«الموائد المفتوحة» لشربل شربل

الجسرة الثقافية الالكترونية

المقالات التي جمعها الكاتب اللبناني شربل شربل في كتابه «الموائد المفتوحة – نثريات» (إصدار خاص) تنمّ عن مراس في الكتابة النثرية المشرعة على موضوعات ومواقف هي سليلة الحياة والثقافة في معانيهما الواسعة. يكتب شربل في حقول شتى، السياسة والاجتماع والثقافة عموماً والأدب علاوة على مقالات تدخل في سياق المناسبات وهي اما وطنية وأما تربوية. فالكاتب كان مدرساً للأدب العربي طوال سنوات وأساتذة الأدب هم الأعرق والأقدر عادة في خوض غمار اللغة والأساليب الجمالية وهذا ما تبدى في مقالات شربل التي تنتمي علانية الى المدرسة اللبنانية في النثر الفني الذي تجلى في ادب امين نخلة والنثر الملتزم كما عرفناه في ادب فؤاد سليمان ومارون عبود وتوفيق يوسف عواد وسواهم.
وجمع شربل بين المدرستين على غير تنافر، مع ميل واضح الى معالجة هموم وشجون تعني الإنسان والجماعة، ناهيك بأمور اللغة والأدب والموسيقى: مع جبران، الأدب وقيمه، الشعر والشاعر، شبابنا والفنون الغربية، ديوان الجسد، قيمة الإنسان. ولم يغفل عن الأدب الساخر فكانت له مقالات ساخرة وناقدة في هذا الميدان: من عنترة الى اوباما، الى النواب في زمن التمديد، زنود الست، عذراً معالي الوزير…
والمقالت كان شربل نشر معظمها في صحف لبنانية وفي مجلة جامعة «ان دي يو» اضافة الى كلمات كان ألقاها في احتفالات تربوية ومنها كلمته المؤثرة في مناسبة احالته على التقاعد عام 2014 وقد استهلها قائلاً: «لعل اصعب ما في المناسبات ان تكون مواعيد استحقاقات، وأروع ما فيها انها محطات للتأمل.
قالت ذاتي المعلمة لذاتي الموظفة: أنا أطاول الرسالة وأطبع العمر وأميز الشخصية، وأنت قناع على الوجه وثوب مستعار. انا نبع عطر لا يعروه شح ولا يعرف نضوباً. وأنت كعلبة السردين، تاريخ انتهاء صلاحيتك مدون على قفاك. اقف اليوم على شاطئ الذات وألقي نظرة الى الوراء وأقلب صفحات الوظيفة».
وللكاتب مؤلفات عدة، في الرواية (غابة الضباب، آخر الدنيا) والنقد الأدبي والتعريب والبحث التربوي. وضم الكتاب مقدمة كتبها الناقد طوني غوش ومــما قال فيها: «مقالات تمتعك لتثريك، تضحكك لتُبكيك، تشكو اليها لتشكو منك، تحزّك لتحزّ فيك، تخضّك لتطفر الزبدة منك.
ترود بك أبرز محطاة الحياة بثنائياتها اللافتة: فهي تتصدى لأعتق الموضوعات وأحدثها، من الفروسية- مثلاً- إلى زواج المثليين، وهي تحمل عناوين كلاسيكية معروفة كـ «الموائد المفتوحة» و»الفروسية» وعناوين أخرى مبتكرة غريبة هزلية في دلالالتها الأولى، رزينة في دلالتها الثانية كـ «زنود الستّ» و«من عنترة إلى أوباما»… وهي حيناً ذات أسلوب تقريري مبـــاشر، وحيناً ذات أسلوب تلميحي تضميني فيه من الــشاعرية إيقاعاتها وصورها وضبابيتها ورؤاها. إلاّ أنه في الحالتين هـــادئ بارد يعكس شلل الواقع، لكنه يحضّ على التوثّب والانطلاق. وهي حيناً تنقد مباشرة بمناقير منظورة، وحيناً آخر بمناقير متخفية خلف السخرية والتهكم».

المصدر: الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى