصوصيتها في التوازن بين الأصالة والحداثة..
لم تكن الغانم الحاصلة على شهادة جامعية اولى في حقل الإنتاج والإخراج من جامعة أوهايو بالولايات المتحدة الاميركية العام 1996، وأيضا على شهادة الماجستير في الإخراج السينمائي من جامعة في أستراليا العام 1999، وحيدة داخل عوالم صناعة الأفلام بدولة الإمارات، بل ان تجربتها نمت وتطورت بفعل ما كانت تشهده بيئتها الثقافية والاجتماعية من تنامي حراك في مجال الصورة وعالم صناعة الأفلام، حيث تبوأت فيها مكانة متقدمة على صعيد جمالي وفكري لإتكائها على مخيلة رحبة مستمدة من عالم الأدب والقصيدة الشعرية تحديداً.
ويتتبع الفيلم الروائي (من الى ياء) الذي يمثل احدث ما وصلت اليه صناعة الافلام في الامارات من حرفية انتاجية رفيعة المستوى، باسلوبية افلام الطريق، خطى ثلاثة اصدقاء في الطريق البري الواصل بين الامارات ولبنان، عن طريق مرورهم بالسعودية والاردن وسوريا.
بانت فيه الفيلم الكثير من جماليات المكان الاردني التي تحتل جزءا واسعا من الاحداث التي تسرد حكاية الفيلم البسيطة الآخذة في الاتساع لتتصدى لواقع عربي مليء بالمشكلات السياسية والاجتماعية.
ويطرح عرض الفيلم الروائي (ظل البحر) لمخرجه الشاب نواف الجناحي، الذي يستهل عروض الأحتفالية، قضايا عديدة حول المستوى الذي وصلت إليه صناعة الافلام الروائية في منطقة الخليج بوصفه أول عمل إماراتي طويل تنتجه شركة إيمج نيشن أبوظبي التي شاركت في العديد من نتاجات السينما العالمية.
يأتي الفيلم عقب عامين من انجاز المخرج لفيلمه الروائي الطويل الاول المعنون (الدائرة) والذي اعتبر من قبل النقاد نقطة تحول في مسار السينما الاماراتية، وشارك فيه بالعديد من المهرجانات السينمائية العربية والعالمية، ثم اعقبته افلام متنوعة لاقرانه من المخرجين والمخرجات في دولة الامارات العربية، والتي حازت اعجابا نقدياً وحضورا واسعا من رواد صالات السوق السينمائية.
وتدور أحداث فيلم (ظل البحر) في واحد من الأحياء الشعبية في رأس الخيمة، حيث العادات والتقاليد والثقافة المحلية تجعل من التعبير عن المشاعر بحرّية أمراً صعباً، ويغوص في قصة مراهقين في رحلتهما لاكتشاف الذات وسط أجواء عائلية وقيم متباينة.
حظي الفيلم باحتفاء واسع من قبل النقاد والحضور المتنوع الثقافات على حد سواء، حيث اعتبر الناقد السينمائي المصري سمير فريد المخرج نواف الجناحي من أهم رواد السينما في الخليج، ووصف الناقد السينمائي الإماراتي إبراهيم الملا الفيلم بأنه هدية سينمائية للإمارات، واشاد الناقد البريطاني مارك ادامز بالأدوار التمثيلية في الفيلم التي جاءت اشبه بالسحر، في حين أعتبر المخرج السينمائي الإماراتي عبدالله حسن أحمد انه رأى بالفيلم رأس الخيمة التي يعرفها.