الكاتبة الكويتية هدى الشوّا: الجوائز لا تخلق مبدعاً

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

منى الشمري

تعمل الكاتبة هدى الشوا بتؤدة على نصها. تخلق فيه سحراً يلفت الفئة العمرية التي يخاطبها. فالكتابة في مجال أدب الأطفال حذر ومنهك، وممتع ايضاً، وهو ما يجعل مهمتها صعبة ومسلية في آن.
تشتغل الشوا على قصصها القصيرة، بتقنيات مدهشة، تقارب فيها التراث والفلكلور الشعبي، والحكايات بلغة عصرية لافتة ومشدودة. كأنها تصنع خيوطاً بينها وبين قرائها اليافعين. وهو ما جعلها تفوز بجائزة «الشيخ زايد» لأدب الاطفال، عن كتابها «رحلو الطيور إلى جبل قاف».
«القدس العربي» التقت بالكاتبة، وهنا نص الحوار:

■ هل تعتقدين أن أدب الطفل له جمهوره؟
□ لا يعقل ألا يكون هناك جمهور لأدب الطفل العربي. ونحن نعيش في أوطان أغلب سكانها من الأطفال والشباب، وبالتأكيد فإن أدب الأطفال واليافعين شهد نهضة خلال السنوات العشر الأخيرة، تتجلى في الزيادة الكبيرة والملحوظة في الكم والنوع في إنتاج كتب الأطفال واليافعين على مستوى الوطن العربي. ومن اللافت أيضاً، الاهتمام مؤخراً بأدب الناشئة في أعمال تعتمد على الخيال والتشويق وتقديم المعلومات بشكل جذاب ومسلٍّ، بالإضافة إلى الأعمال التي تطرح مواضيع راهنة تحاكي هموم الشباب في أوطان اليوم، كالحروب واللجوء وظاهرات حياتية (كالتنمير) والمخدرات في المدارس، بالإضافة إلى انتشار أعمال إبداعية تنحو نحو الخيال المجنّح، والقصص التاريخية المعالجة بروح العصر ولغته.
■ في كتابتك للناشئة تعتمدين على الدخول من باب التاريخ والتراث.. هل هذه تقنية متعمدة؟
□ لدينا مخزون من الحكايات والقصص التاريخية التي لم تستغل بعد. تاريخنا مغيّب عن النشء أو مختزل في سرد مملّ. لا ألجأ إلى التاريخ من منظور ماضوي بل نقطة للانطلاق. أعتقد أن التراث التاريخي منبع لكثير من المغامرات الساحرة.
3- انحسار القراءة وتراجعها عن الأجيال الجديدة ظاهرة عربية، هل وجدت لها حلاً؟
□ لا حل لظاهرة انحسار القراءة وتراجعها إلا بتضافر جهود عدة؛ أعوّل على تحركات المجتمع المدني والجمعيات الخاصة والقطاع الثقافي المستقل لدعم ثقافة الطفل وتعليمه وأدبه.
■ كونك عضواً في مؤسسة المورد الثقافي، هل هناك برامج لدعم ثقافة الطفل؟
□ اشتراكي عضواً في الجمعية العمومية في مؤسسة المورد الثقافي يجعلني مواكبة لتجارب فنية وثقافية شبابية واعدة في العالم العربي، والاطلاع على ثراء التعبير الثقافي المتنوع والغني في المنطقة. وبما يخص البرامج المتخصصة للأطفال فمنها برنامج مدرسة الدرب الأحمر في القاهرة القديمة لتدريب أطفال وشباب الأحياء الشعبية على الموسيقى والفنون. لا شك أننا بحاجة إلى المزيد من المؤسسات الثقافية العربية المستقلة.
■ والدتك بريطانية وطفولتك في فلسطين ودراستك بالإنكليزية، كيف أثّر هذا كله على مخزونك الثقافي وتعاملك مع العربية؟
□ لم أتحوّل إلى العربية، بل كانت العربية هي لغة الدراسة والمدرسة، أما الإنكليزية فكانت لغة البيت حتى تمكنت والدتي من إتقان اللغة العربية، وهي الآن تفضل التحدث بها. كانت دراستي الابتدائية في مدارس التربية الإسلامية في الرياض، ولا أذكر من تلك المرحلة سوى تنوع مواد حصص الدين، فكنا ندرس التوحيد والتجويد والفقه كحصص مستقلة، ولا أذكر أني قرأت قصة واحدة إبداعية في تلك الفترة. ثم عندما أكملت دراستي في مدارس غزة، وجدت فرصاً للقراءة والتعبير، وكنت أحب صف العربي دائماً.
■ لك تجارب مسرحية لماذا لم تستمري به؟
□ ما زلت أمارس الكتابة للمسرح، وأستعد لتقديم عرض «فريا ستارك: رسائل من الكويت» ضمن مهرجان المونودراما الدولي في الكويت في أبريل/نيسان. المسرحية تضيء فترة من حياة الرحّالة البريطانية فريا ستارك التي زارت الكويت في فترة الثلاثينيات، ودوّنت انطباعاتها في كتب ومذكرات ورسائل.
■ إلى أي مدى تغيِّر الجوائز الأدبية المبدع؟
□ لا أعتقد أن الجوائز تغيّر ولا تخلق مبدعاً، لكنها بلا شك تُدخل الفرح إلى قلب الفائز، وتسلط الضوء على العمل الإبداعي، وتضيف إليه الانتشار الأوسع.
■ كتبتِ عملين من أجواء الكويت وآثارها؛ وهي: «الرجل الأصفر»، و»فيل في المدينة». وكتبتِ أيضاً أعمالاً من أجواء عربية تراثية.. أيها وجد الصدى الذي يرضيك؟
□ لا بد أن يكون الكاتب متصلاً ببيئته التي يعيش فيها. «الرجل الأصفر» هو شخص أراه كل يوم في شارع بيتي، وفي الطريق إلى المدرسة أو الجامعة أو السوق، هو عامل النظافة الذي يكنس الشوارع، الشخص المهمّش الذي رغم بذلته الصفراء يبدو خفياً عن الأنظار.
■ استخدمت الفيل في عملين لك «فيل في المدينة» ثم «رحلة فيل» ما حكايتك مع الفيل تحديداً؟
□ كتابي «فيل في المدينة» أتى من وحي رحلة ميدانية لحديقة الحيوان في الكويت لأبحث في طباع الفيل استعداداً لعملي «رحلة فيل»، لكن عند رؤية هذا الفيل الضخم واسمه مالك، ولشدة تأثري بحالته وهو بعيد عن براري مواطنه الأصلية، كتبت نصاً جعلته يهرب من قفصه الضيق في حديقة الحيوان وينطلق في شوارع المدينة.
■ هل يأسرك التراث والتاريخ أكثر من الواقع الحديث؟
□ أعشق الروايات التاريخية، والفترة العباسية بالذات زاخرة بالمادة الثرية لكتابة العديد من القصص. «كاشف الأسرار» رحلة عبر الزمن لفتى اسمه عمر يزور المتحف البريطاني في قاعة المقتنيات الإسلامية، ويقف أمام لوح برونزي صُنع في الموصل بالعراق نُقشت عليه أبيات شعرية غامضة، تقول القطعة إنها آلة «كاشف الأسرار»، وإنها تقرأ الطالع وتكشف المستقبل. ينتقل عمر إلى زمن صناعة القطعة الأثرية في القرن الثالث عشر في أجواء عباسية، ويتعرف على العالِم العربي، صانع القطعة الذي يصطحب الفتى القادم من المستقبل في رحلة عبر زمن تكون فيه الدولة العباسية على شفا السقوط. يطرح العمل سؤالاً جوهرياً عن «الإغراء السحري» مقابل المعرفة والعلم.
أما «رحلة فيل» فهي حكاية كتبت في أوج قوة دولة الخلافة، وتحكي قصة فيل أرسله الخليفة هارون الرشيد هدية إلى شارلمان ملك الفرنجة.
■ – ماذا عن نص كنتِ تعكفين على كتابته لمسرح خيال الظل والدمى؟ هل أنجزتِه أم توقفتِ؟
□ قصة «رحلة فيل» بصدد المعالجة كعرض مسرحي «خيال الظل» من تنفيذ المؤسسة العربية لمسرح الدمى والعرائس في بيروت، ومن المتوقع أن يجهز العرض في نهايات نيسان/ أبريل.
■ الانتقال بين الناشر العربي والمحلي هل وجدتِه أمراً مثمراً فعلا؟
□ أحبّذ توزيع النشر، أنشر مع دار نشر لبنانية؛ دار الساقي، التي توزع أعمالي بصورة جيدة، كما أنني أتعامل مع المؤسسة الفلسطينية «مؤسسة تامر التعليمية» التي أصدرت لي عملين.
■ ألا تفكرين بالكتابة للكبار؟
□ قصصي للناشئة تصلح للكبار أيضاً، قد أكتب مجموعة قصصية بدافع حبّي لعنصر المفارقة التي تفرضها القصة القصيرة الناجحة. أما الرواية فأفضّل قراءة إنتاج غيري والكتابة عنه.

المصدر: القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى