منال العويبيل: أدوارنا المختلفة هي مجرد مقترحات غير ملزمة من الحياة

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

حسين الجفال

يتعدد شكل الحضور الفني والأدبي للشاعرة منال العويبيل كما تتعدد ألوان أزهار الربيع بكل فتنتها، فهي الشاعرة المحبة للمكان – البشر- وهي الفنانة المتجددة في التعاطي مع فن البوب آرت لونا وحداثة، تقول إن التحدي والقلق سيخلق سينما على رغم غياب دور العرض.
الصدف تقودها للجمال وعلى رغم تأنيها في كثير من الأمور العالقة فإنها تؤمن بوقت الولادة والخلق لكل شيء، هي كائن مؤجل بامتياز إلى حين، مشبعة بالأمنيات التي لا تنتهي، كاتبة سيناريو ودراما.. «الحياة» التقتها وحاورتها حول تجربتها وقضايا أخرى. إلى نص الحوار:
> في خضم الضجة الكبيرة حول السينما في السعودية والركض في إنتاج وإخراج الأفلام القصيرة، كيف تقيّم العويبيل ما يحصل في ضوء غياب دور تعرض للمجتمع السعودي هذا النتاج بحرية تامة؟
– لا توجد ضجة كبيرة في رأيي، هناك أمل كبير، قابله على طريقة قانون نيوتن في الاتجاه ذاته يأس كبير بخصوص افتتاح دور عرض محلية. وعلى مستوى الحراك الحاصل اليوم، يمكن القول إنه أخصب ما يكون تجاه التجريب. ومن اختار هذا المجال عن وعي وتحدٍّ وقلق يستوعب هذا الفن بتراكمه العالمي والضغط والمنافسة المحيطة، سينجز عمله وكأن كل هذا العالم الواسع ساحة منافسته.
> كتبت قصيدة «ابتسم أنت الرياض» ولاقت استحسان المتلقين في أماسي عدة لك، ما الذي يربطك بالرياض إلى هذا الحد وهي مدينة كونكريتية بامتياز؟
– الطيف الساخر في النص هو السبب الرئيس لذلك الاستحسان على ما أظن، الطيف الساخر ذاته الذي جعلك تظن ربما بوجود رابط بيني وبين مدينتي الكونكريتية، فالمكان بالدرجة الأولى البشر كما يقول جميلنا عبدالرحمن منيف.
> بين الكتابة الصحافية وكتابة السيناريو وقصيدة النثر أخذ حضورك يتأرجح، أين تجد منال العويبيل أرضها الصلبة؟
– كنت أردد أخيراً بأني صحافية سابقة، وكاتبة سيناريو حالياً، وشاعرة بينهما، لطالما شغلني قلق أسئلة من نوع: أي هذه الأدوار من المفترض أن أمثل أو أخلص له أكثر؟ وفي كل مرة تأتي الإجابة على شكل اتصال حول مشروع جديد، أو فكرة نص، أو خطاب استقالة. أظن أني وصلت إلى قناعة بأننا نحن كأشخاص نكون أرضنا الصلبة، وأدوارنا المختلفة هي مجرد مقترحات غير ملزمة من الحياة.
> الصدفة تقودنا إلى الدهشة الفارقة. هل تؤمنين بالصدف وما أجملها التي فتحت عليك دروب الفن والحياة؟
– قد تكون الصدفة هي عذرنا الغيبي (الماورائي الميتافيزيقي) عما صنعه لا وعينا، هي عذري أيضاً حين كتبت اسمي في ملف التربية الفنية عند تسجيل التخصص الجامعي، عوضاً عن خطتي الأساسية، والصدفة هي عذري الآخر في خيارات العمل المختلفة، وكانت أيضاً آخر الأعذار في رجوعي حالياً إلى الرسم والتصميم الذي انشغلت عنه منذ تخرجي في ٢٠٠٦، وسأكف يوماً عن استخدامها كعُذر وأقول لك عن خيار قادم «بيدي لا بيد عمرو».
> ما الذي يشكله حضور الموسيقى اليومي في حياة العويبيل؟ وماذا يترك من أثر على نتاجها الإبداعي؟
– في هذه اللحظة من خراب العالم نحتاج إلى مزيد من الفن، والقليل من كل شيء آخر، نحن سكان الأسمنت والشبابيك الضيقة وخط الأفق المغبر، من لنا سوى الموسيقى؟ قد تكون الموسيقى والأغنيات خياراتنا في خلفيات العمل أو القهوة أو أحاديث الأصدقاء، لكنها من يأخذ دفة المزاج أو الإلهام، ولا أعلم كم تراه الرقم الخاص بعدد النوتات والمقامات وطبقات الصوت التي رافقت كتابة المشاريع أو الشعر إضافة للإجابة عن أسئلتك هنا! لكني أعلم بأني أحمل لها كل الامتنان.
> البوب ارت فن متمرد، صادم أحياناً ويهبك الحقيقة العارية بلا رتوش، متى نعانق معرضك الأول في هذا المجال؟
– خلال مشاركاتي في المعارض خلال دراسة الفن في الجامعة كنت أتأمل الجمهور المتذوق في هذه المناسبات من الأكاديميين والنخبة، وأشعر بفضول كبير تجاه تكهّن رد فعل الآخرين الغائبين، والوصول إلى لحظة اتفاق هؤلاء اليوم عبر خيار «لايك» أو كتابة انطباع إلكتروني أو حتى من يقتنون أعمالي يجلب شعوراً مشبعاً إذا أمكنني الوصف، وأشعر بشكل حقيقي بكل لوحة لي تأخذ مكانها في منزل أو مكتب أو صالة عميل، هي جزء من معرض في القلب، ومع ذلك سيسعدني خوض التجربة على أرض الواقع متى ما أتيحت فرصة لذلك.
> أنت كائن يؤثر أن يأتي متأخراً متأنياً على أن يأتي باكراً بضجيج ويغيب، هل أرضيت غرورك بالحضور المتمهل أم الضجيج قادم؟
– قد لا يكون الأمر في دقة التأني والتلعثم الباكر، لكني قد أتفق معك في أني أخذت هذا الخيار في العديد من التجارب التي مررت فيها. ربما لا يوجد لدي أدرينالين كاف لاتخاذ الخيارات السريعة تجاه أمور من قبيل إصدار مجموعة شعرية بشكل عاجل، أو المشاركة في معرض على نحو مفاجئ، أو حتى الاشتراك في ورشة سيناريو من دون سابق إعداد. فلطالما كان الرجوع خطوة أو التقدم بخطوتين يعطيني مجال رؤية أفضل لمتابعة سيناريو الحياة.
> ما علاقة هذا الفن بالكتابة؟
– ربما تأثير عملي في مجال الكتابة الإبداعية كان له دوره في اتجاهي إلى البوب ارت، فعبر هذه السنوات عملت في مجالات تتعلق بصناعة البرامج والدراما والإعلانات كقيم فنية وتجارية، قد تتقاطع في مناطق مع مفهوم البوب آرت كفن شعبي، وصولاً إلى تصميم أغلفة كتب لأسماء شاهقة كإدواردو غاليانو، وبوبي ساندز، وغيرهم، وكأني انتهي من حيث بدأت مع الكتابة، أما الشعر فهو حجرة القلب، وأظن بأن كل أدواتي العملية والفنية منه وإليه.
> كيف تمرنت على أدوات البوب آرت؟
– فالبدايات كانت فترة الدراسة الجامعية عبر مواد التصميم كفترة تأسيس، ومنذ تلك الفترة يمكن القول بتحول الأمر إلى خبرات تراكمية من التدريب والتعلم الذاتي والكثير من الصفحات التعليمية عبر غوغل ويوتيوب.
> ما الذي يمكن عمله بالبوب ارت ولا نستطيع عمله بالفن التشكيلي الكلاسيكي؟
– لا أستطيع أن أحكم من هذه الزاوية سوى بأسباب الميول والاتجاهات الفنية، التي تذهب بك بين هذا أو ذاك أو ما عداهما.
> أخذ بورتريه الفنانة فيروز الحضور والتجدد ضمن اشتغالك، هل يؤشر ذلك إلى أن المرأة السعودية تميل إلى الهدوء والجمال والرومانسية؟
– فيروز ليست ميلاً إلى الهدوء والجمال والرومانسية، لا من ناحية التصميم ولا من ناحية ذائقة المرأة أو الرجل، أظن أن فيروز وصلت إلى كونها أسلوب حياة، ومن هذا المنطلق تفرض حضورها على وجه الخصوص في تصميم بوب آرت كما لو كنا نختار لوناً في رسم لوحة.

 

المصدر: الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى