(Hello) كُلّ عام وأنتِ حبيبتي.. للكاتبة لانا المجالي

الجسرة الثقافية الإلكترونية- خاص-
( 1)
كممثِّلٍ ينسدلُ السّتار على عرضه المسرحي؛ أستوي واقفة، رغم طعنة الغدر التي قتلتني في المشهد الأخير.
أنفضُ ثيابي، وأقول: نجوتُ، هذا العام، أيضًا.
نَجوتُ منْ قصفٍ صاروخيّ، وانفجارينانتحاريّين، وسقوط براميل غاز متفجّرة فوق مدينتي، وحفلة إعدامٍ جماعيّ في مدينةٍ أخرى. نجوتُ من السّبي، وأخطأتني رصاصة جنديٍّ إسرائيلي في القدس- حيث أقيم-، دون أن أتعرض للتّحقيق أو للاعتقال الإداريّ في سجون الاحتلال.

نَجوتُ من إنفلونزا الخنازير، وموجات البرد والحرّ القاتلة في مخيمات اللجوء، والغرق في بحر إيجة رفقة مهاجرين غير شرعيين، ومن فيضانات، وزلازل، وبراكين، وسقوط رافعة في الحرم المكيّ، وانهيار مبنىً تجاريّ في العاصمة، وجريمة شرف هزّت الشّارع العام، واحتمال إصابتي بالسّرطان والحنين، وانتحاري بعد قصّة حبّ دامية.
ماتوا جميعهم؛ مرّةً واحدة،
ونجوتُ، هذا العام أيضًا، كي أموتَ مرّتين.

**********
(2)

نزَق الرّوائي، أو سوء الحَبكة وضعف أدواته الكتابيّة. كلّها أو بعضها.
قال: “اوووف”، وحذف الملف المعنوّن باسم “أمل” من الحاسوب. هكذا ببساطة؛ حكم عليّ بالبقاء فكرة تجول في بال الرّوائيّين.
كنتُ أقطع الشّارعفي الصّفحة العشرين، ربما، قبلها بصفحة أو بعدها بصفحتين. على بعد خطوات من المستشفى حيث سألتقي، للمرّة الأولى، بالطّبيب الذي سيصير حبيبي.

– كيف عرفتِ؟

الرّوائي استشارني، وعرض عليّ الطّبيب هشام، قبل أن أتحمّس للوقوع في حبّه. حسنًا، الخيارات كانت محدودة، رفضتُ أحمد. صرختُ بأعلى صوتي: أيّ منطقٍ يا سيادة الكاتب في تفضيل ممرضٍ على طبيب؟ أين العدل؟. رفضتُ أخصائي الأشعّة عامر، أيضًا، وبرّرت موقفي: العلاقة محكومة بالإعدام،يمنعهُ الورم السّرطانيّ الذي يتمدّد في نتيجتي، ويمنعني التّطيّرعلى الأقل، دون أن أذكر افتقاره للوسامة.
قال أشياء عن نمطيّة تفكيري والتّوجهات الحديثة في كتابة الرّواية، لكنّني واجهته بالواقعيّة وأخواتها، فوافق على مضض.

– إذن، أنتِ مريضة سرطان. هذا يفسّر الكثير من الأمور. لكن، وحتى أكون واضحًا، يؤسفني أن أقول إنّ موانع أقامة علاقة مع عامر، تنسحب على هشام أيضا.

– وسِّع أفقك؛ أنت تتجاهل الفوارق بين شخصيّتين وظرفين، الطّبيب يلعب دور المنقِذ في وجدان أمل، ثمّ أنَّ العلاقة ستنمو بينهما على نحوٍ إنسانيّ عميق مع تقدّم مراحل العلاج، أمّا عامر، بحكم طبيعة عمله ومروره العابر، لا يتعامل إلا مع صورة مُفرَغة من مضامينها. الصّور، عموما،تقنية مغلقة الحدود ولا تطلّ إلا على ذاتها. كم مرّة عليّ أن أفسّر الأمر، أنت تشبهه إلى حدٍّ كبير، نَزِق، ولا تملك أدواتك الكتابيّة. الرّوائيون كائنات غير مفهومة؛ وإلا لماذا عليّ أن أصاب بالسَّرطان قبل ساعاتٍ فقط من بداية كل عامٍ جديد؟.
– اوووف. هذا استنزاف. لا يمكن الاستمرار على هذا النحو. سأحذف الملف من حاسوبي، أنا أيضا.

**********

(3)

مثل سندريلا؛ أفقِدُ فردة حذائي الزّجاجي، قبل دقيقةٍ من منتصف الّليل. يبحث الأمير عنّي في دليل الهاتف. يتوِّجرأس السّنة:” (Hello).. هذا أنا. هل أنتِ بخير؟. كُلّ عام وأنتِ حبيبتي”. أقول: “كل عام”، وأبتسم.
هو العمر الذي لا يحفظ رقم هاتفي عن ظهر غيب.
أنا المرأة التي لا ينكسر حذاؤها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى