النص الإبداعي يكتمل باستنطاق القارىء لجمالياته

 

صدر للكاتب والصحفي البحريني كمال الذيب كتاب بعنوان “أسئلة الصمت، مقاربات نقدية في الأدب البحريني”، بالتعاون بين المؤسسة العربية للدراسات والنشر وهيئة البحرين للثقافة والآثار.

يحتوي الكتاب على عدد من الحوارات الفكرية، الأدبية، الصحفية والفنية المختارة، التي تشمل عددا من رموز الحركة الثقافية والفنية على الساحة البحرينية، إلى جانب تقديمه لعدد من المقاربات والقراءات النقدية لكتب ونصوص وأعمال تشكيلية وفنية.

يتناول في باب القصة والروية، روايات الروائي عبدالله الخليفة، والقاص جمال الخياط، محمد عبدالملك، عبدالقادر عقيل، وفي مجال الشعر يتحدث عن علوي الهاشمي، علي خليفة، قاسم حداد علي الستراوي.

وفي باب مراجعة الكتب، يستعرض المؤلف كتاب “تحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي” للكاتب البحريني محمد جابر الانصاري، وكتاب “حول بداية التعليم والتنوير” للباحثة البحرينية مي الخليفة، وكتاب “عبور الابد الصامت” للناقد جعفر حسن، وكتاب “كتابات عتيقة من البحرين” للكاتب حسين راسد الصباغ.

يشير الذيب إلى أنه عندما درس في الثمانينيات من القرن الماضي مناهج النقد الأدبي وتياراتها المختلفة في خضم التصورات التي ميزتها آنذاك كانت الاتجاهات النقدية الجديدة “الشكلانية، والأسلوبية والألسنية، والبنيوية”، قد انتشرت على نطاق واسع في الفضاء الجامعي، حتى ان الاتجاهات النقدية التي كانت حديثة في زمنها، كالتفسير الاجتماعي للأدب، النفسي، والتاريخي، قد غدت قديمة مستهلكة.

ويضيف أن اتجاهات نقدية جديدة ظهرت، ترفض نسبة النص الى مبدعه، وأصبح تحليل النص الأدبي مقتصرا على تحليل “النص”، وحده، بدون التعرض لعلاقته بمبدعه أو للظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي أحاطت بمولده، ويحصر الناقد جل همه في تحليل “وحدات” النص، “بنياته” الدالة وعلاقاتها ببعضها بعضا.

ويعتقد المؤلف أن نظرية التلقي كانت هي الأكثر إغراء في مجال النقد الأدبي لأنها تقوم على تحويل الاهتمام النقدي من المؤلف والنص الأدبي الى المتلقي، لأنه فهم النص الأدبي وتأويله لا يتم الا بواسطة الدور الذي ينهض به القارئ في هذه العملية.

وهذه العملية كما أشار الذيب أقرب الى عملية إعادة إنتاج للنص، بدون إقصاء المنهج النقدي السابق، بل استثمارها وتجاوز نقائصها في الوقت نفسه، فيمكن التمييز بين العمل الابداعي الذي أنتجه الكاتب، والعمل الذي أعاد إنتاجه القارئ “المتلقي”، انطلاقا من النص ذاته، من دون أن تكون عملية إعادة الإنتاج متطابقة مع النص الأصلي، ولا مع رؤية الكاتب، فلا تطابق بالضرورة بين النصين: نص المبدع ونص المتلقي.

ويرى المؤلف أن النص الأصلي، لا يتحقق في حالة استلاله أو صمته، بل يتحقق من خلال استنطاق القارئ له، لأن النص لا تدب فيه الحياة الا عندما يكون موضوعا للإدراك والتأويل والتحليل غير المستقل عن القارئ.

فعملية التلقي كما يعتبرها كمال الذيب ليست حكرا على القارئ وحده، بل هناك عملية مشتركة بين الكاتب والقارئ فكلاهما يمارس هذه الوظيفة بطريقته الخاصة مستخدما أدواته المعرفية والجمالية والأدبية، وإنما يختلفان من حيث الموقع، فالقارئ يأخذ موقعه خلف النص أو وراءه بينما يأخذ الكاتب القارئ موقعه قبل النص.

ويذكر أن كمال الذيب هو كاتب صحفي وناقد من البحرين، مستشار إعلامي، وعضو في أسرة الأدباء والكتاب البحرينية، عضو جمعية الصحفيين، له عدد من الإصدارات الإعلامية والثقافية المنشورة.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى