العنف والنبوءة

شكو ياسين طه الحافظ معد كتاب «و. ب. ييتس العنف والنبوءة» ومترجمه من استعصاء شعر ييتس على الترجمة، فهذا الشعر الذي يقوم بحسب الحافظ على توازن فريد بين الفكرة والعبارة، تعرّضه الترجمة لاختلال يؤذي المعنى أو يؤذي العبارة ولا تقوم بهما معاً. شكوى الحافظ لا تخفى على القارئ المهتم فإن شعر وليم بطلرييتس الذي اعتبره شاعر مواز له في الأهمية هو ت. س إليوت أعظم شعراء عصرنا، والذي استحق عليه جائزة نوبل، لا يبدو في العربية وفي ترجمة الحافظ بالجلال الذي له في لغته الأصلية. لعل سبب ذلك ان المترجم لم يقم في العربية بما قام به ييتس في الإنكليزية. في مقالة نورمان جيفرز وهي إحدى مقالتين ترجمهما الحافظ وصدر بهما ترجمته لمختارات من دواوين ييتس الشعرية يرد أن «ييتس كان يتتبع الكلام النابض بالحياة الذي يتعلمه من ليدي جريجورى ومن فلاحي جالوي» وفي مكان آخر من المقالة استشهاد من كلام عن ييتس يقول إنه كان في شعره يزاوج بين بساطة تقارب السذاجة وبين العمل الفلسفي. والحال أن الشاعر الذي نفهم من المقالة نفسها انه كان متبحراً في التاريخ وفي الفلسفة وفي التصوف، أي كان مثقفاً كبيراً لم يحظ في الغالب في كتاب الحافظ بترجمة ملائمة. مهما تكن صعوبة نقله إلى العربية، فالواضح انه لم يحظ بإعادة انتاج فيها. مع ذلك فإن كتاب الحافظ قد يكون الكتاب الوحيد عن ييتس بالعربية وهذا الكتاب يقدم الشاعر الايرلندي في مقالتين غنيتين أحداهما لـ ج ستوك والثانية لنورمان جيفرز، فقد ارتأى الشاعر عن حق ان تقديم الشاعر بهما وتصدير ترجمته بهما خير من اعداد نص خاص، والكتاب بهاتين المقدمتين وبالترجمة التي طالت منتخبات من أهم دواوين ييتس، مرجع أكيد عن الشاعر وكتاب غني وفعال.
في المقدمة الأولى التي هي مقالة لـ ج ستوك نجد معالجة خافية لموقف ييتس السياسي ولالتباس هذا الموقف. ييتس الايرلندي كان متضامنا مع شعبه ومع طموح هذا الشعب للاستقلال، مبشراً بالروح الايرلندية غير الإنكليزية. ممجداً لشهداء ايرلندا الذين كانت قصائده فيهم تحفا شعرية، إلا ان ييتس كان ضد العنف وضد الحرب الأهلية وهذا ما جعله أحياناً ملتبساً وهدفا للنقد.
أما المقالة الثانية «عن البرج» فهي تتبع دقيق وخصب لحياة ييتس الثقافية والشخصية فـ «البرج» قمة دواوينه، وللبرج اصل واقعي فقد اشترى ييتس برجاً في ايرلنده وعزم على ترميمه والإقامة فيه. كما ان المقالة تروي بالتفصيل شذرات من حياة ييتس وأسفاره وقراءاته. من يقرأها يفز بفكرة متعددة عن شخصية ييتس وشواغله وثقافته وعلاقاته وحياته من الشباب إلى الشيخوخة.
يلي المقالتين ديوان صغير من مجموعات ييتس الشعرية «الوردة»، «الغابات السبع»، «مسؤوليات»، «أيلول»، «البجعات البرية في كول»، «البرج»، «السلم اللولبي وقصائد أخرى»، «مايكل روبرتس والرقاصة»، «قمر مكتمل في آذار»، «قصائد أخيرة»، «الصليب الصخري العتيق». ديوان صغير يجمع زهرة شعر ييتس.

 

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى