‘ربيع’ .. فيلم لبناني في ‘كان’

رضاب فيصل

يشارك الفيلم الروائي اللبناني “ربيع” لمخرجه فاتشي بولغورجيان، في المسابقة الرسمية لأسبوع النقاد ضمن فعاليات مهرجان “كان” 2016 كخطوة مميزة للسينما العربية، وتحديداً للسينما اللبنانية. وهو من تمثيل بركات جبور وجوليا قصّار ووجورج دياب وميشال اضباشي وتوفيق بركات. ويأتي بدعم من برنامج “إنجاز” في مهرجان دبي السينمائي الدولي.

و”ربيع” الشخصية الرئيسية في الفيلم، هو شاب ضرير يمتهن الموسيقى ويعشقها. إلا أنه لا يعرف حقيقة نسبه وهويته، فحين يباشر بإجراءات أوراق سفره مع فرقته إلى الخارج، يكتشف أنه ليس ابناً حقيقياً للعائلة التي تحويه. وما أصعب عملية النبش في سر قديم أخفي عنه، وما أصعب اكتشاف أنك ابن متبنى ولا عائلة حقيقية تحيط بك.

وعلى الرغم من أن كل مشاهد العمل تمتاز بما تحفره من مشاعر عميقة عند المتلقي، إلا أن المشهد الذي يقف فيه ربيع رافعاً عينيه المغمضتين نحو السقف في قسم الشرط، مردداً بياناته الشخصية، يبدو للكثيرين هو الأكثر تأثيراً. فليس أصعب من ثقتك بأمر مزيف، معتقداً أنه حقيقي لكنه العكس.

يروي الفيلم إشكالية الحقيقة في مجتمعات قد لا تمتلكها وغير قادرة على منحها للباحثين عنها بشدة. فتراه يخوض في إشكالية الهوية الإنسانية وسؤال البحث عن الذات لدى أبناء مجتمعاتنا، وذلك من خلال قصة بسيطة تنطلق من الخاص لتشير إلى العام الذي يمثلنا جميعاً. إلى جانب التطرق إلى الذاكرة الجمعية لشريحة كاملة في المجتمع الواحد، متوقفاً عند كيفية تكوّن هذه الذاكرة، العوامل التي تسهم في تشكيلها.

أما النتيجة فتقول أن وطناً كاملاً من بدايته وإلى نهايته، قد لا يستطيع أن يمنحك الحقيقة، لتصبح غريباً فيه تنكر نفسك قبل أن ينكرك الجميع.

ولا يستطيع من يشاهد الفيلم أن يفهم كيف سيتابع هذا الفتى الضرير حياته دون هوية واضحة. الأمر الذي بات معظمنا يعاني منه مع اختلاف التفاصيل والحيثيات. وكأن العمل يعكس بصورة غير مباشرة، فقداننا لهوياتنا وسط عالم يموج بالفوضى والخراب والدمار. فمن نحن؟ ولماذا نحن؟ وغير ذلك من الأسئلة التي سنعجز ربما عن الإجابة عنها طالما تحكمنا هذه الظروف.

هنا من الطبيعي أن يفسّر البعض إحالات العنوان “ربيع” إلى واقع العالم العربي في السنوات الخمس الأخيرة، فعلى الرغم من صدقية هذا الربيع – سواء بإسقاطه العام أو بشخصيته في الفيلم – إلا أن الضياع مصير نحلم بأن يكون مؤقتاً له.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى