منتدى فلسطين الدولي للإعلام … الحقيقة والمهنية هما الهدف

رنا نجار

تفتتح الدورة الثانية لمؤتمر «تواصل2» الذي ينظمه منتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال، بعد غد الأربعاء في إسطنبول بحضور باحثين وكتاب وإعلاميين من أنحاء العالم. والمنتدى الذي يموّل من تبرعات أفراد وجهات عربية ودولية مختلفة، هو أوسع تواصل إعلامي دولي يخدم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وهو هيئة إعلامية مستقلة تسعى إلى تعزيز التنسيق بين المؤسسات الإعلامية العربية والدولية لدعم القضية الفلسطينية من خلال تنظيم المنتديات الإعلامية والملتقيات التخصصية والورش التدريبية، وتنسيق الحملات الإعلامية وتبادل المحتوى وتشجيع المؤسسات الإعلامية على التفاعل مع القضية الفلسطينية ومستجداتها في شكل موضوعي ومهني.
يهدف المنتدى كما تفيد روان الضامن عضو الأمانة العامة فيه، في حديث إلى «الحياة» إلى توفير الفرص للحوار الهادف حول التجارب الإعلامية عن فلسطين، وتشجيع الإنتاج الإعلامي المتخصص بفلسطين، وتطوير الاهتمام بالإعلام الفلسطيني وعن فلسطين من خلال تبادل الخبرات والتدريب الإعلامي، وتنسيق الجهود الإعلامية المشتركة عن فلسطين، وإيجاد إطار للتواصل والتعاون، وإطلاق المبادرات الإعلامية لتشجيع الإعلاميين على الإبداع عن فلسطين.
لوبي عالمي لدعم القضية
بدأ المنتدى من إسطنبول في وقت كان العرب يحترقون بنيران الحروب من اليمن إلى العراق وسورية ولبنان واليمن وتونس ومصر، إضافة إلى فلسطين التي صادف أمس ذكرى نكبتها الأولى. لماذا اخترتم إسطنبول؟ ولماذا اخترتم تأسيس منتدى يشكل لوبياً فلسطينياً لدعم الحقيقة التاريخية للقضية، في هذا الوقت تحديداً، خصوصاً أن العالم يمرّ بمرحلة انتقالية من حيث وسائل التواصل الإعلامية وتأثيرها وهناك تحديات جمة نواجهها كلنا كإعلاميين؟
تقول المخرجة والمنتجة الإعلامية والصحافية في شبكة «الجزيرة» روان الضامن: «في هذا الزمن الذي فيه جروح عدة في العالم العربي، نجد أنه من المهم جداً أن تكون هناك مساحة للتركيز على فلسطين، التي تراجعت تغطيتها إعلامياً عربياً ودولياً، ولذلك خصصنا في مؤتمرنا «تواصل 2» ندوة حول مواجهة الأساطير الصهيونية التي لا يزال صوتها عالياً في الإعلام الغربي خصوصاً، وسيتحدث فيها من الولايات المتحدة أسامة أبو رشيد، الباحث في المركز العربي للأبحاث، ومن لبنان المفكر العربي منير شفيق، ومن المغرب الباحث والمحلل الإعلامي والسياسي عبد الله أبو عوض، ومن البرازيل رئيس تحرير موقع «أوبرا موندي» رفائيل تارجينو». وهناك ندوة متخصصة في كيفية الحصول على مصادر المعلومات وصناعة الخبر الفلسطيني، ويتحدث فيها المراسل الفلسطيني إلياس كرام من الناصرة، والمراسلة الإسبانية للشؤون العربية والإسلامية إنغليز إسبينوسا. و تعتبر الضامن أنه «من المهم أن نضع أولويات للإعلام الفلسطيني، لكي نعرف بالضبط الأولويات وأن لا يتشتت العمل الإعلامي، وسيتحدث في هذا الموضوع من الولايات المتحدة رمزي بارود مستشار إعلامي وأستاذ جامعي، ومن فلسطين نشأت الأقطش وهو أستاذ العلاقات العامة ومحلل سياسي».
لكن المنتدى يتحدث عن إعلام فلسطيني ولوبي عالمي لدعم القضية في حين أن الإعلام الفلسطيني الرسمي لا يزال بدائياً ومنقسماً ولا يخدم القصية؟ فكيف ستغّيرون المعادلة؟ تردّ الضامن: «نحن محاولتنا جادة لخلق «لوبي فلسطيني» يقدم روايتنا نحن، تقدم رواية الحق الفلسطيني. نحن كفلسطينيين نريد أن نوضح الحقائق فقط، من دون أي تزيين. يهمنا أن نغير المعادلة من خلال تدريب الإعلاميين الفلسطينيين والعرب وغير العرب من أجل رواية قصة فلسطين، لذا علينا أن نطور أدواتنا، لذلك هناك ورش عمل تخصصية في المؤتمر، مثل صحافة البيانات وسياسات ومضامين الخطاب الإعلامي، والابتكار التفاعلي والتحليل النقدي للخطاب، واستراتيجيات الاتصال والتأثير الإعلامي. إضافة إلى دورات على مدى يوم كامل حول القصة التفاعلية بمعايير عالمية، والتحقق والتثبت ومهارات التعامل مع وسائل الإعلام».
يُلاحظ أن القضية الفلسطينية التي تراجع الحديث عنها في الإعلام العربي نظراً لما تمرّ به بلاد كثيرة من حروب وانقسامات، وبالتالي تقسيم المساحة الإعلامية على قضايا تونس والمغرب العربي وسورية والعراق ولبنان ومصر واليمن والتمدّد الإيراني… لكن القضية الفلسطينية في الإعلام الغربي والسينما والفيديو آرت والفن المعاصر وغيرها من الوسائط المعاصرة، تتقدم أو تبرز في شكل أوضح ومغاير عما يأتي في الإعلام الإسرائيلي المضلّل. ما هو السبب؟ هل تغيّر وسائل الاتصال وتحرّرها وعدم تحكّم الدول بها مباشرة، (فايسبوك، تويتر، الإعلام الافتراضي عامة) بدأ يغيّر المعادلة؟ تؤكد الضامن التي كان لها باع طويل في الأفلام الوثائقية عن تاريخ فلسطين واحتلالها ووجوهها المشرقة: «نعم، نحن نعتقد بأن عالم «فلسطين الافتراضية» له مستقبل، ويمكن أن نكسب فيه مربعات قد يكون من الصعب كسبها عبر وسائل الإعلام التقليدية ووكالات الأنباء العالمية».
ولذلك هناك ندوة في صباح اليوم الثاني من المؤتمر، بعنوان «فلسطين الرقمية» ويتحدث فيها من الولايات المتحدة راميش سرينيفاسان أستاذ متخصص بدراسات المعلومات والتصميم في الفنون الإعلامية، وعماد موسى المحرر المسؤول ومدير الموقع الإلكتروني لقناة الجزيرة الإنكليزية، وخالد طه مستشار تقني وإعلامي، ومن البرازيل أرلين كليميشا وهي أستاذة التاريخ العربي المعاصر وتاريخ فلسطين في البرازيل.
مبادرات وابتكارات اعلامية
المنتدى يعقد مؤتمره كل سنتين، ومن نتاج الدورة الأولى نشأت مشاريع نفّذت على الأرض، مثل مشروع «خطوة» لتشجيع الشباب على المبادرة والابتكار في المجال الإعلامي لأجل فلسطين، وسيرى المشاركون في المؤتمر هذا العام العديد منها. وفازت مشاريع أخرى منها أفلام ومنها الإعلام الرقمي ومنها التقنيات والخدمات. وبدأت المنتدى خطوات عملية في تجميع الأفلام الفلسطينية في مركز الفيلم الفلسطيني، وما زال العمل جارياً على هذا المشروع لإطلاقه. كما أجرى ثلاث حملات في البث المشترك الأولى لغزة والثاني للأقصى العام 2014، وحملة أخرى للقدس العام 2015، التي شارك فيها 15 من الفضائيات.
أما ما يميّز الدورة الثانية في مؤتمر هذا العام، فهو أنه متخصص للإعلاميين وطلاب الإعلام. «فكثير من المؤتمرات يكون فيها سياسيون ومؤرخون وإعلاميون، بينما نحن في مؤتمرنا نستضيف ونشبك بين الإعلاميين»، كما تشرح الضامن.
وتشير: أطلقنا «منحة لطلاب الإعلام في فلسطين للمشاركة في المؤتمر، وتقدم أكثر من 350 طالباً، واخترنا بالقرعة 50 طالباً وطالبة للمشاركة». وسيكون هناك معرض على هامش المؤتمر تشارك فيه العديد من المؤسسات الإعلامية وشركات الخدمات الإعلامية يستمر على مدى يومي المؤتمر. كما أطلقنا مسابقة للتصوير الضوئي من داخل فلسطين ستعرض صوره في المؤتمر. لدينا ضيوف من كل العالم، وليس فقط من فلسطين، من تركيا نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش والإعلامي عبد الرحمن ديلي باك، ومن المغرب وزير الإعلام المغربي مصطفى الخلفي، من العراق المدرب والإعلامي جاسم العزاوي، ومن مصر المفكر العربي فهمي هويدي والمدرب والإعلامي حسام السكري، ومن السعودية المدرب والأكاديمي أحمد بن راشد بن سعيد، ومن اليونان الناشطة مارينلا كلوكا، ومن قطر رئيس تحرير صحيفة الشرق جابر الحرمي والمفكر العربي محمد المسفر، وعدد كبير من نقباء الصحافة العرب من تونس والجزائر والأردن والسودان، ومن اليابان المصور العالمي ريوشي هيروكاوا، ومن فرنسا المصورة جوس دري، ومن جنوب أفريقيا الإعلامي إقبال جاسات، ومن تونس الفنان لطفي بشناق.
وعن توقعات الدورة الثانية، تأمل الأمانة العامة للمنتدى برئاسة هشام قاسم، أن يكرس المؤتمر آليات لمشاريع مثل «مراسل في فلسطين» وذلك لإرسال إعلاميين أجانب أكثر إلى فلسطين لنقل الواقع، ومشاريع مثل «نشرة أخبار فلسطين» لتقديم الأخبار الفلسطينية لوسائل الإعلام بصدقية وشفافية بلغات أجنبية، وإطلاق جائزة فلسطين الدولية للإعلام لتشجيع العمل الإعلامي المتميز والإنتاج الفني المبدع في خدمة القضية الفلسطينية.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى