جائزة عربية للفيلم السوري “حبّ في الحصار”

سلافة الجبور

استطاع الفيلم السوري “حب في الحصار” أن يشق طريقه للفوز بواحدة من أهم الجوائز العربية، ساردا المعاناة اليومية لأسرة سورية ومن ورائها آلام السوريين الواقعين تحت وطأة الحرب والحصار والتشرد.
وفاز الفيلم الذي أخرجه الشاب مطر إسماعيل بجائزة سمير قصير لحرية الصحافة عن فئة التقرير السمعي البصري، وذلك في دورتها الحادية عشرة الأسبوع الماضي، والتي تنظمها مؤسسة سمير قصير بالتعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان.
والفيلم الذي يمتد 15 دقيقة وتم تصويره في جنوب العاصمة السورية دمشق، يجسّد يوميات عائلة مكونة من أب وأم وأربعة أطفال في ظل الحصار، حيث يصوّر معاناتهم في الحصول على أبسط احتياجاتهم كالطعام والماء والدفء.

سلاح الجوع
وذهب ضحية الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري على مدن وبلدات جنوب دمشق منذ عام 2013، أكثر من مئتي شخص ماتوا جراء الجوع والمرض، واضطر الناس خلاله لتناول الحشائش والأعشاب شهورا طويلة لعدم توافر أي مواد غذائية أخرى.
ولذلك اختار مخرج الفيلم ومنتجه مطر إسماعيل تسليط الضوء على استخدام النظام الجوع سلاحا لإخضاع المناطق الخارجة عن سيطرته، وهو ما يراه -في حديثه للجزيرة نت- “السلاح الأشد فتكا والأكثر تأثيرا”.
والشاب السوري الذي عمل خلال السنوات الفائتة في التغطية الإعلامية الميدانية لمجريات الثورة السورية وتوثيق انتهاكات عدد من الوسائل الإعلامية، قرر نهاية العام الماضي خوض مغامرة مع كاميرتيه اللتين يستخدمهما في عمله الإعلامي، وتصوير يوميات عائلة “أبي وسيم” لإيصال واقع الحصار من خلالها للعالم كله، متجاوزا كل التحديات المتمثلة في محدودية الإمكانيات والخبرة المتواضعة.
واختار إسماعيل -في عمله الذي أنتجته مؤسسة “بدايات”- أن يتحرك مع مسارات الكاميرا، وأن يعيش تفاصيل حياة المحاصرين ويكون حاضرا في لقطات المأساة وثواني الفرح، فعمل على تحرير العائلة من قيود التصوير، جاعلا من الكاميرا مجرد مراقب أو متابع لا يتدخل في مواجهة مباشرة مع أبطال العمل، مما أنتج مشاهد طبيعية دون أي عوامل خارجية، بحسب قوله.
وأشار الشاب -الذي لم يتمكن من متابعة دراسته في مجال الإعلام بسبب الحرب- إلى أن “العائلة السورية المحاصرة في جنوب دمشق أو الغوطة الشرقية أو داريا أو مضايا أو الوعر، لن تُهزم ولن تُكسر”.
وأشار إلى أنه ليس بالضرورة أن يحول سلاح التجويع الإنسان السوري إلى وحش، بل قد يجعله إنسانا زاهدا يأكل القليل في سبيل الحفاظ على حريته وكرامته في وجه آلة التجويع والحصار، ويصرّ على حقه في حياة حرة من الاستبداد، وهي الرسالة التي رغب في إيصالها من خلال عمله الفني.

حياة الناس
ويرى المخرج مطر إسماعيل أن فوز الفيلم بجائزة سمير قصير “تأكيد على اهتمام المسؤولين عنها بالتجارب الفنية التي تسلّط الضوء على حياة الناس في الداخل السوري، والمحارَبين من قبل النظام وحلفائه الإقليميين والدوليين، وعلى تأثير واقع الحصار ورسالة المحاصرين بلجنة التحكيم الرفيعة المستوى”.
ويتفق مصوّر الفيلم محمد أبو كاسم مع زميله، إذ يرى أن هذه الجائزة ساهمت في انتشار الفيلم وإيصال رسالته، وهو ما يؤكد أهمية هذه المناسبات والفعاليات في نقل معاناة السوريين وتفاصيل حياتهم.
وتحدث أبو كاسم للجزيرة نت عن صعوبات إنجاز هذا الفيلم تحت الحصار، “فالإمكانيات متواضعة، وخبراتنا محدودة وتقتصر على تصوير التقارير الإعلامية الكلاسيكية، إلا أن مساعدة وتوجيهات المخرج الذي ساهم معي في التصوير، وإصرارنا على توثيق يومياتنا، دفعنا لإنجاز العمل على أحسن وجه ممكن”.
وأكد المصور أن معاناة أفراد عائلة “أبي وسيم” وصبرهم وطريقة حياتهم التي لا تخلو من الابتسامات، شكّلت الدافع الأكبر له وللمخرج لتجاوز تحدي توثيق أدق التفاصيل، وإخراجها للنور ليشاهدها ويعرفها العالم أجمع.

(الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى