عزالدين ميهوبي يؤكد على ضرورة مراقبة مكوناتنا الثقافية: الدين واللغة والجغرافيا

مرفت واصف

افتتح الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة، وعز الدين ميهوبى وزير الثقافة الجزائرى، ود. أمل الصبان الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الدورة الأولى للملتقى الدولي “لتجديد الخطاب الثقافي بمسرح الهناجر – بدار الأوبرا، والتي انتقلت فعالياته بعد الجلسة الأولى في اليوم الأول الى المجلس الأعلى للثقافة وتستمر لمدة ثلاثة أيام، والذي ينظمه المجلس الأعلى للثقافة، ويشارك فيه 17 دولة عربية وأوروبية، بالإضافة إلى 50 مشاركا عربيا، 90 باحثا ومفكرا مصريا.

قال النمنم إننا نلتقي بكوكبة من الحضور من المفكرين والأدباء والمثقفين، وعندما فكرنا في عقد هذا الملتقى كان هناك تصور أو اقتراح بأن يكون الملتقي لتجديد الخطاب الديني، وكان التصور أن الخطاب الديني جزء من الخطاب الثقافي وكنا نتحدث عن ثقافة عربية، فإن القضية هي تجديد الخطاب الثقافي العربي، فهذا العنوان يثير العديد من التساؤلات، ولكننا فكرنا في هذا الملتقى انطلاقا من أزمة حقيقية لا يمكن إنكارها، كما أضاف أنه من جيل تربى على أن هناك أزمة واحدة وهي القضية الفلسطينية والتي ينبغي أن تُحل، ولكنها تزداد صعوبة، بالإضافة لوجود أزمة أخرى في العراق وسوريا وليبيا وأزمة في كل مكان في العالم العربي تقريبا.

وواجب الثقافة والمثقفين أن نعمل على الخروج من تلك الأزمة، التي تحّلت بشيوع مدرسة ثقافة الموت كما لدينا مدرسة أخرى ظهرت وهي مدرسة الاستعانة بالأجنبي ليّصدر إلينا الحرية والديمقراطيةـ وقد جُرّبت في العراق عام 2003 ثم في ليبيا وفشلت المدرستان معا ولا يبقى سوى المدرسة الوطنية الثقافية، هذا ما دفعنا إلى عقد هذا الملتقي، كما نعلم التجديد يثير تساؤلا إلى أي حد، وبأي معنى هل يشمل الظاهر فقط أم ينغمس في الأعماق وهل هناك خطاب ثقافي واحد أم هناك خطابات متعددة والثقافة ذاتها بأي معنى نفهمها كل هذه التساؤلات أمام حضارتكم، ونحن نتطلع إلى تساؤلات وإجابات وتوصيات المفكرين والمثقفين.

وأكد وزير الثقافة الجزائري عزالدين ميهوبي أن تجزئة التاريخ تعتبر تفتيتا للهوية واستحداثا لمرجعيات كثيرة دفعت ثمنها دول وشعوب فترات طويلة من التمزق فالتاريخ هو المستقبل، إن حتمية تغيير الخطاب الثقافي يجب أن تنتج فى الأفق الذي يقدم بدائل ولا نكتفي بالنقد من أجل النقد واشتراك المفاهيم المستهلكة، وهنا لا بد أن يراعي الخطاب التزامه بعصره وأسئلته وإطلاق ورش حقيقية فعاّلة ترّكز على التفاعلية المنتجة للقيم المضافة للمجتمع ومشاركة المواطنين في القضايا والمشاريع التي يتحدد على ضوئها المستقبل.

وأكد في الختام أنه يجب علينا مراقبة مكوناتنا الثقافية مثلما نراقب مكونات الماء، علينا أن نتساءل عن مكونات الثقافة العربية وهي الدين – اللغة – الجغرافيا، فإن اختلفنا في الديانات والجغرافيا فإن التاريخ واللغة شكلا أهم مكونات الثقافة العربية التي من خلالها يمكن أن نستعيد كل اختلافاتنا الدينية، فاللغة والتاريخ هما عنوان الثقافة العربية والتي يمكن من خلالهما التواصل مع الآخر، معرباً عن مدى سعادته بدعوة بلاد الجزائر الشقيق للمشاركة في مؤتمر تجديد الخطاب الثقافي لبحث سبل الحلول للقضايا التى يعاني منها العالم العربي، ودفعاً للتعاون بين البلدين في مشهد الثقافة العربية، فقد شكّلت الثقافة ولا تزال روح المجتمعات وتطورها ذلك أنها المحفز الأهم لتحريك فكر الخلق والإبداع وهي الدافع الرئيسي لتأسيس قيم إنسانية رفيعة داخل المجتمع الواحد أو بين مجتمعات عدة، فالثقافة في الأساس لا تقتصر على الإبداع الأدبي أو بمختلف الأشكال التعبيرية فقط بل تعددت إلى مختلف أشكال العلوم المادية والمعرفية المحسوسة.

وأكد ميهوبي: إننا لن نصل بمجتمعاتنا لتحقيق جملة من الأهداف والغايات ما لم تحترم نخبة من أفرادها الذين يقومون باستفزاز مخيلا جمعيا وتحفيزها لعملية الخلق والإبداع باعتبارها جوهر الثقافة العربية، ولعل كثيرا من المجتمعات التي أحست بشكل من التشكل الفني والأدبي وحتى العلمي خرجت من التاريخ وصناعة التاريخ.

وأوصى أننا يجب علينا أن نعيد ترتيب ذاتنا الثقافية والحضارية لكي تساعدنا في الخروج من الموقف المتفرج ومن وضع الناقد الساخط لتسمح لنا جميعا بالانخراط والتجاوب والتفاعل مع المنجز البشري في مختلف المعارف الثقافية والفنية والأدبية.

كما أكدت الصبان أن هذا الملتقي الذي نسعى فيه إلى وضع استراتيجيات لتجديد الخطاب الثقافي وتحديد آلياته الفاعلة على أرض واقعنا العربي وفي نفوس أفراد مجتمعاتنا بكل طبقاتها وفئاتها.

ويجيء هذا الملتقى في حينه تماما بعد قيام ثورات الربيع العربي التي تشير إلى رغبة وعزيمة في النهوض والتطور، وإلى طموح نحو صناعة واقع أفضل لمجتمعاتنا، بل رغبة وطموح شعبي للنهضة والتغيير نحو الأفضل، وتحسين واقعنا الاجتماعي ومزيد من المشاركة في الواقع الحضاري الراهن.

لذلك أصبح تجديد الخطاب الثقافي ضرورة لا غنى عنها. وهذا ما حدا بنا إلى تنظيم هذا الملتقى الذي نأمل أن يثمر عددا من الأفكار والأطروحات يصوغها المشاركون في الملتقى في دورته الأولى على مدار أيامه الثلاثة.

كما أوضحت أننا بصدد وضع استراتيجيات تجديد الخطاب الثقافي – إلى ممارسة فضيلة النقد الذاتي، واستلهام تجارب الغير وليس نقلها حرفياً أو استيرادها جاهزة؛ لأن الاستلهام هو أحد المهام الأصيلة للمثقف وأحد آليات العمل الثقافي بشكل عام، إذ إن رؤية الذات في مرآة الآخر تَفُكُّ الذات من أسْرِ العُزلة وتُحرر الوعي من أوهام الكمال الكاذب، فيَتمُّ إدراك الذات بشكل أفضل.

وأشارت د. الهام كلاّب رئيسة حلقة الحوار الثقافي ببيروت إلى أن العلاقات المصرية اللبنانية تمتد إلى عمق التاريخ الحضاري وهي علاقات حضارية وثقافية، حين شكلّت المدن الفينيقية صلة الوصل والتبادل بين الأبجديات الأولى، وجسر لقاء وتفاعل بين حضارات عريقة، أرست للحضارة الإنسانية إرثا ومساراً.

كما أضافت أن حلقة الحوار الثقافي هذه الجمعية الثقافية الرائدة في المجتمع المدني تشكل مثالا يجمع كل أطياف المجتمع اللبناني، بانسياب وألفة وإبداع والتي أرست مع مصر علاقات ثقافية وثيقة في مؤتمرات مشتركة، ونحن نلتقي اليوم في مؤتمر يحمل عنواناً محفزا يثير التفكير، فحلم تجديد الخطاب الثقافي موضوع يستوقفنا بإمعان عند تعابيره الثلاثة الثقافة – الخطاب- التجديد، فالثقافة كلمة تستبطن في ثناياها أزمة العالم المصاب بتشققات الحروب والعنف والإرهاب كما تحمل أمل خلاصه.

حضور الافتتاح بنسالم حميش وزير الثقافة المغربى السابق, ويحى يخلف وزير الثقافة الفلسطيني السابق, بالإضافة إلى نخبة من كبار الكتاب والنقاد والباحثين والمفكرين والفنانين والإعلاميين والصحفيين.

• فعاليات الجلسة الأولى

فعاليات الجلسة الأولي للملتقى الدولي لتجديد الخطاب الثقافي، شارك فيها د. جابر عصفور، د. شاكر عبدالحميد، د. وفاء صندى، والكاتب واسينى الأعرج ، وأدارها الكاتب الصحفى حلمي النمنم.

وقال د. جابر عصفور: إذا أردنا تجديد الخطاب الثقافي، فهناك أربعة تحديات لا بد من تجاوزها، وهي الاستبداد والحرية، وهي بعيدة بشكل كبير عن عالمنا العربي الآن، والفقر ولا يخفي أن ٤٠% من السكان في مصر يعيشون تحت خط الفقر، والتعليم الذي لا يتمتع بالجودة أو شيء إيجابي.

وأضاف عصفور أن التعليم هو المفتاح السحري للتقدم ويجب على الدولة أن تدرك هذا فلا تنمية حقيقية بغير تعليم جاد هادف.

وأكد عصفور على أن مشكلة الشباب الآن هي عدم وجود مثل أعلى له، مشيرا أن مثله الأعلى كان طه حسين، وأن وجود مثل أعلى لدى الشباب أمر غاية في الأهمية بل والإيجابية، وعن التحدي الرابع والذي وصفه عصفور بالكارثة وهو الخطاب الديني مضيفا: أن هذا التحدي بشكل خاص لا بد أن يكون في المرتبة الأولي.

ووصف عصفور الخطاب الثقافي وشكله ومضمونه الآن وكأنه (يسير إلى الأمام وعيناه في قفاه)، مشيدا بوجود بعض المشايخ والعلماء الذين يملكون عقولا مستنيرة لا بد أن يُستفاد منهم في تلك الفترة شديدة الخصوصية.

واختتم عصفور كلمته بضرورة وضع إستراتيجية شاملة لتجديد الخطاب الثقافي تبدأ بحل تلك التحديات الأربعة وبإدراك قيمة الثقافة كقوة ناعمة يجب أن نحافظ عليها من التآكل، الذي إن وصل إليها فلا فائدة في تنمية أو تقدم فهي سلاح لا يستهان به.

وتحدث د. شاكر عبدالحميد في بحثه عن “الصناعات الثقافية الإبداعية”، وأوضح أن مفهوم الصناعة لا يتعارض مع فكرة الثقافة وضرورتها قائلا: الصناعات الثقافية والإبداعية هي أحد المحركات الكبرى للاقتصاد في الدول المتقدمة والنامية، وهو من أسرع قطاعات الاقتصاد نموًا في العالم، وهو قطاع يؤثر على زيادة الداخل وخلق الوظائف وجلب المكاسب، ويمكن أن نحقق مستقبلاً أفضل لعديد من الأقطار عبر العالم، وأن نطلق ونحرر اللامكانات الخاصة بالصناعات الثقافية والإبداعية يعني أيضًا تشجيع الإبداع الكلي الخاص بالمجتمعات.

ويؤكد كذلك على الهويات المتمايزة للأماكن التي تزدهر فيها، وتحسن نوعية الحياة وتوفر الموارد المطلوبة للحاضر والمستقبل هكذا فإنه بالإضافة إلى فوائدها الاقتصادية، توفر الصناعات الثقافية الإبداعية أو تؤكد قيمًا غير مالية الطابع تسهم بدورها التنمية الشاملة والمستدامة التي تقوم على أساس الأفراد والشعوب ونحن في حاجة للسياسات العامة التي تدعم الأشكال المتنوعة من الإبداع الموجودة في قلب قطاعات الصناعات الثقافية والإبداعية.

وتطرق لغياب الخرائط الثقافية وأننا نعاني من غيابها، برغم أهميتها، وأكد أن ثقافتنا تنحاز إلى اللغة بقدر كبير وتبتعد عن العلم وأشار إلى تيودور أدورنو الذي كان من أوائل من اهتم بموضوع الصناعات الثقافية الاجتماعية.

وعن مصطلح الإبداع نفسه وتعريفه أكد أن الإبداع ما هو إلا إنتاج جديد مفيد، وأن أول من أطلق المصطلح على الصناعات الثقافية هو ماكس هوركهايمر أول من حل هذا المصطلح عام 1947، وأوضح أن الصناعات الثقافية لا تعني فقط الحرف التقليدية كما هو مشاع لدينا ولكنها تشمل الكثير ومنها الصورة والسينما والرقمنة.

واختتم د. شاكر حديثه بعدد من الإحصاءات والبيانات عن الدول التي تهتم بالصناعات الثقافية كالهند وتايلاند وأندونيسيا.

أما الكاتب الجزائرى واسينى الأعرج فقد تطرق في بحثه لتجديد الخطاب الروائي لمأزق التخييل، وربط ما بينه وبين مواجهة التطرف قائلا: تداخلت الرواية مع الحاجة إلى فن جديد يقول ليس فقط الاحتياجات الاجتماعية، لكنه يقول أيضًا الفن في ارتباطاته الثقافية الواسعة والمتعددة، وأمام الرواية العربية ورشات كثيرة عليها أن تفتحها بجرأة: أولاً الإنسان كرهان في أي تحول، تم طمسه اجتماعيًا ونزعت عنه مواطنته وأصبح مجرد رعية في أرضه.

الرواية التي بنيت على الإنسان هل يمكنها أن تصالح البشر مع أنفسهم؟ ثانيًا التاريخ لا بوصفه إعادة إنتاج لخطاب رسمي متهالك، ولكن بوصفه ممارسة تم تسخيرها لأغراض خاصة بالأفراد والمجموعات. كيف تعيد الرواية ترتيب التاريخ تخييليًا، في تماس ضروري مع مادة الحياة. كيفية تحويله إلى مادة إنسانية كاشفة أدبيًا لكل الخيبات التي عاشتها الأرض العربية. ثالثًا تحرير المتخيل. التخييل أهم شكل من أشكال التجديد والمقاومة. الديكتاتوريات تخاف من التخييل لأنه دليل على حرية الإنسان أولاً وأخيرًا.

رابعًا: هز يقين الخطاب الذي نشأ في الحاضنة القومية التي تتمزق اليوم، وكبر فيها. هذا النوع من الفكر وصل إلى سقفه وأصبح مجرد خطاب أجوف، ولكي يتجدد يحتاج إلى نقد ذاتي عميق وتستطيع الرواية أن تهضم ذلك كله وتحوله إلى مادة أدبية نشأت في الحاضنة القومية كيف تواجه وضعًا تمزقيًا شديد القسوة، حيث الإنسان صانع الأحداث والمشكل لمركز الرواية انسحب وأشبع جزءًا عامًا من المشهد.

خامسًا: تضعنا الرواية العربية اليوم في خطاباتها الكثيرة أمام معضلة أخلاقية كبيرة. كيف يتصرف الأديب في ظل أوضاع الحروب الأهلية الصعبة حيث تنغلق الرؤى، وما هي الخطابات التي ينتجها؟ هل هي جديدة أم خطابات متهالكة تنم عن قصور واضح وذاتية مفرطة؟ القراءة البسيطة للمنتج الروائي في السنوات الأخيرة تدفعنا إلى القول إنه محكوم في عمومه بنظامين، إما الاستكانة إلى خطاب غير متماسك، أساسياته لم تعد موجودة، وأن المجتمع في حركية جديدة تحتم تغيير الرؤى، أو السقوط في سوداوية الإنسان العادي.

وأكد أن الرواية ليست مجرد خزان للتحدي لكنها بنية شديدة التعقيد، فهي من أكثر الفنون إصغاء للتوترات العميقة التي تحكم المجتمعات. هذه التوترات ليست إلا مادة خامًا، تحتاج إلى قراءة حقيقية وعميقة. وهو ما يجعل الكتابات تختلف ليس بمعنى الجيلية لأن هذه الأخيرة مجرد اصطناع وقناع لا وجود فيه للأجيال.

وأشار إلى أن كاتب مثل نجيب محفوظ ما يزال إلى اليوم يضعنا وجهًا لوجه أمام أنفسنا ومآسينا. وقل ما نجد كاتبًا وصل إلى ما وصل إليه محفوظ. الخطاب الروائي الجديد لكى يصل إلى قرائه والمؤمنين به، يحتاج إلى تطوير حقيقي ومستمر، ويحسس القارئ بأنه معني بما يقوله لأنه جزء منه.

وعن الإصلاح للثقافة كبوابة مهمة من المجتمع تحدثت الكاتبة المغربية وفاء صندى (رئيسة جمعية اعتدال ومناهضة الإرهاب بالمغرب)، مشيرة إلى المشاكل التى تواجه ثقافتنا العربية ومنها الفجوة ما بين المواطن والمثقف، وغياب الحوار، وتضخييم الذات، وغياب العلم، والانعزال فى الماضى.

وأشارت لنكسة 1967 وكيف كانت سببا فى ذلك الغياب، وأيضا تناولت مأزق الثقافة العربية بعد الربيع العربي قائلة: طرأت في السنوات القليلة الماضية تحولات كبيرة أفرزت مجموعة جديدة من الرهانات والتحديات تصب جميعها في ضرورة وجود مجتمعات واعية، مسئولة وقادرة على تحقيق توازن يحمي الإنسان والأوطان على حد سواء.

وخلق مجتمعات متوازنة سلوكًا وفكرًا، مؤكدة أن إصلاح الثقافة أو تجديد الخطاب الثقافي، إذا جاز التعبير، يمثل الضمانة الحقيقية لنجاح مشروعات الإصلاح كافة التي تحتاجها أوطاننا اليوم.

وفى نهاية الجلسة الأولى قام الكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة ود. أمل الصبان بتفقد معرض الكتاب المقام أمام مقر المجلس، بالإضافة لمعرض الأصالة والمعاصرة ببهو المجلس للقوميسير الدكتورة سهير عثمان، الذى يتضمن نماذج من الصناعات الثقافية.

 

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى