الأختان .. قصة للمصري كريم السعيدي

الجسرة الثقافية الالكترونية-خاص-

امسكت ذراع اختها الكبرى بكلتا راحتيها، تتحسسهما بانتظام وتير، كأن ايقاعا ينفذ من حركاتهما فينقل لحنا تغنيه الأولى وتنتشي به الثانية.
تحدق الصغرى في جهة غير معلومة لا تكل ولا تمل منها، تنظر الى ما يشبه نقطة عليا في زرقة السماء، وعلى وجهها ابتسامة لا تفارق فمها ولا تعرف رسمها أو التحكم في تشكيلها ، تسأل اختها:
– هل هناك قوم كثيرون على الشاطئ؟
فتلتفت الأخرى، تتفحص، ثم تجيب:
– نعم، كثيرون
ولا تكاد تنهي اجابتها حتى تتلقف سؤالا آخر، ويدها أسيرة راحة الاخرى:
– كم عددهم؟
فتجيب بابتسام:
– أكثر من الاعداد
فتقهقه الصغرى بنشوة مجنونة.
تهادت خطوات الكبرى بين رمال الشاطئ، تفحص سبيلها، دون أن تفترق الأيادي، وهناك، عند حدود البحر، عند تلك النقطة التي تفصل بين الماء واليابسة، وقفتا، تستنشقان نسيما يتلاعب لاهيا على بشرتيهما، بصمتٍ وقورٍ ونشوة جلية، تبلل أصابع اقدامهما رؤوس أمواج منهكة.
لم تحسب واحدة منهما كم من الوقت مضى قبل أن تلقي الصغيرة برأسها على كتف الكبرى، متنهدة بارتياح وحبور، لتهمس بوقار ودعابة معًا:
– اُدرِك البحر من رائحته، ومن صوتِك وكلماتك، كما أدركت معك معنى السماء والورود والألوان والاشياء، لا زلت صغيرتك التي تبلغ من العمر ستين عاما، ولا زلت أنت بصري وبصيرتي
ثم غابا في عناق طويل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى