غموض يلف حياة كاتب “دون كيشوت”

الجسرة الثقافية الالكترونية

عاش الكاتب الإسباني ميغيل دي سرفانتيس حياةً صاخبةً تختلف تماماً عن حياة شخصية روايته “دون كي شوت”، التي جعلته شهيراً عبر الأمكنة والأزمنة.
والأسبوع المقبل، تحتفل إسبانيا بالذكرى المئوية الرابعة على وفاته. إذ توفي سرفانتيس في الـ22 من نيسان عام 1616، أي قبل يوم واحد على وفاة عملاق آخر في مجال الأدب العالمي، هو ويليام شيكسبير الذي تقيم بريطانيا احتفالات كبيرة في ذكراه.
وعاش سرفانتيس 68 عاماً طبعتها الحوادث والمغامرات، منها مشاركته في معركة “ليبانت” البحرية، ووقوعه في قبضة قراصنة، ووقوعه في الأسر عند العثمانيين خمس سنوات، في الجزائر، ثم دخوله السجن في بلده.
ويقول المصور الذي تتبع مسار سرفانتيس في العالم لإقامة معرض خوسيه مانويل نافيا إن “الأمر الذي يعطي أدبه هذه القوة هو حياته الكثيفة بالأحداث”.
في اسبانيا يُقام هذا العام 300 معرض وعرض مسرحي تكريماً لهذا الكاتب. وتمنح، يوم السبت، جائزة “سرفانتيس” الأدبية التي تكرم الكتاب باللغة الإسبانية، في حفل يرأسه الملك فيليب الخامس وزوجته إلى جانب رئيس الوزراء ماريانو راخوي.
ولا يزال الغموض يلفّ حياة سرفانتيس، الذي كان جندياً ثم سجيناً ثم جامعاً للضرائب، والذي ظل كاتباً شبه منسياً إلى أن دفعته شخصية “دون كيشوت” إلى أضواء الشهرة.
منذ عقود طويلة، يعكف المتخصصون على فهم المزيد عن حياته، من خلال التحقيق في الأرشيف بحثاً عن الشهادات القليلة المتوفرة والمقدمات التي تحتوي على شيء من السيرة الذاتية لهذا الكاتب، الذي يعدّ مؤسس الرواية الحديثة، ولمحاولة تمييز الحقائق عن الأساطير التي الصقت بشخصه.
ولد سرفانتيس في العام 1547، في الكالا دي هناريس، قرب مدريد، ثم انتقل إلى العاصمة مع عائلته، وكان في الـ20 من عمره حين كتب أولى قصائده.
وانتقل، في العام 1560، إلى روما، لسبب غير معروف تماماً، يُرجّح أن يكون هرباً من شجار. ودخل صفوف الجيش الإيطالي ثم شارك في معركة “ليبانت” عام 1571، والتي اجتمعت فيها ستة أساطيل أوروبية ضد أسطول السلطنة العثمانية. وأثناء القتال، أصيب سرفانتيس في صدره ويده اليسرى ثم فقد القدرة على تحريكها. وعاد ليشارك في معارك أخرى قبل أن يتوجه إلى اسبانيا عام 1575، إلا أنّ مركبه وقع في قبضة قراصنة نقلوه إلى الجزائر التي كانت آنذاك تحت حكم العثمانيين.
وظل في الجزائر خمس سنوات، ثم خرج بعد أن دفعت عائلته فدية. وفي العام 1584، رزق بفتاة لم ينجب غيرها في حياته، ثم تزوج بعد ذلك من إمرأة أخرى وعاش في قرية كاستل لا مانشا، وهي القرية التي تعرف فيها على الشخص الذي أوحى له بشخصية “دون كيشوت”.
وكتب في هذه المرحلة روايته الأولى “لا غالاثيا” لكنها لم تحقق أي نجاح يذكر. وتولى، بعد ثلاث سنوات، منصباً رسمياً كجامع ضرائب في جنوب اسبانيا. ثم دخل السجن بسبب دين، لم يسدّده على الأرجح.
وفي هذه المرحلة بدأت فكرة “دون كيشوت” تراوده، لتصدر عام 1605 وتلاقي نجاحاً كبيراً على الفور. واستمر نجاحها إلى اليوم إذ تعد من أكثر الروايات نقلاً إلى لغات أخرى، ومن أكثر الأعمال الأدبية الهاماً للكتاب والفنانين.
ويقول رئيس بلدية الكالا دي هناريس خافيير رودريغز إنّه “إذا اطّلع تلميذ في الـ16 من عمره على هذه الرواية يشعر أنّها تتحدث عن حياة المنطقة اليوم، البطالة وهجرة الشباب والنزاعات بين من هم من أصل اسباني وبين الآخرين”.

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى