‘بروفة مسرحية’ .. عمل مسرحي مذهل

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

قاسم محمد مجيد

 

لا جدال في ان مسرحية “بروفة مسرحية” سيناريو وإخراج جمال الشاطي ودراماتوك عمر مصلح اعتمدا طريقة فريدة في الوصول الى ما تبتغيه في التفرد ولفت الانتباه إليها تأليفا وإخراجا وأداء، وهو يؤكد رغبة الكادر في أن لا يقع هذا العمل تحت سطوة النمط التقليدي.

فلأول مرة تكون البروفات مادة لبناء مسرحي متكامل، استلهمت مواضيعها من واقع الإنسان العراقي الذي يعيش لحظات الإحباط واليأس، ومن الملائم التأكيد في ان هذا الواقع ألمأزوم هو العنصر الأكثر أهمية والأكثر حملا للمعنى. ولمسرحة العالم كما يقول ديفيد كوبلين عليك إن تكشف أقنعته وهو ما حاولت هذه المسرحية العمل به.

في المشهد الاستهلالي، الذي تميز بالحركات الراقصة على أنغام أغان تراثية، أراد بها المؤلف والمخرج إن يبعثا برسالة للمشاهد إلى أهمية التراث وخصوصيته في الذاكرة العراقية.

كما أن انتباهة ذكية في مشهد تأخر ممثلة عن مواعيد البروفات قبل صعودها للمسرح وبين الجمهور عكست قدرة المخرج على فتح جدار التواصل على طريقة بريخت في هدم الجدار الرابع.

في مسرحية “بروفة مسرحية” والتي تكونت من عشر بروفات، شاهدنا بساطة اللغة والابتعاد عن التجريب الشكلي او الفنطازيا، بل عمد المخرج إلى استخدام البروفات في عكس الإيهام المسرحي والاقتراب من الجمهور فقد تخلص من الستارة الأمامية وهو ما يحصل فعلا في البروفات العادية لأي عمل مسرحي.

وبدت ساحة المسرح مكشوفة للمشاهد وكأن المخرج جمال الشاطىء يريد ان يمنح المشاهد عمق التواصل، وكذلك سيطرة المخرج على تحريك المجموعة من الممثلين وتشييد أشكال مسرحية ذات معمار شاهق وصنع من كل بروفة حكاية مستقلة لكنها مترابطة في صيرورة العمل وهي الأقرب أن تكون سلسلة من اللوحات المسرحية الموغلة بين ثنايا الواقع بكل إشكالاته وتناقضاته الحادة.

لقد تميز دور الدراماتوك الفنان والناقد المسرحي عمر مصلح أي الخبير المسرحي باعتبار النقد المسرحي جزءا ـساسيا من العمل المسرحي وليس نتيجة لاحقة لها او تأليا لها.

واعتمدت المسرحية على تغييب الزمن اي لا زمن حقيقيا لكل بروفة يرافقه بساطة الديكور والإضاءة التي تدلل على ان كادر العمل المسرحي يعمل وفق الإمكانات المتاحة والتي غالبا ما تكون بدائية قياسا الى التطور في فن الإضاءة التي كان للدور الكبير في توزيعها بحرفية عالية السيد احمد السوداني، والديكور بجمالية واضحة للفنان وعد الكرخي وعلي رحم.

“بروفة مسرحية” عمل مذهل استطاع ان يلهب أكف الجمهور بالتصفيق لسبعة ممثلين يتقدمهم محمد لواء ووسام أياد وعلي صباح وحسناء إبراهيم ودلناز عدي وزهراء عبد علي وآلاء طالب. وتميزت الإدارة المسرحية التي أشرفت عليها هند جواد بالدقة وبروعة الانضباط كما لا ننسى دور الإعلام لمصطفى محمد وعمر عصام.

ومما يثير الدهشة إن مسرحية “بروفة مسرحية” والتي عرضت يوم 8/3/2016 على قاعة المسرح الدوار في معهد الفنون الجميلة، قام بالتمثيل فيها طلاب المرحلة الأولى في معهد الفنون الجميلة المرحلة الأولى، وهو ما يبشر بالخير بمستقبل رائع للمسرح العراقي العريق.

المصدر: ميدل ايست اون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى