لوحة المفاتيح …للقاص حيدر علي الجبوري

الجسرة الثقافية الالكترونية-خاص-

 

كان المنفذ هو الأمل في الولوج في الأمس , فلم أبال بضيق دائرته التي لم تك تتسع لمرور جسدي , وكل اهتمامي كان وجود فتحة ما بجدار الزمن البائس سأستطيع النفاذ منه , وقبل أن ارحل التفتُّ لحاضري وبصقتُ بوجهه ثم شتمته وشتمت أبيه وأب أبيه , ثم أدرت ظهري له بعدما صمتَ وخاف , خافَ مني ومن غضبي لئلا احرق الدنيا عليه , صمتَ لأنه قابل أول مرة أحدا سينتزع عنه حاضره , ووجد ثقبا لم يجده احد من قبله بجدار الزمن , بإمكانه أن يلج فيه ولا يعود , يعيش هناك قرب أجمل ما صادفه : الأصدقاء , الأماكن , الوجوه , وهنالك لوحة مفاتيح جميلة جدا , فيها خيارات مسح الذكريات الأليمة والحوادث المزعجة والأشخاص غير المرغوب بهم . كما ويوجد مفتاح رائع ونادر , يغير النتائج فيما كان مطلوبا ولم يحصل,فلو أن فتاةً صدت احدهم وأخبرته إن لم يكف عن إزعاجها بإخبارها عن ترهات حبه لها , فستضطر إلى زرع كعب حذائها برأسه وترك ثقبا خالدا فيه . سيغير ذلك المفتاح تلك الحادثة ويقلبها رأسا على عقب , وستأتي إلي بنفسها ,و قبل أن اسمح لها بالحديث , سأفتعل ذلك الدور الذي طالما رأيته بأفلام مصرية قديمة : سأجلس على كرسي دوار , واضع رجلا على رجل , بين إصبعي يدي سيجارة كوبية سمينة . ستقول إنها أحبتني مذ رأتني جالسا لوحدي اشرب فنجان قهوة , وان الأوقات كانت قاسية عليها وهي تنتظرني كل يوم بذلك المكان , فضاقت بها السبل بعد تجاهلي لها لتقرر دون مقدمات المجيء إلي , حينما كنت أدخن سيجارا كوبية سمينة , وبجلسة ذات مشهد درامي , لأسمع صوت امرأة تقول لي : احبك .
الى هنا وسأوقف ذلك الزر الرائع بلوحة مفاتيح أحداث الزمن .كي أقرر ما سأفعله بإرادتي , أأحبها أيضا ؟ , أم إن مخططاتي من اجل القادم ستكون أجمل مع امرأة سواها , أو حتى بدون امرأة . ينبغي أن أقرر بسرعة و ألّا استمر في إضاعة الوقت والتأخر بمعرفة أزرار لوحة المفاتيح الباقية التي لم يصنعها الغربيون , إنما بداخل كل منا , يصنع ما يشاء منها من مفاتيح وبخيارات ما شاء خياله ان يصنعها ليهرب , ويستمر بالهرب نحو الأمس , عبر ذلك الثقب الموجود في جدار الزمن .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى