خالد العسكري .. الفرشاة التي رحلت في صمت

الجسرة الثقافية الالكترونية

أشرف الاطرقجي

في بحثي الافتراضي عبر شبكات التواصل الاجتماعي لتوثيق الاعمال التشكيلية العراقية أو العربية عن طريق النقد الفني كجزء من الوفاء للذين رحلوا ولم يتم تسليط الضوء عليهم بما يتناسب مع عطاء وغنى تجربتهم التشكيلية وخصوصا نحن في زمن ثورة الانترنت، فانا دائما اقر بان يكون لهؤلاء اسم في محركات البحث تجدهم عند البحث عنهم.

وخلال هذه المرحلة كان يستوقفي دائما تشكيلي عراقي كان دءوبا متفانيا للعامل الفني. يسخر حياته للفن التشكيلي وللوحة.

هذا العطاء النموذجي شكل سيرة تميز بها العسكري سنحاول ان نقتفي بدايته ومسيرته الفنية عبر هذه المقالة، حيث ولد العسكري في مدينة الموصل سنة 1937 من عائلة عسكرية لأب ضابط في الجيش العثماني لتكون طفولته المبكرة مسرحا لحب واكتشاف الخامات والغور في التجربة والتخطيط بأقلام الرصاص على الورق المقوى.

كانت سنوات دراسته الاولى دليلا على حبه وتعلقه بالفن فكانت التجارب الأولى في المرحلة الابتدائية ورسم البورتريه للأقارب والجيران ليبدأ الاهتمام من قبل المقربين بهذه الموهبة الولدية، ليكملها في المرحلة المتوسطة.

وكانت البداية الحقيقية مع اقامة معرض للفن التشكيلي مع الفنان التشكيلي الرائد حازم الاطرقجي في عام 1948 وهذا المعرض يعتبر من أوائل المعارض في مدينة الموصل آنذاك، ونال استحسان جل الزوار.

شمل المعرض حينها تجارب أولية حيث رسم الطبيعة والبورتريه. بعد هذه الفترة الوجيزة وصلت الاخبار من بغداد عن افتتاج معهد فنون جميلة مختص في تدريس الفنون، وقد شكل هاجس الالتحاق بالمعهد ضرورة أولية للعسكري فصمّم على دخول معهد الفنون الجميلة والسفر الى بغداد، فتتلمذ على يد جواد سسيلم وعطا صبري وفائق حسن خلال فترة معهد الفنون الجميلة في بغداد، واحتك مع جل فناني تلك المرحلة بكل حيثياتها وعطاءاتها الجمة.

هذه التجربة اعطت الكثير له ليبلور تجربته التشكيلية وتنعكس على أسلوبه على اللوحة.

تخرج خالد العسكري في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1956 لينتقل الى مدينة السماوة ويعمل بها كمدرس للتربة الفنية، مالبث ان انتقل الى زاخو بعدها، والى بغداد ليشارك في الحراك التشكيلي ويشارك في أغلب معارض الرواد في تلك الحقبة.

بعد هذه الفتره سافر إلى اسبانيا ليدرس الفن هناك، ويعمل في مجال الصحافة الفنية والثقافية، لتسقل هناك موهبته وتجربته ويطلع على مزيد من لوحات بابلو بيكاسو وال جريكو.

وبعد هذه الرحلة الى اسبانيا تنقل بين عدة دول وعواصم منها الرياض بالسعودية ليدرس الرسم هناك، وعمان بالاردن، ثم عاد الى العراق في ثمانينيات القرن المنصرم ليقيم فيه عدة معارض خلاصة لتجربته الفنية.

ومن أهم معارضه “مدينتي ومدن اخرى” و”عيون عراقية” تميز أسلوبه بمحاكاة للمدرسة التعبيرية مع التعامل المطلق مع الالوان المائية واقتفاء شفافيتها. شكلت الشفافية اسلوبا اساسيا في تعامله مع لوحاته في مراحله المتأخرة حيث شكل حبه وتعلقه بمدينته الموصل بموروثها الشعبي وازقتها العتيقة هاجسا مهما في اقتفاء مناطق الجمال في عتق هذه المدينة.

كان لبحثه المستمر عن وجوه ليتم محاكاتها مع الوانه المائية الاثر في رسم وجوه الايزيديين في بعشيقة وبحزاني شمال مدينة الموصل، فرسم العديد منهم ببورتريهات منوعة عكست جمال وطبيعة تلك المنطقة وشخوصها قدم العديد من الاعمال المهمة واستخدم الكثير من التقنيات والتكوينات وحاكى كثيرا التراث المهم للمدن العراقية.

انتقل للعيش في مدينته الأم الموصل ليرحل بصمت في شتاء 1995.

المصدر: ميدل ايست اونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى