ياسمين حسين تبحث عن بدايات جديدة ملوّنة

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

سامر سليمان

ظلت النهايات المؤجلة هاجساً ملحاً يطارد الفوتوغرافية الشابة ياسمين حسين، ذلك أن كل نهاية تظل مفتوحة من دون أمل قريب أو حتى بعيد من ممكنات توقفها، ويظل البشر والمدينة والشوارع والبحر والأمواج وعلامات المرور في الدائرة نفسها حيث خريطة مسارات النهاية غامضة.
تقول ياسمين: «لطالما اجتاحتني الإسكندرية كحالة استئناسية دائمة التحوّل والتجدّد لا تتوقف عند نهاية واضحة. كم جذبتني التغيّرات المدهشة شتاءً في الأماكن والشوارع والبحر، حيث يرتفع الماء عن سطح البحر لتغطي أمواجه العالية الجانب الآخر من نهر الطريق مخترقاً العمارات والمباني وعلامات المرور البيضاء في الأرض وخطوات المارة المسرعة، ليدهم الجميع شعور غريب بنهايات لا تتحقق، مع أن الآخرين لديهم شعور بنهايات أخرى شخصية من نوع آخر تتعلق بكل منهم. وما بين النهايات الشخصية لسكان المدينة والمدينة ذاتها، طفت بعدسة كاميرتي سنة كاملة أراقب الإسكندرية بنواتها وتقلباتها وتحولاتها وما تحدثه من نهايات يعمد الآخرون إلى تعطيلها أو تأجيلها أو حتى وقفها». هذا ما قدمته الباحثة بمركز دراسات الإسكندرية وحضارات البحر المتوسط في مكتبة الإسكندرية، بمعرضها البصري – السمعي «نهايات مؤجلة» الذي افتتح برعاية مؤسسة جدران للفنون والثقافة.
50 صورة طرحت بها الفوتوغرافية الحاصلة على شهادة الأدب الفرنسي الحديث وتاريخ الأديان المقارن من جامعة السوربون في باريس، عدداً من التساؤلات عن بقايا أزمنة، بيت الأسرار، خفايا البحر، دفقات الموج، مع إمكان الحديث عن نهاية حاسمة وسريعة، بينما لا يقدر أحد على تفسير البدايات في شكل يقيني، وما إذا كان هناك يقين مفرط يستطيع فرض نفسه على أفكارنا ومشاعرنا.
ترى حسين أن النهايات البطيئة، المؤلمة، المستمرة، هي التي تفرض حضورها الدائم. وتقول: «في انتظار لحظة النهاية، نتعامى عما هو أقل حجماً من وجهة نظرنا، فنعيد إنتاج انتظارنا بينما نعيش نهايات صغيرة فعليّاً، نهايات بالتصوير البطيء، نهايات مؤجلة…».
وقسمت ياسمين لوحاتها الى نوعين من العرض: بصري، وسمعي بصري. ففي القاعة الرئيسة عرضت 15 لوحة جدارية، وفي القاعتين الثانية والثالثة عرضت لوحاتها عبر شاشة تفاعلية تقدّم الصور الفوتوغرافية الواحدة تلو الأخرى، يصاحبها صوت أنثوي (أماني مبروك) يعبّر عن الحالة مع مؤثرات صوتية خاصة شكلت إضافة مميزة إلى عرض الفوتوغرافيا البصري.
وتقول الفنانة: «من الجميل أنه ليست كل النهايات سيئة، فقد لفتتني لفترة طويلة حالة الإحباط والشعور بعدم الجدوى. إلا أنه رغم ذلك كانت النهاية مبشرة من خلال ضوء صغير دائماً ما يظهر في نهاية النفق». وتضيف: «أبحث بعدستي عن تلك اللحظة الفريدة التي لا تتمكن حدقة العين من قراءتها في نظرتها العادية، واقترب أكثر من ممكنات حدوثها في الواقع. فأمام هذه الأعين اليائسة والأفئدة المحبطة دائماً ما أجد جانباً جمالياً ألتقطه بعدستي للاحتفظ باللحظة الفريدة ما بين نهاية مؤلمة تتحول إلى أمل وأخرى مرسلة تتحول إلى نهاية مرحة مبشّرة».
ولكن أين اختبأ اللون في صراعها مع النهايات المؤجلة ولماذا توقفت عند الأبيض والأسود؟ تجيب: «لأنهما الأكثر مناسبة للمرحلة، فالأسود خصوصاً مناسب جداً لمرحلة النهاية ويوحي بالقوة والوضوح وأحياناً القسوة، فالنهايات غالباً ما تكون قاسية».

المصدر: الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى