العراقي احمد ضياء: المسرح التجريبي أثبت نفسه بخطاب شاب

حميد عقبي

سبق أن صدر كتابي «محاولة لتشخيص أزمة المسرح العراقي» جمعت عشرة حوارات مع عشر شخصيات مسرحية، تعددت وجهات النظر، ويمكن أن نحسّ بقسوة الواقع السياسي والاقتصادي، كلها عوامل تشل المشهد المسرحي وتكبل مبدعيه، مع ذلك يستمر الحلم ويظل المسرح العراقي يشتعل بتجارب شابة.
نتوقف اليوم مع وجه شبابي أحمد ضياء، وهو شاعر ومسرحي، نال شهادة الماجستير في المسرح، نلتقيه لنسلط الضوء على قضايا شائكة في المشهد المسرحي العراقي اليوم.

■ المسرح العراقي بعد التغيير.. هل تتفق مع هذا المصطلح؟
□ مصادر المشاهدة للممثل أو المخرج أو أي فرد عراقي تغيرت وبدأت تؤسس لمنظومة جمالية جديدة بسبب التلاقح المشاهداتي والبصري، الذي افرزته ثيم ما بعد التغيير. لكن إلى أي مدى بدأت تزحف هذه البواكير الإخراجية لثبيت مركزيتها؟ هناك عروض فردية أسست لها مجالاً مغايراً برز فيها الشباب كعنصر فاعل، مثل عروض الشهيد هادي المهدي، ومن ثم الخط الذي بدأ الآخر بتقليده وبعدها جاء تحرير الاسدي، عباس رهك، مصطفى ستار، علي دعيم، على سبيل المثال لا الحصر، وهؤلاء فتحوا مجالاً جمالياً مغايراً لما هو سابق. كما لا يفوتني ذكر عرض «سجادة حمراء» للمخرج جبار جودي.
■ ما هي المسارات الفكرية والجمالية للمسرح العراقي اليوم؟
□ هناك مساران أساسيان على صعيد النص والعرض، ففي النص هناك ما هو ناسف للإطار العام للعرض، إذ تمثل في مجموعة لم يسلط الضوء عليها «عشر مسرحيات مشاكسة» للكاتب شاكر عبد العظيم، وفيها من الاشتغال الهدمي للإطار النظري المكرس، وهناك فضاء العرض الذي كسر الحواجز التابويه، حيث بدأت الآن بعض العروض ترفض، أو لا يسلط الإعلام الضوء عليها خوفاً من موقف سياسي معين، أو موقف ديني، بالتالي فمثل هذا الأمر خلق إصراراً لدى المخرج للانتقال إلى مسرح الشارع.
■ سامي عبدالحميد وصلاح القصب وفاضل خليل وغيرهم تختفي وجوه مبدعة قادت المسرح العراقي لفترة طويلة.. ولكن يبدو خفوت وضعف التأثير اليوم خصوصاً على جيل الشباب.. كيف تشرح لنا ذلك؟
□ هو ليس خفوتاً فالممثل سامي عبد الحميد إلى الآن يعمل ممثلاً ومخرجاً في العروض التي تقدم على المسرح الوطني أو التي تقدم في الخارج، أمّا المخرج صلاح القصب فإنه دائماً ما يصرح أن لديه عملاً للإخراج أسمه «ريتشارد الثالث» إلا أن الميزانية التي يتطلبها لهذا العمل كبيرة، بالتالي فهو بقيّ عند هذا الحد بانتظار من يدعمه ليخرج العمل إلى النور. أما المخرج والممثل فاضل خليل فإن لديه حضورا هو الآخر على المسرح، لكن هناك بعض الأشياء التي ينبغي أن نضعها في الحسبان، هل إن تيار مسرح ما بعد التغيير، لو صح التعبير، يمتلك مقومات يجعل منه خطاً واضح المعالم في المستقبل؟ ربما أجدني منحازاً لمكاني في بابل لأرى أن المسرح البابلي بيده لجام الأمر، وأخذ يركز على الفضاءات المغايرة في عرض قدم عنوانه «لاجترا» عرض من ثلاث كلمات فقط لمدة 10 دقائق.
■ بعض دور العبادة بدأت تنظم وتقيم مهرجانات وفعاليات مسرحية، كيف تنظر إلى هذه الحالة؟
□ بالفعل هناك حضور لبعض الاكاديميين، فمثل هذه العروض مشاركين أو محكمين، بالتالي ينبغي أن نعي مسألة أساسية اسمها المسرح، وهو يعني لعبة، فهل يستطيع المسرح الديني أن يكون خارج الإطار الديني، ويدخل ضمن مضمار اللعبة لو كان كذلك، فأنا أرحب بهذا الأمر على أن يتحمل في ما بعد الممثل أو المخرج عواقب وخيمة.
■ ينطلق جيل الشباب نحو التجريب، هل اتضحت معالم وسمات المسرح التجريبي الشاب؟
□ أجل اتضح الخطاب الشبابي وركز نفسه، إذ استطاع أن يمخر عباب الساكن والجمالي ليتجه إلى ما هو أكثر وضوحاً وأكثر انفلاتاً.
■ دول خليجية تقيم عشرات المهرجانات كيف تنظر لها؟ وكيف من الممكن أن تساهم في دعم المسرح العربي؟
□ هناك بهرجة إعلامية تأخذ دورها في هذا الإطار، إذ أنني تابعت على اليوتيوب المهرجات التي كانت تبث مباشرة ولحظة بلحظة، لم تكن بتلك البهرجة التي رسمتها لنا الصحافة والمجلات، بل أن أغلب العروض التي قدمت في تلك المسارح لا تصلح أن تقدم في أكاديمية فنون.
■ هل يشعر الفنان العراقي بالعزلة في الظرف الحالي؟
□ لا، لا يشعر بذلك لأن الطرق الحديثة فتحت المجال له للتحاور والتشارك والاشتباك مع من هم خارج البلد.
■خرجت كوادر عراقية فنية بعضها أسس هيئات ومنابر في الخارج، هل لمستم تأثيرا إيجابياً لها؟
□ هناك بعض التجارب التي أتت بعد 2003 مثل المخرج الكيروغراف طلعت السماوي حيث استطاع أن يوظف قالب الكيروغراف في العروض الحديثة، ما أتاح بعداً آخر في فضاء العرض وأثر في شباب تلك الفترة، وهو إلى الآن معمول به، واشترك معه فنان البانتومايم أحمد محمد عبد الأمير في ورشة، واستطاعا أن يؤسسا فرقة (أكيتو).
■ ما الذي يحتاجه الفنان المسرحي، وهل الحكومة العراقية تدعمه؟
□ لا دعم من الدولة لأنها مشغولة بأمور أخرى خارج الفن، ما يحتاجه الفنان ببساطة مكان للتدريب ومكان للعرض ومبلغ الديكور والأجهزة هذا بشكل بسيط جداً.
■ هل من تخوف على مستقبل المسرح العراقي؟
□ لو بقي الأمر على هذا الحال أنا اتخوف على العراقيين أنفسهم لأننا في مصنع دراكولا الكل ينهش منّا الكثير ونحن ننتظر كالعادة شخصا ما يخلصنا من هذه المحنة.

 

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى