«محاولات البَطْن» لعبدالله المنياوي.. قاموس وموسيقى مضادان

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

وئام يوسف

يختصر عبدالله المنياوي ألبومه الجديد «محاولات البطن.. نَهَمٌ وإسقاطٌ ومَرقَد» بقوله «اختلاط موسيقي ما بين الشعر والغناء والعزف» محاولاً تقديم الجديد والمختلف، فتمرّد على خامة الشعر بداية من العنوان «محاولات البطن» ليكون البطن ـ هذا الجزء الأجوف والمليء في آن واحد- هو الاستهلال لتساؤلاتٍ عدة يطرحها المنياوي حول العالم فتراه يصعد طوابق ويبحر في الصحراء ثم يصل حد الانقراض ليعود إلى الحياة بموسيقا جدلها من خلفيات عدة، الجاز، المينيماليزم، وبعض الصوفية.
اختار ابن الفيوم أن يطلق ألبومه يوم 19 من أبريل في مساحة زاوية السينمائية، ويناقش فيه عدداً من القضايا الاجتماعية والسياسية والفلسفية «محاولات البطن تعبير مجازي يمكن ربطه بمفاهيم الحياة الفلسفية والاجتماعية والسياسية، فكل ما نعيشه له ارتباط بالبطن كالجوع والأكل والنهم والخوف والجنس والحب والإخراج. هو يومنا الطبيعي الذي بتنا لا نركز فيه بسبب الصنعة والحداثة» يضيف المنياوي لـ «السفير» أن «محاولات البطن» هي القصيدة الرئيسية في الألبوم وتقول «اسأموا شعراً على البطون وجدتُهُ.. كتبتُه كي لا يكون بحيثا.. أدرجتُه على أسنانِ فاتنتي.. قَلَحَاً وسحماً اقتداء بالبنايات الحديثة».
«محاولات البطن» هو الألبوم الأول الواضح للمنياوي، سبقه ألبوم أطلقه على مراحل خلال حفلاته التي أقامها في السنوات الخمس الماضية، في حين شارك في ألبوم «درج» لفرقة «كارل جاري» الألمانية بالتعاون مع معهد غوته. يتضمّن جديده أربع مقطوعات غنائية وأربع قصائد تُؤَدى برفقة عزف موسيقي ألّفه المنياوي إلى جانب كتابته كلمات القصائد والأغاني أيضاً، يرافقه عازف الباص يوسف حسن والبرتغالية جراسا كرافليو كمؤدية وعازفة كمان، ومغنية الأوبرا خلود عادل.
عبدالله المنياوي كاتب ومؤلف موسيقي و «مؤدٍ»، كما يفضل أن يقال عنه رغم امتلاكه صوتاً يستحق تسمية مغنٍّ، بدأ بكتابة الشعر مذ كان في الثامنة من عمره، وفي عمر الخامسة عشر بدأ الكتابة لفن الراب تزامناً مع التأليف الموسيقي، ليذهب مع الوقت إلى ضفة أخرى، الصوفية فكتبها وغناها، مستغرقاً في أبهى طرقها «الخليلية» منذ خمس سنوات مع الشيخ صالح الشافعي، ليصل في ما بعد إلى تيمة موسيقية خاصة به، فيها جانب أصولي ضفره بالجاز و «المنيماليزم» تيار موسيقي كلاسيكي يقوم على التكرار بعيداً عن النمطية، يشير المنياوي إلى أن مثله الأعلى هو الموسيقي الإستوني أرفو بارت «بارت من أهم موسيقيي العالم، يقدم موسيقى مختلفة ولها هندسة خاصة، وهو صاحب نظرية الرنين الموسيقي المستقاة من الجرس الروسي».
يؤكد المنياوي أن النوع الموسيقي الذي يقدمه يواجه تحديات عدة، سواء من حيث التواصل مع موسيقيين آخرين أو منسقي المهرجانات الذين لا يدعمون الحراك الفني الشبابي كما يجب، فضلاً عن أن قاموس المفردات العربية الذي يستقي منه قصائده وأغانيه، عن المتناول، ما يضع أعماله في خانة النخبوية، وهو الأمر الذي يرفضه، معللاً ذلك بأن الجيل الناشئ أكثر سعة واطلاعاً من غيره، وليس ببعيد عما يقدّمه.
«الطابق الثامن» واحدة من قصائد الألبوم التي اختار المنياوي مفرداتها قريبة من إيقاع الهيب هوب، يقول فيها «هبوط الطابق الثامن، يقفون خلفكَ يمدّون أيديهم، ينادونَكَ أيّها الثمين فلا تجدَ أيَّ قيّمٍ بينهم، قعقعةُ الضروسِ والمعالق تنسيكم عُلوَّ الطوابق، ستكونينَ بخيرٍ وعلى مايرام، وسأكونُ بطابقين عالق».
«أبحث دائماً عن الوسائل التي تجعلني أصل للجميع، مع الحفاظ على الهوية والتيمة الأساسية التي امتلكها، ساعياُ في عدم الوقوع في فخ التنميط فهو أكبر عائق أمام التقدم»، يقول المنياوي، مشيراً إلى صعوبة العمل في الظروف الحرجة التي تمر بها مصر والعالم، مشبهاً هذه الأيام بحالة انقراض أشار إليها في أغنية تخللت الألبوم حملت اسم «أقساطُ وأبُقراطْ» يقول فيها «أسألتَ يوماً عن مخزون الرياح؟ قبل مخزون الشعير، وداهسات دلهي وهؤلاء ومحصول الكفوف ومحصورُ الجهير، واللاهثين الباحثين عن نكح الهباء وذلك الثوب باع الكثير».
«محاولات البطن» محصلة دأب المنياوي لسنتين من الزمن، لعلها تثمر خيراً وتفاعلاً من الجمهور، أملاً في أن يقدمه يوماً على منصّة في مدينة الفيوم، «مصبه الروحي» وحلمه الذي طارده لـ18 عاماً أمضاها في السعودية ليعود إليها، فيرى أنّ الواقعَ عدوّ للحلم أحياناً، لأنها ككل مدن الأقاليم الغارقة في الفقر الثقافي والمعنوي، رغم ذلك هو يسحبها معه في وجدانه وفكره، كما جزيرةٍ تفيض بالطيبة والخصوبة.

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى