العطر المأمول في مقام الرسول..للشاعر عبد المجيد الفريج

الجسرة الثقافية الالكترونية-خاص-

 

أغوتْكَ دنياكَ حتّى جُزْتَ قابيلا
بِمَا أمِلتَ واكْثَرْتَ الأباطِيْلا
وما مَشَيتَ على دربِ اليقينِ خُطًى
وظلَّ شكُّكَ يَجترُّ الأقاويلا
لِتُعلنَ الشّرَّ قانونًا فهلْ لَقِيَتْ
خُطاكَ بالإثمِ ممَّا رُمْتَ تَأميلا؟
ملأْتَ روحَكَ غيَّا فانْتَبذْتَ بِهَا
أقصى الظَّلامِ ومَا ألفيتَ قنديلا
بئسَ الفُؤادُ الذي لا حلمَ يكلؤُهُ
ولا يَرى العُمرَ بالأوجاعِ مَعلُولا
ونِعْمَ مَنْ جاءَ بالإحسانِ خاتِمةً
وغَادَرَ الأرضَ بالتَّكبيرِ مَنقُولا
فَلا تكنْ كمَنِ اشتدَّتْ بهِ كرَبٌ
وباتَ عنْ ذكرِ مَنَ ينجيهِ مَشغُولا
تُسَاقطُ الدَّمعَ في عِشقٍ سَقطْتَ بهِ
فهلْ سَمِعْتَ عنِ العشَّاقِ ما قيلا ؟!
إنِّي رأيتُ الهَوى للنَّفسِ مَهلِكَةً
ومَا علِمْتُ معَ الأهواءِ تَبجِيلا
أمَا كفَاكَ مَشيبٌ كي تَؤوبَ إلى
رُشْدٍ وتنظُرَ أمْرًا كانَ مَفْعولا
عدْ عنْ غِواكَ ولا تتبَعْ هَواكَ فمَنْ
يُسفِّهِ الحقَّ يلقَ اللهَ مَغلُولا
وزوِّدِ الرُّوحَ بالطَّاعاتِ ترْقَ بِها
إمّا تبتَّلتَ للرَّحمنِ تبَتيلا
واطلبْ شَفاعةَ منْ تُرجى شَفاعتُهُ
كي لا تَعودَ بيومِ العَرضِ مَخذُولا
أكرِمْ بعبدٍ سرَى للقدْسِ مُلْتَحِفًا
نورًا على آيةٍ للهِ مَحْمُولا
وعادَ بالبِشرِ مِنْ مِعْراجِهِ فَغَدَتْ
وُجُوهُ أحْبابِهِ تُزجي أهَاليلا
هُوَ الحَبيبُ الذي لمْ تَأتِهِ رِيَبٌ
إذ نزّلَ اللهُ فيهِ الذِّكرَ تَنزيلا
فليسَ يُذكَرُ إلَّا والصَّلاةُ عَلَى
مَقامِهِ تُغرِقُ الدُّنيا تَرَاتِيلا
وأنَّهُ فاقَ خَلْقَ اللهِ مَنزِلَةً
طُهْرًا وعِلْمًا و تَشريفًا وتَبجِيلا
مشيئةُ اللهِ في إفرادِ مَعدِنِهِ
جلَّتهُ حتّى بدا للكونِ إكْليلا
ما ماثلَ النَّاسَ لا خَلْقًا ولا خُلُقًا
فكانَ أرفعَ خلقِ اللهِ تَمثِيلا
يا سيِّدَ الخَلقِ هلْ تَسطيعُ قافيتي
وفاءَ حقِّكَ لو جاءتْ تفاصيلا ؟
وما أحاطَتْ بكَ الأقلامُ ما نَضَخَتْ
حتّى وإنْ مَلأ الحِبرُ الأسَاطيلا
خابَتْ مُلوكٌ بعونِ النَّاسِ مِن حَدَثٍ
وكنتَ في جللِ الأحداثِ مَأمُولا
وطِئتَ غارَ حِراءٍ فاسْتضاءَ رِضًا
لمَّا أتى الوحيُ واستُقرِئتَ مَذهولا
وعُدْتَ بالنّورِ مَحفُوفًا كأنَّكَ تُعْطي
للضُّحى مِن جَلالِ الحُسنِ تَكمِيلا
مَا شَاهدَ النَّاسُ مِنْ بدرِ الدُّجى ألَقًا
إلَّا وكانَ ضِياءً مِنْكَ مَوصُولا
مِنْ راحَ غيرُكَ يَتْلو ذِكرَ مَنْ غبرُوا
للجنِّ حينَ دَعَوا أو كانَ مسؤولا ؟!
ومَنْ تجلَّتْ على الآفاقِ سِيرَتُهُ
عَداكَ إذْ أُثِّلتْ بالذِّكْرِ تأثيلا ؟!
شَيَّدْتَ للعدْلِ صَرْحًا لا اعْتلالَ بهِ
وكلُّ صَرْحٍ سِواهُ اهتزَّ واغتيلا
أضأْتَ ما اشْتدَّ مِنْ ظلْماتِ أمَّتِنا
حتّى اسْتحالتْ جَهالاتٌ قنَادِيلا
فَمَا أضرَّ بِنا لأيٌ ولا سَغَبٌ
ولا سألْناكَ لَو ذُقناهُ تَبْدِيلا
لمْ يَعبُرِ البؤسُ دَرْبًا كُنتَ تَسْلُكُهُ
وقَدْ بُعِثتَ على الخيراتِ مَجبُولا
وكانَ هَدْيُكَ غيماتٍ هَطلتَ بِها
على الصُّدورِ فاخْصبتَ المَحاصِيلا
أعطاكَ ربُّكَ خَمسًا ما أتَيْنَ إلى
عبدٍ سواكَ فَلمْ يحْتَجْنَ تأويلا
وانْهلَّ خيرُ الذي أُعطِيتَ فانفَجَرَتْ
كفَّاكَ نبعًا فراتًا سائغًا نِيْلا
فَمَا ظَمِئْنَا بدعْواتٍ دَعَوْتَ بِهَا
و جَلَّلتْنا بحِفظِ اللهِ تَجْليلا
وجاءَ بعدَكَ قومٌ في العبادِ طَغَوا
وثارَ حِقْدُهُمُ نارًا وسِجِّيلا
فَما دعَونَا سِوى الرَّحمنِ خَشيَةَ أنْ
نَبْقى عَنِ الدِّينِ أغرابًا مَعَازيلا
مَنْ لاذَ باللهِ لمْ تَغرَقْ مَراكِبُهُ
ومَنْ طَغَى بَاتَ باللعْناتِ مَشمُولا
عُذري إليكَ رسُولَ اللهِ إنْ قَصُرَتْ
عَنْكَ العِباراتُ أو كانتْ يَعاليلا
إذْ ضاقتْ اللغَةُ الغنَّاءُ عَنْ صِفةٍ
وما اسْتطعتُ لهَا جَمْعًا وتَحْصيلا؟؟!
كَفَى بتزكيةِ القرآنِ إذْ ذَكَرتْ
عظيمَ خُلْقِكَ إجْمالًا وتَفْصِيلا
عَنْكَ الحكاياتُ لم تَنْفِدْ وقدْ نَفِدَتْ
مِنِّي الحُروفُ وما أدْركْتُ تَعْوِيلا
فيا شَفيعَ الوَرى جَاءَتْكَ قافِيَتِي
رُوحًا تُمَزَّقُ تَشْرِيدًا وتَقتِيلا
وليسَ إلّا إلهُ النَّاسِ يحفظُهَا
إمَّا أخذْتُ دُعائِيْ منكَ تَسْهيلا
يا ربُّ هيِّئ لَنَا في الخُلْدِ مُتَّكأً
مَعَ النَّبيينَ وابْعثْنَا بَهاليْلا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى