لينا أبيض: تعبت من المسارح الكبيرة

فاتن حموي

But I Love you- (لكنّي أحبّك) للأستاذة الجامعية المخرجة لينا أبيض مسرحية تفاعلية إنسانية من بطولة أبيض، ماي أوغدن سميث، دارين شمس الدين وديمة مايكل متى، بدأ عرضها في التاسع عشر من أيار عند السابعة مساء في المسرح الجانبي في مسرح مونو، ويستمر عرضها الأسبوع المقبل. يبدأ العرض بأغنية للراحل زكي ناصيف بعنوان «يا حبيبي خدني بإيدك» بتوزيع جديد. أربع نساء هنّ ضحايا العنف الأسري يقفن في دوائر من الصحون البيضاء المكسورة، تروي كلّ واحدة منهنّ قصتها مع العنف وتحاول ترميم ذاتها الممزّقة من خلال سرد ما جرى معها. عينا كلّ ممثلة تحطّان مباشرة في عينيّ كلّ شخص من الحاضرين، التفاعل في أوجه. المسرح عبارة عن غرفة عرض جدرانها سوداء مكتوب عليها قصص النسوة بالطبشور الأبيض. النساء متشحات بالأسود والحاضرون لا يتعدّى عددهم الأربعين، يجلسون على كراسي بيضاء اللون. ينتهي العرض ولا ينتهي، إذ يبدأ نقاش بين الممثلات والجمهور ويترك المشاهد المسرح الجانبي الصغير – مونو وفي جعبته أسئلة ومفاهيم ودموع وقوّة مواجهة ليس فقط بسبب قصص النساء الأربع بل أيضاً بسبب قصص مَن تحدّثن في جلسة النقاش وأعلنت كل منهن بكلّ حميمية وجرأة أنّها معنّفة ولم تكن تعرف أو أن يعلن آخر والدته معنّفة وتخشى التغيير أو أنّها معنّفة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، إلى ما هنالك من قصص تتعلّق بالعنف الأسري.

حكايات نساء
تُعتبر المسرحية إعادة تشكيل وامتداداً لمسرحية «هذا ليس فيلماً مصرياً التي قدّمتها أبيض على خشبة مسرح غلبنكيان ـ الجامعة اللبنانية الأميركية في العام 2014، بمشاركة 19 ممثلاً واستناداً إلى حكايات نساء معنّفات التقت بهنّ أبيض ونقلت أصواتهن وأوجاعهن واستسلامهن أو عدمه من خلال عمل مسرحيّ. تقول أبيض في حديث خاص لـ «السفير»، «اسم المسرحية نابع من جملة مشتركة يقولها المعنِّف لزوجته «بس أنا بحبّك» والسيناريو نابع من مقابلات مع معنّفات والديكور يعتمد على خمسمئة صحن بين مكسور وغير مكسور، تعبت من المسارح الكبيرة. أبحث اليوم عن الحميمية مع الجمهور. الممتع بالنسبة إليّ هو النقاش غير المحدّد بوقت معيّن بعد الأربعين دقيقة من العرض مع الجمهور. ومن خلال النقاشات نخرج بعد كلّ عرض بقصص إضافية، قد نقدّمها في المرحلة المقبلة. أدهشتني قصص كثيرة من خلال هذه النقاشات، ومن خلال لقاءاتي المختلفة. العنف مستشرٍ وهناك قصص فظيعة ومريعة. أشارك تمثيلاً لأنني أعشق التمثيل. أعرف النص والإطار وبما أنني استطعت ضبط الناحية الإخراجية فيها، وجدت إمكانية للمشاركة. هو شعور رائع».

الفن للتوعية
تضيف أبيض أنّ المشكلة الدائمة في المسرح هي الإنتاج، «مع هذا لن نتوقّف عن نشر رؤانا وأفكارنا مهما ضاقت السبل إلى تنفيذ مشاريعنا المسرحية. قد تستمرّ المسرحية في حال وجد إقبال عليها في مونو. لكنّ المؤكّد أنّ الخطوة المقبلة هي عرض المسرحية في مناطق مختلفة من لبنان لسهولة أدوات عرضها من حيث الديكور».
تنتفض أبيض لعدم إقرار قانون يحمي المرأة من العنف الواقع عليها، وتعتبر العنف ضدّها إحدى القضايا التي تحملها خارج المسرح وداخله إلى جانب منح الأم هويتها اللبنانية لأبنائها، والزواج المدني وغيرها. تقول إنّ الفن ليس فقط للفن بل هو نتاج يصبّ في نشر الوعي نحو قضية وصولاً إلى التغيير الحقيقي على أرض الواقع، مضيفة «سأغيّر قصص المعنّفات كل فترة، وسأحمل المسرحية إلى كلّ فضاء أستطيع عرضها فيه. العنف هو الألم الذي نستمد منه القوّة، والجسد هو ذاكرة الألم غير الظاهرة للعيان في كلّ الأحيان. البوح جزء من العلاج ومن التغيير ومن عدم إلقاء اللوم جزافاً. الحبّ هو الأساس والعنف اللفظي أو الجسدي لا يبرّره أي تبرير».

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى