«نجم الكوميديا»… من دون كوميديا

الجسرة الثقافية الالكترونية

جوسلين الأعور

حلقاتٌ ثلاث عرضت من «نجم الكوميديا» على شاشة «الحياة» المصريّة، و «أم تي في» اللبنانيّة، ليتضحّ أنّ البرنامج يجمع عناصر فشل عدّة، من المؤسف أن تجتمع كلّها في عمل واحد. كان لا بدّ من التريّث قبل تقييم البرنامج في حلقته الأولى أو الثانية، غير أنّ الحلقة الثالثة تكرّس أكثر غياب العنصر الكوميدي عن الجو العام للبرنامج، ما أوقع القناتين اللتين تعرضانه في فخ عدم المشاهدة.
عناصر عدّة تآلفت لتحقق إخفاق البرنامج، فالاختيارات جاءت سيّئة على المستويات المختلفة، ونقاط النجاح والقوّة خجولة إلى حد الغياب، بدءاً من لجنة التحكيم. تتألف اللجنة من الممثل المصري المخضرم حسن حسني، والممثل الكوميدي محمد هنيدي، والفنانة اللبنانيّة سيرين عبد النور. قد يكون الاختيار قد رسا على حسني وهنيدي باعتبارهما يمثلان جيلين مختلفين في تاريخ الكوميديا المصريّة، أما علامة الاستفهام فلا بدّ من وضعها حول سيرين عبد النور، التي رغم تحقيقها شهرة لافتة في مجال التمثيل، إلا أنّه لم يسبق لها أنّ قدّمت عملاً كوميدياَ واحداً، ما جعل مشاركتها في البرنامج موضع تساؤل محقّ. اللجنة التي من المفترض أن تقيّم أداء المشتركين، وتعطي الملاحظات وتصوّب الأخطاء بناءً على خبرتها، جاءت تعليقات أعضائها سطحية، وبعيدة كل البعد عن العمق الدرامي في الكوميديا، وانحصرت الآراء بـ «كبسة زر» لإظهار الوجه الحزين (يرمز إلى عدم المتابعة في البرنامج) أو المبتسم (يضمن للمشترك انتقاله إلى المرحلة المقبلة).
من لجنة التحكيم إلى المتسابقين في البرنامج الذين يصطنعون الضحك، في أي مقطع يقدّمونه: غياب الكاريزما، ركاكة النص، والأداء المزيّف الذي يعيد إلى ذاكرتنا تمثيل الطلاب على مسرح المدرسة. هنا أيضاً فشل القيّمون على البرنامج في اختيار المواهب المشاركة، فجاء الأمر بمثابة تمثيل درامي، لا يمتّ إلى الكوميديا بصلة، والمشهد برمّته لا يثير حتّى الابتسام، والنص لا يتمتع بأي مزايا تجعل منه نصاً مضحكاً، لتخال أنّ قلة من المشتركين يملكون موهبة التمثيل أساساً.
كذلك الأمر بالنسبة لمقدّمة البرنامج كارلا حداد، فلم تستطع مطلقاً إحداث أي إضافة، إذ ظهر اصطناع الكوميديا في تقديمها جلياً جداً، وبرهنت أنّها كانت أفضل حالاً في برنامج «الرقص مع النجوم».
عند الحديث عن «نجم الكوميديا»، لا بدّ من مقارنته ببرنامج «آراب كاستنغ» الذي عرض منذ أشهر، فكلاهما في الملعب نفسه، والتمثيل قوامهما. نجد أنّ «آراب كاستنغ» كان أفضل، لناحية اختيار أعضاء لجنة التحكيم وتعليقاتهم المتقنة، إلى جانب المواهب التي تَعِدُ بمستقبل واعد، ومشاهد تمّ العمل عليها بحرفية عالية. في حين افتقر نجم الكوميديا بشكل تام للمعطيات المذكورة كلها. مع العلم أنّ المشاهد اللبناني الذي تابع عبر «أم تي في» نجاح «ذا فويس كيدز» في الأشهر الماضية، فوجئ بأن البرنامج الذي عرض بعده، جاء بمستوىً أقل بكثير من المتوقّع.
من المؤسف تسخيف أحد أهم وأصعب فنون التمثيل مع متبارين هم في حاجة لدروس لا حصر لها في مجالات التمثيل المختلفة، ولا يتمتعون بالموهبة الكافية التي تخولّهم الاشتراك بهذا النوع في البرامج. فليس من المقبول أنّ يتم التصفيق لمشترك «ينبح» خلال المشهد بأكمله، في مثال بسيط على ما شاهدناه في الحلقات الثلاث الأوَل من برنامج «نجم الكوميديا». بانتظار أن تحمل الحلقات المقبلة تغييراً ما، أو على الأقل تحسيناً في العمل على النصوص والشخصيّات.

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى