متحف زكي ناصيف يخلّد ذكراه

شوقي الحاج

غَزَت إبداعاته الفنية العالم العربي، منطلقاً من بلدته الوادعة عند التخوم الجنوبية الغربية للبقاع الغربي، على حافة الليطاني. من مشغرة التي تنبض بالحياة، وعلى وقع هدير الاندفاعات المائية المنبعثة من عشرات الينابيع المتفجّرة من مرتفعات جبل الباروك، انطلق يوماً الفنان المبدع والموسيقار الرائد وصاحب الأنامل الرشيقة زكي ناصيف، وها هي بلدته تكرمه اليوم بافتتاح منزله متحفاً لذكراه وأعماله.
الفنان الراحل لُقّب بشيخ الفولكلور اللبناني. ولد في الرابع من تموز 1916 في مشغرة، وأخذت حواسه الموسيقية تتناغم مع النغمات الروحانية، عن طريق الاستماع الى تلاوة الشيخ سلامة حجازي لآيات القرآن الكريم، والى قداس الأحد في الكنيسة المارونية والبيزنطية، وعمل على تنمية هذه الأحاسيس من خلال الأغاني القروية، ومتابعة المشاهدات للحياة الفنية القروية، من دبكات فولكلورية ورقصات شعبية وأغانٍ تراثية، ممتلئاً فرحاً وسعادة.
ولم تقوَ عائلة الفنان الراحل على تحمل التكاليف المرتفعة لتأهيل وترميم المنزل الذي نشأ وترعرع فيه في مشغرة، وفق ما أوضحه الدكتور نبيل ناصيف إبن شقيقه. عندها، تولّت جمعية «أبساد» لحماية المواقع الطبيعية والأبنية القديمة التراثية، عملية التأهيل. وبعد ثلاث سنوات، افتتحت المنزل بالتزامن مع الذكرى المئوية لميلاد ناصيف، برعاية وزيري السياحة والثقافة، وبحضور رئيسة الجمعية السيدة ريّا الداعوق، بعدما حوّلته متحفاً يضمّ إبداعات ومقتنيات الفنان الراحل، بعدما انتقلت ملكية المنزل الى الجمعية بموافقة العائلة.
«أبساد» حوّلت المنزل متحفاً ومركزاً ثقافياً، تقديراً منها لعطاءات المبدع الكبير، كما أوضح الدكتور ناصيف. وأكد أن «أبساد» وضعت اللمسات الأخيرة على التحضيرات والاستعدادات لإنشاء معهد موسيقي في المنزل لتعليم الموسيقى وتشجيع المبدعين، تديره المغنية الأوبرالية غادة غانم. ويقول ناصيف إن عملية اختيار الطلاب قد بدأت.
تقول الداعوق إن تكاليف تأهيل وترميم المنزل 600 ألف دولار، لافتةً الى أن المتحف سيضم مقتنيات ناصيف، وهي عبارة عن آلة البيانو وسريره الخاص، وخزانته وصورته، الى جانب طاولة مثلثة الأضلاع والكرسي التي كان يجلس عليها، فضلاً عن مقطوعات وإبداعات فنية وإرثه الموسيقي.
وأشارت الى أن المهندسة المتخصصة بعلم الآثار ياسمين معكرون هي التي أشرفت على عمليات الترميم والتأهيل والتصميم.
ولم تنسَ الداعوق أن تضيف أن الدولة «تغطّ في سبات عميق، فلا يعنيها استنهاض المجتمع»، معتبرة أن مشغرة التي خرّجت حفنة واسعة من المبدعين «هي في حالة احتضار، حيث تغيب عنها الروح رويداً رويداً».
وتمنى أحد أبناء مشغرة، غسان، أن يتحول هذا المتحف الى معلم سياحي، «لتبقى ذكرى ناصيف راسخة في عقول أجيالنا المقبلة، وكي تتخذ منه مثالاً يحتذى».

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى