كتّاب يطالبون بسن تشريعات «واضحة» للكاتب.. وهامش أعلى للحرية

عمر المحبوب

دعا عدد من الكتّاب والصحافيين إلى ضرورة وجود هامش حرية كبير يستطيع الكاتب من خلاله معالجة القضايا من دون تشديد في الرقابة، وطالبوا في حديثهم إلى «الحياة» بإيجاد تشريعات وقوانين أكثر وضوحاً للكاتب. وبينما أكد الكاتب فاضل العماني وجود هامش من الحرية حالياً، إلا أنه أفاد بأنه دون المستوى المأمول، وأن هامش الحرية لدى الكتاب يختلف من صحيفة إلى أخرى.
وقال: «مع الاسف لا يعرف حتى اللحظة ما هي المحظورات التي لا يجب على الكاتب التطرق إليها، غير المحاذير الثلاثة المتعارف عليها وهي (الجنس، السياسة، الدين)، لافتاً إلى وجود سوء فهم لدى العديد من الكتاب حول الخطوط الحمر».
وأعتبر ان الحرية الموجودة حالياً افضل من السابق، وأن الكثير من الكتاب يستطيع توجيه نقد بناء للعديد من الوزارات والجهات في الدولة، لكن هناك حاجة ملحة لوجود تشريعات وقوانين أكثر وضوحاً للكاتب توضح الخطوط الحمر، وهي من مسؤولية وزارة الثقافة والاعلام التي تعتبر جهة رقابية، مؤكداً أن قضية إيقاف بعض كتاب الرأي قد تأتي لعدم معرفتهم بهذه الخطوط أو حدوث سوء فهم لديهم. في حين أشار إلى أن إيقاف الكتاب قد يؤثر في بقية الكتاب، إلا أنه في النهاية لم تتحول هذه القضية إلى ظاهرة.
وطالب العماني بضرورة سن تشريع للكاتب، من خلال إيجاد مهنة تحمل مسمى «كاتب»، وأن هذا سيحفظ حقوقه المادية والمعنوية، فضلاً عن كونه نوعاً من التكريم للكاتب، خصوصاً أن كتاب الرأي حالياً يتمتعون بحضور شعبي ورسمي قوي، ويتم تكريمهم في العديد من المناشط والفعاليات الثقافية.
بدوره أوضح المشرف العام على قناة الثقافية السعودية عبدالعزيز العيد في حديث إلى «الحياة» أن كتاب الرأي في الصحافة السعودية «لديهم سقف عال من الحرية مقارنة بالسابق»، مشيراً إلى أن بعضهم «لا يريد هذا السقف العالي من الحرية، بدليل أن السقف مرتفع في بعض الصحف، بينما هو منخفض في أخرى، على رغم أن جميعها تصدر في السعودية». وأوضح العيد أن سقف الحرية «مرتفع في المملكة مقارنة بدول الخليج».
ولفت العيد إلى ضرورة أن يكون القارئ واعياً وفارزاً لجميع ما يكتب من جميع التيارات الفكرية، وقال: «تخيل لو كان الجميع على الفكر والمنهج نفسهيما، فلن يكون هناك أي شغف»، موضحاً أن حالات الصدام والإثارة «جيدة للثقافة، بشرط ألّا يكون هناك تعصب أو إثارة». واعتبر اجتماع الكتاب من التيارات الفكرية في أي محفل «إثراء للمشهد الثقافي وليس إسقاطاً له، وأن لكل كاتب رأيه الخاص، ويجب أن يحترم».
وأرجع قضية إيقاف كتاب الرأي في السعودية «إلى ارتكاب الكاتب عدداً كبيراً من الأخطاء، فبعض الكتاب يعتقدون أن دورهم أكبر من هذا ويبدأون بعدها في التحريض وتبنّي وجهات نظر قد تؤثر في السياسة العامة، وأيضاً يبدأ في تأجيج الرأي العام أو استهداف أشخاص»، مشيراً إلى أنه «لا أحد يتم إيقافه إذا لم يتركب خطأ».
وقال العيد إن بعض الكتاب «المشاغبين» لم يتم إيقافهم، «والدولة تعرف أنهم مشاغبون». وعزا ذلك إلى أن الدولة «تعتبر شغبهم «لذيذاً»، وإن تم إيقافهم فإنه يسمح لهم مرة أخرى بالكتابة، لمعرفة أنه كاتب يحب الوطن». وأكد ضرورة وجود قوانين ملزمة للجميع «تتقيد بالمصلحة العامة وعدم استهداف الأشخاص، أو النقد بصورة حادة»، منوهاً إلى أن الخطاب الإسلامي «تغير في المشهد الثقافي، ووجوده جيد بما نتفق أو نختلف معه، ويجب ألّا ننحي إلى أي تيار».
وفي السياق ذاته، أوضح عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية لكتاب الرأي عبدالله القفاري أن الجمعية أخذت جميع التصاريح اللازمة من وزارة الثقافة والإعلام، «بيد أن الأخيرة طلبت أخذ التصاريح من وزارة الشؤون الاجتماعية، بحكم أن نظام الجمعيات الأهلية انتقل إليها»، مشيراً إلى أن الجمعية «سيكون لها دور في معالجة قضايا الرأي، كما سيكون لها دور في معالجة قضايا الرأي من خلال الحوار وبرامج تدريبية للنشء، إلى جانب إيجاد صيغة قانونية مرتبطة بمنظومة قانونية».
وقال القفاري: «إننا نحتاج إلى تشريع للكاتب، من خلال سن أنظمة عامة يحب أن تأخذها المؤسسات الصحافية في الاعتبار»، موضحاً أن هامش الحرية الذي يتحرك فيه الكاتب لمعالجة القضايا يعود إلى سياسة الصحيفة، موضحاً أن عدداً من الصحف «تواجه مشكلة في الحرية، ولديها اعتبارات بأن بعض الآراء قد تتسبب لهم في مشكلات مادية، خصوصاً عندما تتعارض المصالح مع المعلنين».
ولفت القفاري إلى أن حرية الرأي «مسألة نسبية، ويجب ألّا يحجب الرأي عندما يتم التطرق إلى قضايا وطنية مدعمة بأرقام وإحصاءات»، مستشهداً ببعض الصحف التي لديها عرف في الممارسة المهنية والمبنية على مساحة الرأي، «خصوصاً الصحف التي تصدر من الخارج، بعكس الصحف التي تصدر من الداخل ولديها قلق من التجاوزات التي قد تحصل أو مشكلات مع المعلنين».
وزاد: «لا توجد لدينا حرية مقننة، وهذا يعتمد على ما يكتبه الكاتب، وكثير من المقالات التي ترفض هي بمسمى الحرية، وتمارس أحياناً التعدي على الآخرين، وأنا معها، ولكن يجب أن يطور الكاتب أدواته، كي يتجاوز هذا الأمر».

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى