بعد انتظار دام عشرين عاماً… الفلسطينيون يدشنون متحفهم الوطني

يفتتح المتحف الفلسطيني أبوابه، الأربعاء، بعد نحو عشرين عاماً من التخطيط والبناء وبتكلفة ملايين الدولارات، إلاّ أنّ زوار المتحف الذين قد تدهشهم هندسته الرّائعة، يُصدمون بأنّ المتحف فارغ تماماً.
ويشارك الرئيس الفلسطيني محمود عباس في حفل رسمي لقص شريط المتحف، الذي بُني في بلدة بيرزيت الجامعية قرب مدينة رام الله في الضفة الغربية.
داخل المبنى، يسارع العمال إلى وضع اللمسات الأخيرة وربط الأسلاك الكهربائية ببعضها تحضيراً لحفل الافتتاح.
قد يبدو غريباً أن يقدم الفلسطينيون على افتتاح متحف وطني فارغ، إلا أن رئيس فريق عمل المتحف عمر القطان يؤكد: “لم نبدأ بعد”.
ويضيف “هذا ليس متحفاً فارغاً، هذا مجرّد مبنى المتحف. وسيتم إطلاق البرنامج في تشرين الأول المقبل، ولكننا الآن نحن نحتفل باكمال المبنى والحدائق”.
ويشرح القطان “رغبنا بالالتزام بموعد معين، واعتقد أنه من المهم جداً لنا أن نفي بوعدنا. ولهذا قررنا أن نقوم بذلك الآن بدلاً من انتظار معرض الافتتاح”.
وتمّ “تجميد” معرض الافتتاح الذي كان مقرراً له أن يحصل تحت عنوان “أبداً لن أفارق”، بسبب “خلافات في الرؤية” مع مجلس إدارة المتحف المؤلف من رجال أعمال فلسطينيين، بحسب ما ذكر مصدر مطلع لوكالة “فرانس برس”.
وخلال الأشهر الستة الأخيرة، استقال مدير المتحف جاك برسكيان وعدد من المسؤولين بسبب هذه الخلافات.
وتمّ العمل على معرض الافتتاح على مدى ثلاث سنوات، وكان يُفترض أن يضم شهادات 300 فلسطيني من حول العالم، بينها الولايات المتحدة وتشيلي ودول عربية، موثقة في أشرطة فيديو وصور. وتروي هذه الشهادات علاقتهم بفلسطين.

قصة الشعب الفلسطيني
يقول المصدر الذي رفض الكشف عن إسمه، إنّه “يتم تدشين المتحف غداً من دون تلبية رؤيته حول رواية قصة الشعب الفلسطيني للعالم”.
وتبلغ تكلفة المتحف 28 مليون دولار أميركي، بحسب القطان.
ولن يكون متحفاً بالمعنى التقليدي، بحسب المنظمين. إذْ يركّز على مشاريع توثيقية وأنشطة ومعارض في فلسطين ومناطق مختلفة. ومن هذه المشاريع، التوثيق السمعي البصري لإحدى عشرة ألف صورة قدّمتها عائلات فلسطينية مختلفة تظهر الحياة الإجتماعية والسياسيّة والثقافية في فلسطين في العصر الحديث.
ويعمل المتحف، على “بناء أرشيف رقمي مفتوح أمام الجمهور، وقابل للتحديث باستمرار”، بحسب ما يشير موقعه الإلكتروني، “بهدف توثيق مجموعات من صور فوتوغرافية وأفلام وتسجيلات صوتية ومواد أخرى، من خلال حفظها بشكل رقمي، لتكون متاحةً أمام الباحثين والفنانين والجمهور العام”.
وتعود فكرة المتحف إلى العام 1997، بعد أربع سنوات من تولي السلطة الفلسطينية زمام الأمور في الأراضي المحتلة بعد توقيع اتفاقيات “أوسلو” للحكم الذاتي.
ففي الذكرى الخمسين لـ”النكبة” الفلسطينية، أي ذكرى تهجير حوالي 760 ألف فلسطيني من أراضيهم إثر قيام الإحتلال، فكّر القائمون على “مؤسسة التعاون الأهلية” غير الربحية في إقامة متحف وطني فلسطيني.
وعلى مساحة أربعين دونماً، بُني المتحف على قطعة أرض في بلدة بيرزيت الجامعية قرب رام الله، بأسلوب معماري حديث.
وتحيط بالمتحف، حدائق تضمّ مجموعة نباتات أصلية، ونباتات تم استيرادها عبر العصور إلى الأراضي الفلسطيني.
وصممت شركة معمارية إيرلندية صينية، مبنى المتحف استناداً إلى مبدأ البناء التقليدي المنتشر في الضفة الغربية المحتلة في تجانس مع الطبيعة المحيطة به.
ويفخر المتحف أنّه سيكون أوّل مبنى أخضر صديق للبيئة في فلسطين، وتمّ بناؤه بأسلوب يسمح بتخفيض استهلاك الطاقة والمياه.

متحف عابر للحدود
ومع صعوبة تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزّة وانتشار فلسطينيي الشتات، يؤكد القائمون على المتحف أنّه سيكون عبارة عن “منصة إلكترونية” تجمع الفلسطينيين من كل أنحاء العالم.
وقال القطان: “كانت إمكانية الوصول الى المتحف دوماً قضية رئيسية. فكيف سنتجاوز هذا المشكلة؟ أينما قمنا ببنائه في فلسطين، الوصول إليه سيكون مشكلة”.
وتابع “إحدى الإجابات كانت المنصة الإلكترونية وأيضاً نموذج الأقمار الصناعيّة. هناك المتحف وهو السفينة الأم، هناك أقمار صناعية مرتبطة بها، مثلاً في برج البراجنة في بيروت أو حتى في عمان”.
وتبدو مشاريع المتحف المستقبلية طموحة للغاية، إذْ تُخطط إدارة المتحف لبرامج ومعارض متنوعة، وسيتم أيضاً إطلاق أرشيف بصري سمعي يجمع صوراً وتسجيلات فلسطينية قديمة.
ويفتتح المتحف معرضه الأوّل خارج فلسطين الأسبوع المقبل في بيروت، بعنوان “أطراف الخيوط: التطريز الفلسطيني في سياقه السياسي”. ويسلط المعرض الضوء على التطريز الفلسطيني والأثواب الفلسطينية التقليدية.
ويعيش في لبنان حوالي 400 ألف لاجيء فلسطيني.

 

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى