عبدالله إبراهيم يعلن بدء طباعة أول موسوعة من نوعها للسرد العربي

محمد الحمامصي

ضمن فعاليات جناح مؤسسة محمد بن راشد في إطار معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ 26 كان لقاء الناقد د. عبدالله إبراهيم الذي أعلن عن الشروع في طباعة موسوعته عن السرد العربي، وقال: “قد شارفت على الانتهاء من إعداد الفهارس، والمراجعات اللغوية، ولم يبق سوى إرسال الموسوعة إلى المطابع”.

ووفقا للدكتور عبدالله فإن موسوعة السرد العربي هي كتاب موسوعي بـ 3600 صفحة يتألف من 9 مجلدات كبيرة بمعدل عام هو 400 صفحة للمجلد الواحد تزيد قليلا أو تنقص حسب التقسيم والمادة المدروسة.

استغرق العمل على الموسوعة أكثر من عشرين عاما، بدأ التخطيط لها في شتاء عام 1987، ولكن بدأ العمل عليها كمشروع موسوعة متكاملة منذ عام 1994، واكتمل شكلها النهائي في عام 2015 برعاية مؤسسة محمد بن راشد.

وقال د. عبدالله إنني شديد الثناء على مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم على رعاية هذه الموسوعة، والاهتمام بها، وطباعتها، فلولاها لتعذر اخراج كتاب طموح بمثل هذا الشمول والسعة والحجم، فقد امتزج طموحي مؤلفا ومتخصصا في الدراسات السردية بطموح مؤسسة محمد بن راشد، وهي مؤسسة رائدة في بذر مفاهيم جديدة في ميدان اقتصاد المعرفة بكافة أشكاله، وقد تنبهت هذه المؤسسة إلى رعاية المشاريع التأسيسية في مجال الثقافة والعلوم، بل وتعميم ذلك بمبادرات كبيرة أهلتها لأن تكون مؤسسة عالمية في هذا المجال.

وأضاف “مادامت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم قد أخذت بزمام اقتصاد المعرفة، فأجدني شغوفا بالتعاون معها فيما تهدف إليه، وتعمل من أجله، وأتطلّع، بعد أن انهينا بنجاح أحد أهم المشاريع المشتركة بيننا، أن نعمل معا من أجل مشروع مواز في أهميته، بل يفوق ذلك، وسيكون له صدى عالمي، وهو البرهنة على أن العرب المسلمين قد اكتشفوا العالم القديم برمته، من اليابان إلى إيرلندا، ومن القطب الشمالي إلى السواحل الجنوبية لأفريقيا، وهو أمر سيكون مثار ذهول العالم والاكتشاف مؤكد بنصوص موثقة تزيد على ألفي صفحة معززة بالوثائق والخرائط والرسوم، ولو وفّقنا في التعاون فسينتج عن ذلك مأثرة منقطعة النظير أتمنى أن أتولاها بها قبل انطفاء العمر.

وأضاف “تولّت الموسوعة دراسة ظاهرة السرد في الأدب العربي منذ العصر الجاهلي إلى وقتنا الحالي، فقدمت تحليلا مفصلا لكل الظواهر السردية الكبرى، ووقفت على الأنواع السردية الأساسية كالمقامات، والحكايات الخرافية، والسير الشعبية، وأدب الرحلة، والرواية الحديثة التي خصص لها أربعة اجزاء، فجاء التوزيع منسجما أربعة أجزاء للسرد القديم، وأربعة أجزاء للسرد الحديث، وجزء خاص بالفهارس الشاملة.

وكشف د. عبدالله عن أنه جرى كتابة تاريخ نشأة كل نوع من الأنواع السردية الكبرى في الآداب العربية، وأعقب ذلك تحليل شامل لأبنيته السردية والدلالية، ولهذا قامت الموسوعة على أكثر من ألف مصدر أساسي في الآداب العربية، الغالبية العظمى منها نصوص أدبية طويلة جرى تحليلها بتوسع (لإعطاء فكرة، على سبيل المثال، فسيرة الأميرة ذات الهمة بـ 70 جزءا، وسيرة عنترة بن شداد بـ 55 جزءا، وسيرة سيف بن ذي يزن بـ 17 جزءا، والسيرة الهلالية التي تفككت إلى ثلاث سير بثلاثة مجلدات كبيرة، ناهيكم عن اكثر من 500 رواية صدرت منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى الآن، وبعض الكتاب جرى تحليل معظم أعمالهم، مثل نجيب محفوظ، وأمين معلوف الذي يحضر هذه المناسبة لاختياره شخصية العام في جائزة الشيخ زايد للكتاب”.

وأكد أن “موسوعة السرد العربي” تمثل خلاصة عملي في مجال السرديات وخصصت لدراسة الظاهرة السردية باعتبارها ظاهرة ثقافية، وليس ظاهرة أدبية فقط. أعني بذلك أنها ظاهرة قامت بتمثيل للخيال العربي منذ العصر الجاهلي إلى نهاية القرن العشرين. أي أن الظاهرة كما يبدو لي، هي إحدى الظواهر المهمة التي شهدتها الثقافة العربية، وهي لا تقل على الإطلاق لا عن الظاهرة الشعرية، ولا عن الظاهرة الدينية. وقد قامت بتمثيل المخيال العربي في إنتاج صورة خاصة للذات وإنتاج صور الآخرين.

وقد تتبعت هذه الظاهرة منذ العصر الجاهلي مروراً بالإسلام، ثم العصور الإسلامية الوسيطة كالعصر الأموي والعصر العباسي، وانتقلت إلى القرن التاسع عشر حيث اقترحت في الموسوعة تفسيرا ثالثا لنشأة الظاهرة السردية الحديثة، وبخاصة نشأة الرواية العربية في محاولة لإعادة النظر بالتفسير الشائع الذي يقول إن الظاهرة الروائية إما أنها استعيرت من الغرب، أو أنها طورت عن المرويات السردية العربية، ثم انتقلت بالموسوعة إلى القرن العشرين وحللت مئات الروايات”.

وأشار د. عبدالله إلى أن الهدف من كتابة موسوعة السرد العربي هو استنباط القواعد الكبرى للسرد العربي الحديث من خلال هذه المرويات والمدونات السردية. تتضمن هذه الموسوعة ما أعتقد أنه خلاصة جهد نقدي تحليلي يقوم على رؤية ثقافية للظاهرة السردية. وفيها أيضاً حاولت أن أبين كيف يتشكل النوع الأدبي ثم يستقيم ويهيمن ثم كيف يتحلل، ويتفكك، ويتلاشى، وينبثق نوع جديد في أعقاب النوع القديم.

وقال: “واظبت على عملية التأليف حيثما أكون، فقد شغفت بعالم السرد العربي قديمه وحديثه، وعزمت على تفسير هذه الظاهرة تفسيرا ثقافيا موسعا، فلم أتردد في الاطلاع على مئات المصادر في كل موضوع من موضوعاتها، وما خالجني اليأس، ولا التردد، وانتهيت إلى وضع كتاب موسوعي رسم ألفا وخمسمئة سنة من تاريخ الظاهرة السردية في الثقافة العربية. وأنتهز هذه المناسبة، وهذا التجمع الثقافي في معرض أبوظبي، للاعلان عن الشروع في طباعة الموسوعة، وقد شارفنا على الانتهاء من اعداد الفهارس، والمراجعات اللغوية، ولم يبق سوى إرسال الموسوعة إلى المطابع”.

يذكر أن د. عبدالله إبراهيم مفكر وناقد وأستاذ جامعي من العراق متخصّص في الدراسات السردية ونقد المركزيات الثقافية، أصدر 20 كتاباً ونشر أكثر من 40 بحثاً علمياً محكماً في كبريات المجلات العربية، والعشرات من الابحاث الثقافية العامة، وشارك في تأليف وتحرير العديد من الكتب والملفات الثقافية والفكرية والموسوعات العلمية. نال درجة الدكتوراه في الآداب العربية عام 1991 من جامعة بغداد. عمل أستاذاً للدراسات الأدبية والنقدية في الجامعات العراقية، والليبية، والقطرية منذ عام 1991 لغاية عام 2003. ثم منسقاً لجائزة قطر العالمية في الفترة من 2003-2010. ويعمل حالياً خبيراً ثقافياً بالديوان الأميري في الدوحة، وهو باحث مشارك في الموسوعة العالمية.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى