ألا توجد منطقة وسطى؟!

الجسرة الثقافية الالكترونية-خاص-

 

إن مناصرة المرأة من قبل المجتمع الذكوري باتت مسألة تقليدية، وتكاد تصبح حركة “دراماتيكية”. وكذلك مناداة المرأة بحرية المرأة لم تعد تتناسب مع ما وصلت إليه المرأة في عصرنا الراهن.
مناصرة بعض الشعراء والكتّاب لقضية المرأة في الزمن التي كانت به المرأة فعلاً مضطهدة ومسلوبة الحقوق إلى حد التجني والظلم؛ كانت مناصرة طبيعية ولم تكن مفتعلة ولا بشكل مسرحي كما يحدث في هذا الزمن من قبل بعض المناصرين للمرأة إلى درجة المبالغة والمجاملة لاستقطاب الأضواء والقبول النسائي.
حين كتب شاعر الحب والأنوثة “نزار قباني” عن المرأة وسخّر القصيدة لنصرتها؛ كان التوقيت ملائماً والحروف صادقة. وما ناله من جماهيرية كبيرة لدى المجتمع النسائي لم يكن إلا امتناناً منهن لقصائده التي فضحت الجهل الشرقي، وقسوة العشيرة آنذاك.
لكن ….
لو سلطنا الضوء، وتأملنا المشهد النسائي في الوقت الحاضر، هل تجد أن مرحلة “نزار قباني” وكلماته في المرأة تتلاءم مع ما ما توصلن إليه غالبية النساء من حرية ومساحة كبيرة يتحركن بها “إلا ما رحم ربي”
ربما لم تأخذ المرأة كامل حريتها وحقوقها وذلك لأن طغيان القانون الذكوري مازال أقوى.
لكن
بالمقابل على الشاعر أو الكاتب أو أي شخصية لها اعتبارها. أن لا يكتب بمبالغة شديدة الرقة والرياء، ويصّور لنا المشهد كما لو أن المرأة ما تزال تعيش بذات الاضطهاد الذي كانت تعيشه في زمن ” سي السيد” أو ” لن أعيش في جلباب أبي”
قبل أن يناصر المجتمع الذكوري قضية المرأة أجد أنه من الأوّلى أن نسلط الأضواء على ما جنحت إليه بعض النساء في تشويه معنى الأنوثة من معنى الرقة والاحساس إلى معنى الإثارة وإثارة الرغبة.
ربما أن المرأة قد خرجت من النفق المظلم واستطاعت أن تنال حقها في التعليم والتوظيف ومشاركة الرجال في العديد من الأشياء؛ لكنها أعادت نفسها إلى جاهلية أكبر من جاهلية العرب الأولى. في الجاهلية الأولى كانت المرأة تأخذ سبية أو جارية ولم يكن لها من حول ولا قوة، فتفعل ما يأمرها سيدها بفم صامت. لكن في الجاهلية الحديثة حيث أن المرأة تحمل الشهادة الجامعية وتجيد التحدث بأكثر من لغة، تشغل المناصب الكبيرة، تدخل في حلبات النزاع مع كبار الشخصيات الذكورية. لكنها ما تزال تحت “إمرة أبي لهب” تنفق الأموال الكثيرة على جمال مظهرها، خاصة بعد أن ابتدعوا لها ديانة جديدة هي ديانة التجميل والحقن والشفط وأشياء قد لا أعرف أن أنطقها. وكل هذا من أجل أن يرضى عنها شهريار ولا يذبحها أو يستبدلها بامرأة أخرى. أين التحرر الذي وصلت إليه وهي ما تزال أسيرة فكرة إرضاء رغبات الرجل؟ وأين وجه الحق في مناصرة المرأة وقد وصلت إلى أعلى المراتب؟ أنه التناقض الكبير ما بين الكاتب الذي يدّعي مناصرة المرأة وهو أصلاً قد يكون ” سي السيد” في بيته وما بين المرأة التي بدل من أن تنفق وقتها ومالها على تجميل فكرها وعمقها الداخلي، ذهبت إلى البذخ في تجميل مظهرها الخارجي.
فجأة تحولن غالبية النساء إلى قطع بلاستيكية تتشابه في الملامح؛ فلم يعد الرجل يدرك هل هو يعيش مع زوجته أم هو مع من استنسخت الزوجه شكلها؟
إما أن نغطي المرأة بألف ثوب وألف حجاب، أو أن تكون جارية أو ما ملكت أيمانهم؛ وإما أن نجعل منها آله جسدية سافرة ومبرمجة لإثارة الغرائز والشهوة للجنس الذكوري! الا توجد هناك منطقة وسطى وفكر معتدل ما بين هذا وذاك؟
إن المناصرة الحقيقية ومحبة المرأة من قبل المجتمع الذكوري، لا تكون بأن يدّعي الرجل مناصرة المرأة ظالمة لنفسها كانت أو مظلومة من جهلها. من يعشق ابنته، ويحترم أخته، ويغار على مشاعر حبيبته؛ عليه أن يكون منصفاً للحقيقة، وأن يأخذ بيد المرأة إلى طريق الصواب، أن يُعيد لها إرثها الانثوي المسلوب. إرثها الجميل التي خُلقت عليه ومن أجله، وأن يغمرها بالاحتواء الذي من شأنه أن يجعل منها امرأة عظيمة، أمٌّ لأولاده، صانعة لأجيال تحمل مشاعل العلم والنور؛ لا أن يدفعها لتكون تحفة جسدية ليلية يحتفي بها بصره ويشبع منها رغبته. عندما يناصر الرجال الجهل والجاهلية لإرضاء غرور بعض الفاتنات واستقطاب الأضواء منهن؛ نكون نحن معشر الرجال أداة إجرامية هدّامة وليست أداة إبداعية.
تغزلوا بالنساء، فلهن خلق الغزل!
ومارسوا عليهنّ طقوس الدلال؛ لأن النساء خُلقن من حرير الدلال!
فقط كل ما يحتاجه الأمر هو الإنصاف؛ فأنصفوا النساء بقول الحق وخذوا بأيديهن إلى طريق الجمال..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى