لا أحد يحب الفتاة التي تربي …..للأردنية تغريد أبو شاور

الجسرة الثقافية الالكترونية-خاص

كان يوما مفاجئا بمطره ،من أيام الصيف ، لما كانت ليزا في التاسعة من عمرها، و يوم عرس سارة بنت الجيران…

تقول ليزا، عدنا في المساء من عرس سارة ،و أنا أتحدث مع أمي بفرح طفولي عن فستان عرسي، الذي سيفوق جمال فستان سارة، و طرحتي التي ستكون من “الدانتيل” الفاخر، و أما طوق شعري سأجعله وردا أحمر مشكوكا بغصن أخضر رهيف من شجر الليمون ..

أتذكر ابتسامات أمي لي، و أتذكر ما قالته لي،سأزوجك رجلأ جميلا، و ستكونين أميرته دائما، سأشعل الشمع يا ليزا أمام البيت و على النوافد مدة أسبوع كامل…

سأجتهد كثيرا في تصنيع العطر الفاخر لك، سأضطر لأجلك يا ليزا أن أطلب من سميرة الجلفة باقات من الياسمين المنثور في حديقتها و لا تشغل لها بالا.

قبضت على يد أمي،ليس خوفا من عتمة الطريق إلى البيت، لأن سارة حددت موعد عرسها عندما يكتمل القمر؛ لاعتقادها أن تمام القمر سيجلب فالا حسنا إلى زواجها.

كنت لا زلت أمضغ حصة أمي من الحلوى، التي وزعت علينا في العرس لما تعثرت قدمي بشيء طري ،و انقلبت أمامه على وجهي، عندها برق ضوء في وجهي، و سمعت أنة تشبه المواء،العواء،لم أكن قادرة بالضبط على تحديدها.

سارعت أمي لمساعدتي بالوقوف، و رأب خوفي بضمة كبيرة، لكن الضوء برق في عيني أمي أيضا،فصرخت

ربي،ما هذا ؟؟

تضاعف صوت الأنين، الذي دفعنا إلى أن نعود إليه بعد اطمئناننا أنه صوت ضعيف..

اقتربنا منه.. خطوتين، صرنا قريبتين على بعد خطوة

لما تململ الجسد الصغير أمامنا، و توضح تحت ضوء القمر بعضا من هيئته، التي دلت على أنه جرو صغير منهك أخذ يتلمس بقدمي، و يلعق يدي التي حطت على رأسه

أمي التي تحب الحيوانات على حد قولها أكثر من جارتنا سميرة و من جارات أخريات، احتضنت الجرو، و دون طلب مني حملته بين ذراعيها الى البيت.

عند وصولنا إلى البيت كانت الكهرباء كعادتها في مثل هذا الوقت، مقطوعة، وما تبقى من ضوء لا يزيد عن آخر شمعة ذائبة، و لسوء حظنا، أن والدي تأخر في المدينة لإنهاء أعمال أهل القرية..

أضاءت أمي الشمعة المنهكة و بريق عيني الجرو ساعدتنا على أن نكتشف أنه تعرض لركلات في بطنه و ربما كسر في أحد أقدامه ..

قدمت أمي له شيئا من الحليب لم يقترب منه! و و ضعت له ضمادا خفيفا، و أخبرتني أنه لا داعي للقلق،سينام إلى أن يأتي والدي في الصباح ، فينظر في أمره! قد يسمح لك ان تربيه فتأخذيه إلى بيتك مستقبلا،ومضت أمي ضاحكة تحضر سريري للنوم و أنا أمسد ظهر الجرو،

و أسأل أمي عن أسنان الجراء،

لكن أمي لم تسمع سؤالي.

في منتصف الليل، الذي اكتمل فيه القمر، فكرت في سارة التي ستنتقل إلى بيت جديد مكتمل على أطراف القرية مع زوج مكتمل،لعمر كامل…كما الليلة التي اختارت لزفافها!

و نمت بانتظار والدي،و انتظار الحلوى التي سيوزع المزيد منها أمام بيت العريس صباحا.

في أول الفجر.. صحونا على طرق خفيف للباب، كان أبي قد عاد إلى البيت معثر الملابس، مبعثر الشعر،شاحب الوجه.

الهيئة التي دفعت إلى تلاحق أنفاس أمي، و تكرار السؤال عليه، قبل أن يصل إلى طاولة المطبخ،

وبصوت خفيض أخبرها أن جماعة من الذئاب حلقت عربة العروسين -سارة و زوجها- و نالت من وجه سارة و كتف عريسها إلى أن وصلت، وبدأت أصرخ، ويصرخ من معي حتى استفاق أهل القرية فخلصوهما بالنار من بين أنياب الذئاب ، الذي تبين أنها أضاعت أحد جرائها!

شهقت أمي بصوت، و عدت مسرعة نحو المطبخ و نحن نعدو خلفها، و هي تتفرس في وجه الجرو الصغير

و تبحث عن حل في عيون والدي، دون أي حديث وبسرعة غير مبررة لي حمل والدي الجرو الصغير و ركض بعيدا،مرتجفا نحو الباب وأنا مشدوهة أشد بقدمه إلى أن سقط منديل سارة المهشم على الأرض، أمسكت أمي به و بي ، و رفعت رأسي على كتفها محاولة أن تخفض صوت بكائي ،و بصوت مرتجف

أخبرتني بأن لا أحد سيتزوج الفتاة التي تربي ذئبا في بيتها…!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى