مشهد على لسان جثة.. للكاتبة مسيد المومني

الجسرة الثقافية الإلكترونية-خاص-

الوطن المتهالك المنهال داخلك حد التراكم ، يتيح للاختناق مساحة لا بأس بها لينمو ويتسع فتفقد القدرة على التنفس أو الكلام بفعل صدمة، يبدأ البرد باكتساح أطرافك، يبث الخدر لباقي جسدك يتبعها شلل ومن ثم تطبق جدران المحيط حولك عليك بقوة كأنك في رحم مهما حاولت أن تولد منه ضاق عليك أكثر، لا مخرج، لا حبل سري يغذيك، لا نافذة تسرب الهواء إليك والانهيار كنتيجة لما سبق حتمي لا مفر منه.
الأشلاء المتطايرة من حولي، ومعها كفي وطبقة علوية من كتفي لم تدع لي مجالا للالتفات لأستطلع ما جرى.
الهدوء الغريب الذي لفتت إنتباهي له صديقتي في الشارع رغم الازدحام المروري ينبّئ بكارثة.
– خيالك خصب هذا الصباح .
– كوني جدّية لمرة واحدة في حياتك، الأوضاع الأمنية غير مستقرة هنا والجميع مستهدف حتى أسراب الحمام في السماء.
– “بلشنا آكشن !!”
– حاستي لا تخيب، عجّلي الخطى لعلنا ننقذ أرواحنا البائسة.
– لن تطير أرواحنا في الهواء يا عزيزتي، لا تقلقي.
وميض أحمر قوي، صوت هادر من مكان ما خلفنا، سبقه رجل متلحف بالسواد مر بتؤدة من جانبنا بكفين في أجياب معطفه ثم كيف استحال بعدها كتلة من لا شيء ! لا أدري !
رأس دون جسد ارتطم بخدّي الأيسر كقذيفة مدفع لطّخ رقبتي وقميصي الأبيض بالدماء.
تلاه هجوم شرس من أعضاء بشرية انهالت على جسدي المقذوف في الهواء، أقدام، سيقان، أذرع، أصابع، أحشاء، وحقائب قماش ممزقة، أخشاب… لم أر مصدرها، زجاج محطم… مزيج غريب من الكائنات تراكم فوقي، تناثر حولي، يغمرنا الماء!
كنت أعتقد أن النوافير في وسط الساحة قبالة الشارع الذي أقطعه كلّ يوم قاصدة العمل ، وجدت لتمنح للهواء رطوبة تخفف على العابرين قيظ الصيف وتمنح للمحيط جماليّة الصوت والصورة ، ظننت وظننت حتى شرقتُ بالماء و شخصت عينايَ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى