الفنانة فاطمة وشاي: السينما المغربية هدفها إفساد الذوق وإشاعة الانحلال وهناك من يتقاضى أجراً مقابل ذلك

الجسرة الثقافية الالكترونية
*فاطمة بوغنبور
المصدر / القدس العربي
تلبس شخصياتها بتقمص شديد فتبدو وكأن الدور فصل على مقاسها تماما. أحبها الجمهور من خلال عدة أعمال تلفزيونية كـ»دواير الزمان» و«احديدان» و«رمانة وبرطال» متواجدة أيضا سينمائيا وعلى الركح. غير أنها فنانة تشذ عن قاعدة الصمت وشعارات «العام زين» فهي معروفة أيضا بوضوحها وجرأتها ومواقفها الصداحة. يتبادل رواد مواقع التواصل الاجتماعي المغاربة بكثير من الإعجاب والنشر فيديوهات تعبر فيها صراحة عن قضايا فنية وسياسية بكثير من الجرأة والوضوح. وما لا يعرفه الكثير من جمهورها أنها ورثت «لوثة» الجهر بالحق، كما تقول من والدها وعائلتها المناضلة. ما لا يعرفه جمهورها أيضا أنها شاعرة وفنانة تشكيلية وقارئة نهمة.
■ لك مواقف قوية في سلوكات مجتمعية وقضايا فنية وسياسية؟
□ كل إنسان هو سلوك وموقف ورأي، ورأيي دائما كان ضد الفساد أيا كان نوعه وضد كل التجاوزات الهدامة لقيمنا المجتمعية الأصيلة. كلما رأيت سلوكا أو ظاهرة تحيد عن الصواب وعن أصالتنا المغربية إلا وتكلمت بأعلى صوت فالساكت عن الحق شيطان أخرس، ولا أخشى في ذلك لومة لائم..
■ جزء من انتقاداتك موجهة للسينما؟
□ السينما المغربية للأسف في العشرية الأخيرة اشتغلت وفق إيديولوجيات هدفها الوحيد تخريب المجتمع بقيم دخيلة هدفها إفساد الذوق وإشاعة الانحلال الخلقي دون الاهتمام بقضايا وهموم المواطن المغربي البسيط والعميق إلا من استثناءات قليلة لا أدري كيف شذت عن السائد، لكني مع ذلك متفائلة بالنفس الجديد الذي يعرفه المركز السينمائي المغربي بعد تعيين إدارة جديدة فربما سيكون تغيير نحو الأفضل نسترجع معه بعض ما خسرناه وافتقدناه خلال السنوات الماضية.
لكن السينما المغربية مع ما تقولينه فرضت نفسها عالميا وتفوقت عربيا في مهرجانات وتظاهرات فنية عالمية؟
هم يكافئونها فقط على التوجه والإيديولوجية، التي أريد لها الاشتغال وفقها. هو توجه صهيوني علماني يشجع الكلام المبتذل واللغة السوقية والمشاهد الفاحشة بهدف إفساد الشباب والذوق العام وهي جرأة على القيم والأخلاق، فالشاب أصبح حين يدخل قاعة سينما يخرج بعدها وكأنه قد التقط فيروس ينخر بداخله مبادئ الاحترام والأخلاق. أقولها وأتحمل مسؤوليتي هي سياسة مقصودة وهناك من يتقاضى أجرا مقابل إفساد الأوضاع وتخريب الشباب عن طريق السينما والصورة الأكثر تأثيرا في عملية بناء شخصية الأجيال الجديدة.
■ ألم تسبب آراؤك انحسارا أو تراجعا من طرف المخرجين في التعامل فنيا معك؟
□ أنا أساسا لا رغبة لي في التعامل مع تلك العينة التي سيزعجها رأيي فتوجهي مخالف لخططهم. لا رغبة لي في التواجد في أفلام فارغة المحتوى إلا من قلة الأدب والوقاحة الأخلاقية، اختار أدواري بدقة تلك التي تلامس قضايا المجتمع المغربي والمواطن المغلوب على أمره بمشاكله وهمومه اليومية والمعيشية فهناك شرفاء في الميدان لهم غيرة ومبادئ وهم من يشرفني التعامل معهم وحضوري لم يثأتر فأنا متواجدة سواء سينمائيا أو تلفزيونيا.
في رأي هؤلاء السينما جرأة واستعمال لغة الواقع دون تجميل ومساحيق أخلاقية: الجرأة أن تقول لا للفساد الإداري والسياسي، الجرأة الحقيقية أن تعري قضايا نهب المال العام والرشوة والمحسوبية أن تنصف المواطن الفقير الأمي الجاهل والذي لا يملك قوت يومه، الجرأة أن تكشف كل من افترس الوطن وسرقه ونهبه. الجرأة أن تقول لا للاستبداد والظلم بكل أنواعه. هم فقط لأنهم غير قادرين على تخطي الخطوط الحمراء وغير قادرين على النبش في قضايا هامة ومصيرية كهذه يعرضون جرأتهم في العري والقبلات الرخيصة المجانية ومشاهد غير أخلاقية، ثم إن السينما هي فن الارتقاء بالذوق هي شيء نبيل وراق جدا.
إضافة إلى الإيديولوجيات الخارجية التي تستهدف ضرب قيمنا، جل المشرفين على السينما هم وسطاء وأصحاب أموال لا علاقة لهم بالفن، لهذا علينا أن نتوفر على إرادة تغيير حقيقية للضرب بيد من حديد على من يتطفل على ميدان هو عامل مهم في بناء الذائقة الفنية والأخلاقية للأجيال.
■ الراحل محمد البسطاوي قال في حوار مع «القدس العربي» إن في حلقه غصة حول تاريخ المغرب الغني بالشخصيات التاريخية التي لم تكتشف سينمائيا وتلفزيونيا؟
□ هي غصة حد الاختناق فجل من بيده السينما الآن في المغرب ليست لهم ثقافة مغربية ولا يحملون هم المغربي البسيط وفاقد الشيء لا يعطيه فجلهم درس وتدرب في الغرب ويطبق قيم الغرب وما شاهده في المجتمعات الغربية سينمائيا فهو غير أهل للبحث في التاريخ المغربي أو لفهم كنه شخصية مواطن المغرب العميق. هناك أيضا من اغتنى بالفن والفن في قبضة الأثرياء وليس المثقفين.
■ يجمع الكثير من الفنانين والمهتمين بالمجال الفني في المغربي أن الأزمة أيضا أزمة كتابة وسيناريو؟
□ لا أتفق مع هذا القول الأزمة هي أزمة «جدية» هناك سيناريوهات جيدة لا تقبل وتركن في الرفوف. مقابل مرور سيناريوهات أخرى بسلاسة ويسر. هناك عوامل تحول دون مرور الجيد ما زال منطق «أباك صاحبي» أي الزبونية والمحسوبية هو الذي يشتغل. حين نتوفر على الجدية والشفافية سنكتشف طاقات ومواهب كثيرة في الكتابة لا تمنحها فرص الظهور.
■ نلاحظ قلة حضورك في «السيتكومات» والأعمال الرمضانية التلفزيونية المثيرة للجدل والانتقادات؟
□ لأني أدقق في اختيار الأعمال الفنية مع أن وضعي الاجتماعي لا يسمح لي كثيرا بالاختيار لأني مسؤولة عن أسرة من خمسة أفراد ومع ذلك يهمني أكثر أن أحافظ على صورتي واحترامي وصورة وطني وقيم مجتمعي. مع إني مثلت مثلا دور «شيخة» أي مغنية وراقصة شعبية. لكن برقي وبدون ابتذال لأني أناقش المخرج وأعطي رأيي بما يتوافق ومبادئي.
■ شخصيات تحلمين بأدائها؟
□ الشخصية المغربية بكل أبعادها النفسية والاجتماعية خصوصا الشخصية البسيطة في حياتها والقوية في مواقفها. أما الأسماء التاريخية فهي كثيرة منها أسماء طبعت تاريخ المقاومة ولو كنت أصغر قليلا لقلت دور «ثريا الشاوي»