الموسيقار المصري فتحي سلامة: البقاء للأرخص

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

شيرين عبده

فتحي سلامة الموسيقي المصري المخضرم محبط، توقف عن العمل داخل مصر والعالم العربي، الموسيقى التصويرية ساذجة ودعوى الاستقلال كاذبة والبقاء للأرخص

فتحي سلامة، الموسيقي المخضرم صاحب بصمات ضخمة في إرساء العديد من قواعد المشهد الموسيقي منذ الثمانينيات حتى الآن، وصاحب فضل في تعليم وانطلاقات نجوم مثل عمرو دياب منذ «ميال» ومحمد منير في أعمال عديدة، والمصري بل والعربي الوحيد الحاصل على جائزة الغرامي العالمية عن توزيعه لألبوم (يوسو ندور)، والمصري الذي لم يفه الذوق العام المنحدر حاليا حقه فاتجه عوضا عنه إلى الأعمال العالمية مع عمالقة أمثال سيزاريا إيفورا، ومؤسس فرقة شرقيات بصوتها الخاص ويمكن القول بأنه مؤسس لصوت موسيقى الجاز المصرية، اليوم نحاوره في تفاصيل موسيقية عديدة حول المشهد الحالي بكل تعقيداته:
ما بين عملك منذ الثمانينيات حتى الوقت الحالي ما هي المتغيرات في عملية التوزيع الموسيقي؟
يمكنني القول بأن المشهد الموسيقي بقواعد التوزيع التي كنت واحدا ممن أرسوها منذ الثمانينيات حتى اليوم لم تتغير قواعده عدا تفصيلة واحدة وهي استعمال الكمبيوتر كآلة مساعدة في التوزيع، وما عداه لا أرى جديدا على عملية التوزيع الموسيقي أو ناتجا له إذا استثنينا المهرجانات وأغاني الفرق الجديدة في الساحة غير التجارية.
وبأي عملية تستمتع أكثر من بين الثلاث: التوزيع، التأليف الموسيقي أم العرض الحي؟
العمليات الثلاث متساوية لدي وتعطيني نفس القدر من الاستمتاع في أثناء ممارستها فلا أفضل شيئا عن الآخر.
هل توقفت عن تأليف القطع الموسيقية الجديدة منذ فترة؟
بالطبع لا، توقفت فقط عن العمل داخل مصر والوطن العربي لأن الواقع محبط وغير مشجع، والذوق العام يأبى ما نقدمه ويتجه مصمما نحو الانحدار، ما عدا عملي المؤخر مع منير، لذلك فضلت التوجه بعملي للخارج وتركيز طاقتي في العمل مع موسيقيين عالميين في التأليف والتوزيع وتقديم العروض الحية.
وكيف تفسر انتشار وشهرة موسيقيين كبار في الخارج بينما يجهلهم أهل بلادهم ولا تتحقق لهم الجماهيرية الكافية داخلها؟
هذا يرجع لحالة الجهل السائدة في مجتمعاتنا العربية حيث لا نسعى إلا لمعرفة القشور التافهة عن الخارج ومن ضمن هذا الموسيقى التي لا يصلنا منها بالمناسبة سوى القشور التجارية التافهة من الخارج ونهمل البحث عن المحتوى الحقيقي لما يحدث وينتج من موسيقى، ويرجع هذا أيضا إلى المرحلة التي نمر بها والظروف المعقدة الاجتماعية والسياسية.
الموسيقى التصويرية والغناء المستقل
كصانع للموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام، هل كل القطع الموسيقية تصــلح كموســيقى تصــويرية لأفلام؟ بمعنى آخر ما هي علاقة الموسيقى بالصورة؟
هذه نقطة يقال فيها الكثير ويسأل عنها بالأولى صناع السينما وتناولتها العديد من الكتب والمقالات بالشرح، ولكن بالنسبة لي مفهوم أن الموسيقى التصويرية هي عملية إضافة بعد ثالث للفيلم أو الصورة، وهي ترجمة للصورة لا بدَّ أن تكون غير مباشرة وإلا كانت ساذجة كما هو الحال في أغلب موسيقى أفلامنا التصويرية منذ أجيال، إذ إن ثيمات الموسيقى التصويرية لم تتغير منذ آن وهي تبادل العاملون عليها استخدامها بحيث أصبحت ثيمة الخوف أو العرب أو الحب معروفة ومحفوظة ومستهلكة، بحيث إنك إذا سمعت واحدة تكون سمعت كل الثيمات، وفي هذا نقطة مهمة جدا وهي جهل المخرجــين التام بفكرة ومفهــوم الموســيقى التصويرية، وجهلــهم الموســيقي عمومــا وعدم تكون فكرة لديهم عــن علاقــة الموســيقى بالصورة.
هل الفاصل بين الساحة المستقلة والساحة التجارية لسوق الموسيقى واضح الآن؟
لا، الفاصل مبهم وغير واضح على الإطلاق، الاستقلال الموسيقى كما نراه في الخارج هو أن يكون المغني أو صاحب المشروع الموسيقي هو المسؤول الأول عن اختيار محتواه وطرق تسويقه وتقديمه والدعم المادي له، إنما على الساحة العربية التي تدعو نفسها زيفا بالمستقلة يقاتل بعضا ممن يدعون أنفسهم بالمستقلين للحصول على فرصة توقيع عقد مع أي منتج أو شــركة لتقديم الإعلانات وفي نفس الوقت يتجــهون بغــرض كــسب الجماهيرية لتغيير محتوى ما يقدمها ليصبحوا تجاريين أكثر من السوق التجاري للموسيقى، وفقط عند عجزهم عن هذا يتمسكون بلقب فرقة أو مغن مستقل.
في رأيك ما هي معايير المشروع الموسيقي الناجح أو مشروع النجم الناجح الآن؟
المعايير دائما هي الفكرة والتقنية، المشروع الموسيقي الناجح يحتاج إلى فكرة لها أبعاد حقيقية وتقنية لتنفيذ هذه الفكرة وتحويلها إلى حقيقة واقعة، وطبعا فكرة أن الصوت الجيد كاف لبناء مشروع هي فكرة مغلوطة لا أساس لها من الصحة وإن سيطرت على الفكر العام.
كاميليا جبران
من يعجبك في المشهد الحالي العربي ويمكن القول بأن لديه مشروعاً مكتملاً ناجحاً؟
لا أجد مثالا يستحق ذكره سوى كاميليا جبران على المستوى العربي، لديها مشروع مكتمل ولديها الفكرة والتقنية اللازمة لتنفيذها وتوصيلها.
هل تقديم الموسيقى يحتاج لرأس مال كمشروع تجاري؟
للأسف في المنطقة العربية في الوقت الحالي تحولت فكرة تقديم مشروع موسيقي إلى مشروع تجاري فاشل لا يحتمل الربح إلا إذا كان المشروع تافها وخاويا من أي محتوى ليناسب الذوق العام المنحدر، بحيث أصبحت أغلب المنتجات الموسيقية انعكاسا للواقع السيئ، وأصبح أي منتج موسيقي يحقق الانتشار يترجم الأحوال الرديئة لحياتنا، وهنا لا أتوقف عن ترديد قولي بأن (البقاء للأرخص) في هذا الزمن، الأقل جودة وقيمة وفكرة والأكثر ابتذالا هو الناجح يمقاييس هذا الزمن.

المصدر: السفير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى