أسبوع «أفلام غوته» في القاهرة.. جدار اللغة وسينما الذاكرة

وئام يوسف

حُمَّى الطقس لم تمنع الجمهور المصري من حضور فعاليات «أسبوع أفلام غوته» 2016 الذي أشعل بدوره وسط البلد (26 مايو ـ 3 يونيو) بفعالياتٍ استضافها «المركز الثقافي الألماني» وتميزت بالغنى والتنوع بين أفلام روائية وصامتة ووثائقية وورش ومسابقة للتصوير مستوحاة من أفكار الأفلام. تزامنا مع ذلك عرض «معهد غوته» في الإسكندرية أفلام الأسبوع التي ستعرض أيضا نهاية الشهر الجاري في محافظات أسيوط والإسماعيلية وسوهاج.
للمرة الثانية يحل المخرج الألماني كريستيان شفاخوف ضيفا على أسبوع أفلام غوته الذي عرض فيلمه «شارع بورنهولمر» 2014. يحكي الفيلم أحداثا عاشها ضباط الحدود في ألمانيا الشرقية قبيل سقوط سور برلين يوم 9 نوفمبر1998.
السياسة كانت جزءاً أصيلاً من طفولة كريستيان شفاخوف خاصة أنه ينتمي للجيل الذي عاصر قرار 9 نوفمبر، الأمر الذي جعل لذلك أثرا في معظم أفلامه، يؤكد المخرج إلى أن تلك الفترة زاخرة بالحكايا الجديرة بأن تروى وفي ذات السياق وجب عليه دحض بعض الحكايا التي شاعت وليست حقيقية «ثمة أقاويل أن الحياة في ألمانية الشرقية حيث عشتُ كانت قاسية في حين هي كانت طبيعية في ظل بعض التضييق الحكومي».
الفيلم مفعم بالتشويق مع مسحة كوميديا سوداء أضفاها المخرج وبرع من خلالها في عطف أحاسيس المتلقي مع متغيرات الفيلم بين الجد والهزل، معللا بأن تفاصيل حياة الكولونيل شافير ـ بطل الفيلم ـ تستوجب أن يبنى الفيلم بين التراجيديا والكوميديا، خاصة أنها مستوحاة من قصة حقيقية رواها أحد الضباط وقد عاش المواقف ذاتها ممزوجة بالصدمة والسودواية والفكاهة في آن معاً. كتب «شارع بورنهولمر» والدا المخرج اللذان عاصرا تفاصيل ولحظات سقوط الجدار، كما استعان شفاخوف بأناس وعوا تلك المرحلة ليجسدوا بعض المشاهد فتكون بذلك أكثر حقيقية حسب قوله.
لست محصنا
تزامنا مع الذكرى 117 لميلادها، عرض الأسبوع فيلما للمخرجة لوتا راينغير – 2 حزيران 1899، مبدعة الأفلام المتحركة في ألمانيا، والتي ابتكرت عبر أكثر من 4 عقود شخصيات كرتونية وتقنيات باتت مدرسة في الرسوم المتحركة، «مغامرات الأمير أحمد» 1926 فيلم للرسوم المتحركة الظلية وهي تقنية ابتكرتها لوتا مستوحى من حكايا «ألف ليلة وليلة» وقد سبق أفلام ديزني بعشر سنوات.
عتبةٌ أخرى للفعالية كانت مع الروائية الألمانية هيرتا موللر في فيلم «أبجدية الخوف»، وثائقي يتناول حياة الكاتبة الحائزة على جائزة نوبل 2009، وكانت قد ناهضت الديكتاتورية الشيوعية في رومانيا ثم غادرتها إلى ألمانيا عام 1987، يعرج الفيلم على الخوف الذي غرسه الديكتاتور الروماني نيكولاي تشاوتشيسكو في المجتمع الذي رغم موته بقي شاعرا بوجوده، أيضا تتحدث صاحبة «أرجوحة النفس» عن أهمية اللغة كأداة للمقاومة وكيف يحولها الديكتاتوريون لمسخ مزيف عدواني «ماذا تعمل اللغة للصيني ليو تشاو، ماذا تعنيه نوبل التي حازها وقد قبع في السجن 11 عاما بسبب وثيقة كتبها مطالبا خلالها بالإصلاح فقط».
ينتهي الفيلم وقد بدا الإنهاك على موللر في أحد المشاهد ربما من حالة الاستحضار لمشوار حياةٍ كان الخوف أكبر عناوينها فتنهي الفيلم بقولها «لماذا تريدون أن تمزقوني هكذا.. أنا لست إنسانا مُحصّنا».
أفلام قصيرة
تخلل المهرجان عروض لأفلام مصرية قصيرة، عُرِضت في مهرجان أفلام برلين ـ برليناله ـ في دورته السادسة والستين التي عقدت في شباط من العام الجاري، ركّز خطاب الأفلام على علاقة السينما بالذاكرة المصرية، كان ذلك جليا في فيلم «منتهى الصلاحية» للمخرج إسلام كمال، يحاكي فيه مشاهد وحوارات من كلاسيكيات السينما المصرية «الكيت كات»، «البيضة والحجر»، «احنا بتوع الاتوبيس» تتقاطع المشاهد مع ألاعيب بصرية وموسيقية شكلها المخرج بهدف كسر الانطباع المأخوذ عن العلاقة بين المواطن والسلطة، خاصة أن المشاهد التي يحاكيها تتضمن مايجري في غرف التحقيق.
«ذكريات عباد الشمس» فيلم قصير آخر يرمّم حنين الذاكرة الذي دفع المخرجة مي زايد إلى استحضار جدها المتوفى من خلال الصوت والصورة بالتضفير بين تسجيلات شرائط الكاسيت الأسرية التي يذكرها كل من عاش الثمانينيات والتسعينيات، ولقطات أخذها أفراد الأسرة قديماً ويظهر فيها الجد باستخدام كاميرات مختلفة.
على ضفة أخرى من أسبوع الأفلام يقيم المركز الثقافي الألماني مسابقة للتصوير الفوتوغرافي تحت عنوان «فيلم جوا.. صورة برا» وتشترط أن يشاهد المشترك أفلام الأسبوع ويقوم بالتصوير خارج المعهد على أن تكون الصور لها ارتباط ما بمواضيع وأفكار الأفلام المعروضة، نتيجة المسابقة سيعلن عنها يوم 10 حزيران يونيو الجاري.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى