مهرجان الفيلم اللبناني الـ12… إشارات للسينما المقبلة

علي زراقط

ينطلق مهرجان الفيلم اللبناني بنسخته الثانية عشرة في صالات «سينما سيتي» (وسط بيروت)، بدءاً من اليوم الاثنين 30 أيار. يعطي المهرجان لنفسه الطابع اللبناني، حيث أن تركيزه الأساسي هو على عرض الأفلام اللبنانية لتسليط الضوء عليها، ليحمل البرنامج على مدى خمسة أيام أكثر من أربعين فيلماً تتوزع على أربع فئات: القصير، الوثائقي، التجريبي والطويل. لا تخرج الكثير من الأفلام عن إطار النظرة الاستعادية للماضي، وبالأخص الحرب، هذه النظرة التي تطبع أغلب الأفلام اللبنانية المنتجة في الفترة الماضية. إلا أن ما تعدنا به البرمجة هو العديد من الأفلام الأولى لأصحابها، الأمر الذي يجعلنا نأمل بمشاهدة مختلفة، قد تساعد في بناء صورة عن شكل السينما اللبنانية القادمة. يفتتح المهرجان عروضه بفيلمين، فيلم التحريك القصير «صمت» لشادي عون الذي يعد بحرفية ومتعة بصرية، وفيلم «حب وحرب على السطح» الوثائقي من انتاج جمعية «مارش» الذي يحكي قصة شبان من جبل محسن وباب التبانة يجتمعون لصناعة مسرحية، في محاولة لكسر الجليد بين شبان من منطقتين متحاربتين. البحث عن الحرفية السينمائية في ظل أشباح الحرب، هي التيمة التي حكمت السينما اللبنانية خلال الخمس والعشرين سنة الماضية، ويبدو أن هذه العادة مستمرة.
في فيلم جيهان شعيب الطويل «إذهبي إلى الوطن» (Go Home)، الذي يختتم المهرجان، تؤدي الممثلة الإيرانية غولشيفته فارهاني دور امرأة شابة تعود إلى منزل جدها المختفي منذ أيام الحرب، في محاولة للبحث عن الوطن، لتكتشف أنها غريبة في وسط أشباح الماضي. هذه الأشباح التي لا تترك مخيلة أبطال الفيلم الوثائقي «هدنة» لميريام الحاج، الباحثين لهم عن ملجأ من الذاكرة في هواية الصيد لولا وجود الكاميرا التي تفتح باب البوح. على الموجة نفسها، يشتغل المخرج رامي قديح في فيلمه الوثائقي «دواليب الحرب» عندما يقابل رجالاً ما زالت طاقة الحرب تتملكهم فيفرغونها في هواية ركوب الدراجات النارية، كأن للحرب أشباحا يهربون منها على دراجاتهم. في المقلب الآخر من الذاكرة، هو فيلم وسام شرف الروائي الطويل، الذي يعيد أحد المقاتلين المختفين منذ عشرين عاماً ليعيش تغيرات اليوم من خلال أفراد في أسرته. هاجس الذاكرة لا يتوقف عند الحرب، ففيلم شاغيك أرزومانيان «جغرافيا» يستعيد مآسي المجازر بحق الأرمن، فيما تعود شيرين أبو شقرا الحائزة على جائزة المهرجان سابقاً بفيلم قصير يدعى «سليمى» يحاول استعادة الذاكرة الموسيقية. بعيداً عن الحرب والذاكرة المستعادة، يعرض المهرجان فيلمين من نوع أفلام الرحلة (أو الرحلات). «أسفلت» وثائقي علي حمود، يحكي قصة ثلاثة سائقي شاحنات بين حدود البلاد العربية في لحظة تغيّر سياسي، وداخلي. أما في فيلم «الطريق» الروائي الأول لرنا سالم، فيأخذ الطريق منحى شخصياً، حيث يكون الملاذ الذي يلجأ إليه الزوجان حين تفتر علاقتهما. بالإضافة إلى الأفلام اللبنانية الانتاج، يبرمج المهرجان فيلمين وثائقيين قد يهمان الجمهور اللبناني: «أخوة الليل» لباتريك شيــــحا يلاحق شابين من البلغاريين «الروما» (الغجر)، في حياة ليل فيينا. أما الثاني، «يللا! أنــدرغراوند» للمخرج الأفغاني فريد إسلام فيلاحق عدد موسيقيي الأندرغراود في العالم العربي، في فيلم مليء بالموسيقى.
في خمسة أيام بين 30 أيار والثالث من حزيران، تتجدد الفرصة للقاء بالأفلام اللبنانية التي لا تمتلك فرص كثيرة للعرض على الجمهور. معظم هذه الأفلام صنع بميزانيات محدودة، وهو أمر يبيّن اتجاهاً لدى صانعي السينما في لبنان يحاول التحايل على الامكانات المادية الضئيلة عبر نوع مختلف من الأفلام.
أفلام تعتمد على البنية الشخصية، كالأفلام التي تتكلم عن الـــعائلة، أو أفــــلام الطريق، محددةً نوعاً من الشروط التي تنتبه مســبقاً إلى التقشف الانتاجي. كذلك فعل مديرو المهرجان الذين لجأوا إلى التبرعات عبر الانترنت كي يأمنوا الميزانية المطلوبة لتنظيمه، ونجحوا في ذلك.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى