أمة العبيد..للشاعر محمد اسامة

الجسرة الثقافية الالكترونية-خاص-

 

من صفحةِ الفَخْرِ تبني مجدَها أُمَمُ *** ترفرِفُ اليومَ في آفاقها قِيَمُ
العدلُ يرأسُها في كلِّ ألويتي *** و العِلْمُ و الحِلْمُ و الإدراكُ و الكَرَمُ
أراه يُعلي شعوبًا عزَّ حاضرها*** و الظُّلْمُ مفسدةٌ بالهدم يتَّسِمُ
فالحقُّ يرفعها من دُونِ أعمدة*** لو غاب عنها فلن يبقى لها عَلَمُ
تلامِسُ الشَّمْسَ إذ أفاقها اتَّسعت*** تعمِّرُ الأرض ما يمضي لها قَدَمُ
واحرَّ قلباه ما للعدلِ مُحتَجِبٌ*** أمسى طريحًا و يكسو جِلْدَهُ الفَحَمُ
غُلَّتْ يداهُ و طار الظلم منطلِقًا*** فوق النُّجومِ و بئسَ اليومَ ما نَصِمُ
كم من شُعوبٍ بدت خرقاء فاتَّسخت *** من فَضْلَةِ الجَهْلِ إذ في رأسها وَرَمُ
بِئْسَ الشُّعوبُ التي بالذلِّ قد رَضِيَتْ *** و تَطْمِسُ الحقَّ في أبدانِها سَقَمُ
بئسَ الحياةُ بأرضِ النِّيل ما انتشرت *** فيها الرذيلةُ ما ماتت بها الهِمَمُ
بئس البلادُ و عبدُ السُّوءِ يرأسها *** في نفسه الكُفْرُ بالترويع يضَّطَرِمُ
أتباعه فُتِنوا في عقلهم خَبَلٌ *** خابت مقاصِدُهم إذ كلُّهم رِمَمُ
هذي بلادٌ بدا في أرضها عَفَنٌ *** ساءت خلائقها ما نُكِّسَ الهَرَمُ
أرضٌ بجدْبٍ و قد ضاعت عروبتها *** من كلِّ فجٍّ و في صيحاتها أَلَمُ
قد أخفقَ العِلْمُ فيها صار مُبتذلاً *** أمست بلا نَخْوَةٍ في كهفها ظُلُمُ
فطالِبُ الجَهْلِ أمسى الآن واجهِةً *** و العالِمُ الفذُّ فيها بات يُتَّهَمُ
و السَّارِقُ اليومَ فيها صار ذا شَرَفٍ *** و الحُرُّ قد غُلَّ بالأغلال يَنْخَرِمُ
و حورِبَ الدِّينُ حتى شانها نَصَبٌ *** و هُتِّكَ العِرْضُ و التَّوحيدُ و الرَّحِمُ
ويلاهُ ويلاهُ من دارٍ و قد كفرت *** بأنعمِ الله فيها الدِّينُ ينعدِمُ
و يلاهُ ما أصبح الإذلالُ طابعَها *** و الشَّعْبُ راضٍ بذاك الخَسْفِ يعتصِمُ
و استعذب الذلَّ لا يرضى له بدلاً *** إنَّ الفؤادَ لذاك الجُرْحِ ينْثَلِمُ
فيه الدنيِّةٌ طَبْعٌ تلك سمعتُه *** و يعبدُ العِجْلَ في أسماعِهِ صَمَمُ
يبكي فؤادي بملئ الدَّمْعِ في أَرَقٍ *** ما يُبْصِرُ اليومَ جُرحًا ليس يلتئِمُ
حتى بليتُ و صرت الآن مبتئسًا *** في غَيهبِ الظُّلْمِ قد تُنْسى به ذِمَمُ
ساد الضَّلالُ و في أصقاعها تَعَسٌ *** و الظُّلْمُ منه قلاع العدلِ تنهدِمُ
عمَّ الظَّلامُ و صار الصُّبْحُ منطفئًا *** و الشَّمْسُ إن طلعت في ضوئها عَتَمُ
فالحزمُ غاب و صار الشَّعْبُ في هَطَلٍ *** أمسى خَنوعًا و في أحلامه هِرَمُ
القلبُ يغلي بتلك النَّارِ في جَزَعٍ *** من وطأةِ الجَوْرِ قد تهوي به حِمَمُ
قد صار يُصلى وذاك اللَّفْحُ يلسعه *** بألسُنِ النَّارِ في حَيْفٍ و يلتَهِمُ
فيه السَّقَامُ يكاد القهرُ يذبَحُهُ *** ليُبصر النَّزفُ في أضلاعِه و دَمُ
مهما أقولُ فتلك اليومَ قافيتي *** تبكي بلوعٍ و لا يصفو لها قَلَمُ
و إن دنوت فتلك الآن مَوْعِظتي *** أمست خروقًا و لن يبقى بها كَلِمُ
أضحى فؤادي يخال الحُلْمَ مُندهِسًا *** بأرجلِ القَهْرِ جاء اليوم ينتَقِمُ
أراه بالحُزْنِ قد يُعمى به بصري *** أضحى كئيبًا و كان الأمسَ يبتسِمُ
هذي بلادٌ بدا في نسرها حَوَلٌ *** و النِّيلُ معتكِفٌ في قاعه لَغَمُ
هذي ديارٌ غزاها الشرُّ منتصرًا *** و كلُّ ما كان من صِدْقٍ سينهزِمُ
و بارك الشَّعْبُ ذُلاًّ صار في دَمِهِ *** بالقيحِ و الذُّلِّ و الأدرانِ يرتَسِمُ
مالي أراهم لذاك الذُّلِّ قد نُسِبو *** ما دامَ في بلدي قد يعبدُ الصَّنَمُ
أمست بطاحًا بها أشباحُها اعتليَتْ *** أرائِكَ الخَتْرِ لا يُجدي لها قِدَمُ
خزائِنُ الكُفْرِ من آثامها امتلأت *** بأجمعِ الغَدْرِ ما تعلو بها النِّقَمُ
و آيةُ الخزي في الأوطانِ قد تُلِيتْ *** لتحجُبَ الحقَّ عنهم ليتهم علموا
فيها الرَّذيلُةُ حمقًا طاب منهجها *** و الفضل فيها أراه الآن يُصْطَلَمُ
ما للعبيدِ بأرضِ النِّيل قد عُبدوا *** في دولةٍ سخرت من حُمْقِها أُمُمُ
هذا فسادٌ بدا في كُلِّ أوردتي *** ما عاد يُجدي به حقٌّ سينسَجِمُ
ظنَّ الطُّغاةُ بأن قد خُلِّدوا أبدًا *** في هذه الأرض ما أمسى لهم خَدَمُ
نسوا عقابًا بيوم الحشر يحصدُهُم *** العار يلحقهم و النَّارُ تحتدِمُ
الناس في غفوةٍ في طرفهم وَسَنٌ *** للكفرِ قد ركعوا بالصَّخرِ قد رُجِموا
هلا أفاقوا فإنَّ الذُّلَّ مفسدةٌ *** أعلاه رُعْبٌ و فيه الموجُ مُلْتَطِمُ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى