صبري فواز: لا وجود لما يسمى «الذوق العام»

وئام يوسف

ممثلٌ؟ أم مخرج؟ أم شاعر؟ صبري فواز هو كل ذلك. الفنان المولع بالتمثيل كرّس 17 عامًا من حياته للإخراج المسرحي. أما الشعر فيشكّل عالمه الخاص بعيدًا عن صخب الحياة وأعبائها. قليلُ الظهور لكنّه واضحُ التأثير عبر شخوصٍ جسّدها ببراعة بعد إدراكِه قواعدَ اللعبة وامتلاكِه مفرداتِها وأدواتِها. فكان من الطبيعي أن يقطف الشهرة وحب الجمهور، لِمَ لا وهو الذي اتخذ التمثيل رسالةً للمتعة فقط.
يشارك صبري فواز خلال الموسم الرمضاني المقبل في مسلسلين. الأوّل هو «الميزان» (كتابة باهر دويدار وإخراج أحمد خالد موسى) من إنتاج Tvision إلى جانب غادة عادل ومحمد فراج وباسل خياط وناهد السباعي. والثاني هو مسلسل «أفراح القبة» من إنتاج «الشروق» وإخراج محمد ياسين، عن رواية للكاتب نجيب محفوظ تحمل الاسم نفسه. يروي المسلسل قصّة فرقة مسرح مصرية في ستينيات القرن الماضي ويمثّل فيها صبري إلى جانب جمال سليمان وإياد نصار وصبا مبارك وسيد رجب وسوسن بدر. سبق ذلك مشاركات عدة لصبري في مسلسلات حملت توقيع المخرج اسماعيل عبد الحافظ منها: «الوصية» في العام 1990، و «العائلة» في العام 1994، و «ليالي الحلمية» 1987-1995، و «حدائق الشيطان» للعام 2016، بالإضافة إلى عملين من إخراج خالد مرعي: «السبع وصايا» العام 2014 و «العهد» العام 2015.
أكثر ما يحرص عليه فواز هو جِدّة الدور وعدم الوقوع في فخ الرتابة. ويقول في حوار مع «السفير»: «بعض الممثلين على درجة من الإبداع ولهم جمهور عريض، قد انفضّ عنهم بسبب التكرار، فجمهورنا له معدة قوية وسريعة الهضم، لذا فهو ينتظر الجديد دائمًا، وعلى كل ممثل أن يعي هذه الفكرة كي يضمن الاستمرار».
لا يعلّق صبري فواز أهميّة على حجم الدور، بقدر ما يجذبه غناه وما يمنحه من مساحة لإظهار قدراته والغوص في تفاصيل الشخصية. كما يعطي أهميّة للرؤية الفنية التي يقدمها المؤلف والمخرج للشخصية. «حالما أقبل الدور عليّ الالتزام بالمسار الذي يحدده المخرج فأسلّمه الدفّة ثم أبدأ بالعمل على الشخصية». مضيفًا أنه يقرأ الدور مرارًا، ويتوقّف عند التفاصيل وينغمس في جملٍ تدخله إلى عمق الشخصية حتى يتراءى أمامه إيقاع خطوتها، لتكون هذه نقطة انطلاق العمل.
ترك فواز بصمة خاصة في عدد من الأفلام السينمائيّة منها: «دكان شحاته» العام 2009 و «كلمني شكرا» العام 2010 من إخراج خالد يوسف، و «الليلة الكبيرة» العام 2015 من إخراج سامح عبد العزيز، و «من ضهر راجل» العام 2016 من إخراج كريم السبكي. بعد شهر رمضان يستأنف الممثل المصري تصوير فيلمه السينمائي الجديد «جواب اعتقال» من إخراج محمد سامي وإنتاج أحمد السبكي، إلى جانب كل من محمد رمضان، وإياد نصار، وسيد رجب، ودينا شربيني.
عن شكل السينما المصرية الآن وتباين الآراء حول تقييمها، يؤكد فواز أن لا وجود لما يسمى «الذوق العام»، مستحضرًا مقالة كان قد كتبها في إحدى الصحف المصرية تحت عنوان «الذوق لامؤاخذة العام». جاء في المقالة أن الشعب العربي، والمصري تحديدًا، متعدّد الأذواق والأهواء، وبالتالي لا يمكن تحديد ماهية الذوق العام «هل هو ذوق مؤسسات الدولة، أم ذوق الأفلام الخاصة التي تعجب النخبة أم ذوق الجمهور المنجذب لأفلام السبكي؟». يشير فواز إلى أن السبكي هو الأنشط في الإنتاج السينمائي «إن لم نقل الوحيد» كما أنه قدم أفلامًا على درجة عالية من الجودة، «فكيف لنا أن نطالبه بالتوقف لمجرد الاختلاف معه»؟
بدايات صبري فواز المسرحيّة كانت مع «عروس الجنوب» التي أخرجها خلال دراسته المسرح في جامعة الإسكندرية، تلاها عروض أخرى شملت جميع قطاعات المسرح في مصر «مسرح الدولة، ومسرح الثقافة الجماهيرية، ومسرح الجامعة، ومسرح المدرسة وغيرها». يوضح فواز لـ «السفير» أنه عمل مع محترفين في ستّة أعمال مسرحية، في حين أخرج بقيّة أعماله مع هواة لإدراكه أن الشباب هم دماء الحياة الدافقة والمتجددة وأن الماء الآسن لا ثمار له. يعد فواز بعملٍ مسرحيّ جديد لم تتضح تفاصيله بعد، مؤكّدًا أنه دائم الامتنان للمسرح، فهو «مستقَرُّه الأول الذي لولاه ما عرف النجاح».
صدر لفواز ديوان «حنين للضي» (دار ميريت 2014) الذي يعتبره حالة حنين لأيام الطفولة في قريته «الحمرا» التابعة لمحافظة كفر الشيخ. يشبّه الممثل المصري قريته بمحمية فرعونية اختفت معالمها مع تطور الحياة ومتغيراتها. يلفت فواز إلى أنه يعمل على إصدارٍ آخر يجمع فيه عدداً من القصائد التي كتبها خلال السنوات الماضية.
على الرغم من تعدد اهتماماته وانشغاله، يفرد فواز مساحة لدعم الشباب المصري الموهوب، تحديدًا من يعيشون في الأقاليم، فهو واحد من أعضاء مشروع «نوافذ» لنوادي السينما المصرية الذي أسسه مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية بداية العام الحالي. «مشروع نوافذ هو محاولة لدعم شباب الأقاليم من خلال إقامة ورش للتأليف والإخراج والتمثيل، إضافة إلى عرض الأفلام السينمائية في مراكز الشباب». يضيف فواز أنها خطوة جيدة للابتعاد عن مركزية الفن في القاهرة، خاصة أن المحافظات تحوي الكثير من المواهب على درجة عالية من الكفاءة».
يعتبر فواز أن الممثل الجيد هو الذي يمتلك من المرونة الجسدية والنفسية ما يجعله يتنقل بخفة وحرية بين حالات إنسانية مختلفة، فضلا عن ضرورة اطّلاعه الدائم على إيقاع الحياة اللاهث الذي يفرض على الجميع عامة، وعلى الممثل خاصة، أن يكون على دراية بكل ما يحيطه.
ولعلّ أكثر ما يعبّر عن صبري فواز كلماتُ كتبها بنفسه: «زي العيال دي ..أنا كنت عيل مبتدي بالنور.. كاشف ضباب الزحمة والمرايات.. ومزبّط العالم على قدّي.. ومبَحْبَحو حبّة علشان يساعيهم.. ريحة تراب الفُرن مليالي نخاشيشي.. فملكت حقي في لحظة التخليق..ومابنكسرش، لأني مش ممسوك..ومابتمسكش، لأني مش محدود «.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى