اليوبيل الفضي للمسرح المستقل في مصر.. فضاء المقاومة الثقافية

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

وئام يوسف

في ظلّ اللحظة الفارقة التي نعيش فيها تحت وطأة الفكر الظلامي.. باتتِ الحاجة ملحة إلى المسرح باعتباره الشكل الثقافي الأكثر تعبيرا عن رفض الواقع والسعي للتغير والتجديد، لذا تنطلق احتفالية «اليوبيل الفضي للمسرح المستقل» غدا الأحد 27 مارس، لتؤكد دور المسرح المستقل في التغيير والتجديد عبر فعالياتها الغنية والمتنوعة، عروض وورش وندوات فضلا عن استعراض تاريخ المسرح المستقل كعنصر أساسي ساهم في هيكلة الثقافة المصرية وبلورتها. الاحتفالية تنظمها وحدة دعم المسرح المستقل في أول نشاط رسمي لها بعد تأسيسها بموجب القرار الوزاري رقم ١٠٨ لسنة ٢٠١٥، وتنفذها مؤسسة فنانين مصريين للثقافة والفنون.
تتواكب الاحتفالية (27 مارس ـ 2 ابريل) مع الذكرى الـ25 لأول ظهور للمسرح المستقل من خلال مجموعة مخرجين ومسرحيين أقاموا أول مهرجان للمسرح الحر وقتها، تلا ذلك نشأة العديد من التيارات والمدارس المسرحية المستقلة. يؤكد ذلك عمرو قابيل المدير التنفيذي للاحتفالية مشيرا إلى تشكيل جمهور ومريدين قصدوا هذا النوع من الفن خلال العقدين الماضيين واليوم تنتشر الفرق المسرحية في جميع المحافظات المصرية. تزامنا مع ذلك، كان ظهور مسرح الهناجر البيت الفني الذي استوعب طاقات المبدعين في المسرح المستقل.
يضيف للسفير أن المسرح المستقل يواجه تحديات عدة أهمها التمويل وإيجاد أماكن مناسبة للعرض، إضافة إلى صعوبة تقبّل المؤسسات الرسمية لنوع الفن الذي يقدمه هذا المسرح «رغم أن للمسرح المستقل قطاعا عريضا من الجمهور إلا أن علاقته مع المؤسسات الحكومية لم تكن جيدة، إلى أن صدر القرار الوزاري رقم 108 عام 2015 بإنشاء وحد لدعم المسرح المستقل داخل وزارة الثقافة، والذي غير خريطة المسرح المستقل بعد رحلة طويلة من المكابدة والعناء».

أكثر تحررا
ويؤكد قابيل أن المسرح المستقل أكثر تحررا من بيروقراطية المسرح الرسمي رغم ذلك هو مكمل لدوره ولا يعاديه «أنا ضد فكرة الجزر المنعزلة للمؤسسات الفنية، جميعنا نسيج واحد في جسم المسرح المصري» داعيا جميع المؤسسات الفنية المصرية لدعم المسرح المستقل لأجل مستقبل أفضل للمسرح المصري.
أسماء يحيى الطاهر ـ دكتوراه في المسرح ـ توافق قابيل من حيث ضيق الإمكانات التي يعانيها المسرح المستقل، فتعمل أغلب الفرق بدعم ذاتي محدود، في حين في دول الخارج من السهل إقناع المؤسسات الحكومية بدعم المسرح المستقل، «من السهل أن تدعم حدثا رياضيا في بلدنا أما ثقافة دعم المسرح المستقل غائبة، ظننا بأن المسرح عنصر كمالي في الحياة، غير مدركين أنه أهم عوامل التنوير والارتقاء». تضيف لـ «السفير» أن بعض المنظمات العالمية المهتمة بالشأن الفني تدعم فرقا مسرحية مستقلة لكن ذلك يتم ضمن دائرة مغلقة، لافتة إلى ضرورة تنوع الإنتاج لإثراء الأفكار والابتعاد عن تأطير الأفكار تحت بند واحد.

المسرح البديل
وتؤكد الطاهر أن السنوات الأربع الأخيرة شهدت انتعاشا في قطاع المسرح المستقل، حيث وعت بعض الفرق أهمية ما تقدم وخرجت من مظلة الحكومة لتعرض الجديد والمختلف، لافتة إلى أن اليوبيل الفضي للمسرح المستقل له دور كبير في تسليط الضوء على فكرة المسرح المستقل عبر عرض الأعمال المستقلة خلال الـ25 سنة الفائتة، ما يقرب المسافة بين الجمهور والمسرح المستقل.
«جماعة المسرح البديل» الفرقة الوحيدة المشاركة في هذه الفعالية، وقد شاركت في الملتقى الأول الذي جمع المسرحيين المستقلين منذ 25 عاما، أسسها الدكتور محمود أبو دومة، الذي يشارك في اليوبيل الفضي من خلال عرض «عتب البيوت»، فرجة مسرحية مستقاة من كتاب «عتب البيوت» الصادر عن دار شرقيات 2015، سلسلة قصص وحكايات منسية من عالم مفترض في الصعيد «يقدم العرض في صورة حكي لخمسة ممثلين، يسردون حكايتين تطرحان مواضيع من قاموس الصعيد حيث تاريخ القهر والحب المحرم وحراس التقاليد، تحوي الحكايتان الجانب الأسطوري الموجود كبنية في نمط التفكير جنوب مصر».
اختار أبو دومة أداء الحكي معللا ذلك بأن هذا النوع من الأدب يصعب تمثيله على المسرح فالمسرح له شروطه فضلا أن ملحمية الحكايا واتساع مداها الزمني والمكاني يجعل تمثيلها صعبا، لافتا إلى أن السينما ربما تكون الفضاء المناسب لأدائها تمثيليا آملا أن يتحقق ذلك يوما.
الرقابة والمسرح علاقة إشكالية خاصة أن المسرح فضاء المقاومة الثقافية ومنصة الإبداع والفكر الحر، لذا فهو لا يقبل القيد، الاحتفالية تفرد ندوة لهذا الموضوع، مركزة على ضرورة نظرة مختلفة من الجهات الرقابية، تدير الندوة الناقدة أماني سمير إلى جانب عدد من الشخصيات الفنية والمسرحية، كما تستضيف الفعالية ندوة حول علاقة المسرح المستقل بالمؤسسات المدنية، وثالثة تناقش احتياجات تيار المسرح المستقل لتحقيق الاستمرارية اللازمة لإثراء الحركة المسرحية والتأثير في الحالة الثقافية في مصر.
ثمانية عروض مسرحية تقدمها فرق مستقلة خلال الاحتفالية، إلى جانب عدد من الورش المتعلقة بالفنون المسرحية إحداها تختص بفنون التمثيل يقدمها الفنان أحمد مختار وأخرى حول إدارة الإنتاج المسرحي يقدمها المخرج جمال ياقوت، وثالثة حول مبادئ تصميم الديكور والإضاءة المسرحية يقدمها الفنان حازم شبل. إقبال كبير تشهده الورش، يؤكد ذلك المدير التنفيذي لافتا إلى أن هذا دليلُ تعطش جيل الشباب للإبداع المستقل.
وتشمل الاحتفالية معرضا وثائقيا يضم مجموعة من مقتنيات المسرح المستقل وأدوات عروضه خلال العقدين الفائتين (صور ومقالات ومفردات)، فضلا عن قسم للفيديو يعرض أهم العروض التي قدمها المسرح المستقل أيضا بحدود مسرحيتين يوميا.

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى