منتديات الثقافة بالخرطوم .. زخم بدعم أهلي

عماد عبد الهادي

لم تقف تقلبات الأوضاع الاقتصادية والسياسية في السودان حائلا دون تواصل النشاط الثقافي والأدبي، وهو أمر تميزت به العاصمة الخرطوم منذ عقود ولا أدل على ذلك من المقولة المعروفة إن القاهرة تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ.

وتنشط دور ثقافية ومنتديات أدبية في الخرطوم بعد فترة ركود لم تكن بإرادة القائمين على أمرها كما يقول متحدثون، لافتين إلى ظهور دور ومنتديات ثقافية جديدة وبرعاية جماعات وأفراد ومؤسسات اقتصادية خاصة، ليصبح غياب الدولة ومدى إسهامها في مجال الثقافة والآداب والفنون مصدر شكوى ومحل تساؤل دائم لعدة أطراف تتقاسم هم البناء الثقافي في السودان.
ففي الوقت الذي تتزايد فيه الأنشطة والفعاليات الثقافية بالعاصمة الخرطوم وولايات السودان المختلفة تحت عناوين وموضوعات ثقافية وأدبية متميزة بتمويل شبه ذاتي أو من مهتمين تغيب الصورة الرسمية عن واجهة تلك الأنشطة بالكامل.
ويؤكد رئيس منتدى نادي القصة السوداني محمد خير أن القائمين على المنتدى تحملوا عبء استمرار نشاطه لأكثر من 16 عاما دون دعم من أي جهة رسمية، معتبرا أن كل المنتديات “لا تجد غير الإهمال الرسمي مهما كان دورها”.
دائرة تغييب
ويؤكد للجزيرة نت أن الحكومة لم ترع طوال عقدين أي نشاط أو منتدى يتصل بضروب الثقافة الأخرى مثل السرد الذي بلغ فيه الكتاب السودانيون مرتبة متقدمة، لافتا إلى أن أصواتا شبابية جديدة وأقلاما ذات مستقبل لا تزال في دائرة التغييب.
ويبرر صمود المنتديات الأدبية والثقافية في السودان بفضل الدعم الأهلي والتزام القائمين عليها تجاه الثقافة وحركة الإنتاج الفكري “التي لم تتوقف ولن تتوقف لأي سبب”.

أما رئيس قسم الأنشطة في مركز الفيصل الثقافي شمس الدين يونس فيرى أن النشاط الثقافي ارتبط منذ الاستقلال بالمبادرات الأهلية والمجتمعية وليس بأجهزة الدولة الرسمية، مما قاد في السابق إلى ازدهاره وعظيم إنتاجه الثقافي.

وقال للجزيرة نت إن جميع المنتديات لم تجد غير الدعم الأهلي حتى برزت مؤسسات اقتصادية خاصة تقدم لها الرعاية المطلوبة حاليا للاستمرار في أداء دورها المطلوب.

وأضاف أن الدولة لا تمول أو تدعم النشاط الثقافي الأهلي “بينما تقوم بذلك الفرق والجمعيات الأهلية محدودة الدخل والموارد”.

وتابع أن كل من بالساحة الثقافية يعلم أن الدولة لا تمتلك رؤية خاصة بالثقافة أو التخطيط الثقافي، وليس أدل على ذلك من منافسة وزارة الثقافة للمراكز الثقافية كتفا بكتف حول إقامة الندوات والأنشطة الثقافية.

رعاية حكومية
لكن وزير الدولة بالثقافة الأسبق صديق المجتبى يؤكد أن الدولة رعت النشاط الثقافي ولم تتخل عن حركة الإنتاج الثقافي في شتى ضروبها.
وأكد للجزيرة نت أن السنوات الماضية شهدت عشرات النشاطات الثقافية التي تدعم الحركة الثقافية برعاية من الدولة، مع تشجيعها الكامل لحركة المراكز والجماعات الثقافية والأدبية المختلفة.

ويحصر مدير مركز راشد دياب للآداب والفنون راشد دياب دور الدولة في الفرجة ومباركة بعض الأنشطة الثقافية أحيانا، مشيرا إلى انعدام كافة الخدمات الضرورية التي كان على الحكومة توفيرها.

ويقول للجزيرة نت إن الدولة لا تخصص ميزانية للمراكز أو دور الثقافة والآداب والفنون، ومع ذلك يجتهد مهتمون بأمرها في الوصول بها إلى بر الأمان.

وبرأيه، فإن الثقافة أو الآداب أو الفنون ليست أولوية للحكومة “التي ترعى ما يهمها في مجالات السياسة وغيرها من مشكلات أقعدت البلاد كثيرا”.
ويقسم مصدر حكومي في المقابل المنتديات الثقافية إلى عدة مجموعات، من بينها ألفا جمعية ثقافية بالخرطوم، مشيرا إلى أن الكثير منها تحظى باهتمام الحكومة.

ويقول للجزيرة نت إن مراكز الشباب والمراكز الأخرى “كلها محل اهتمام الحكومة عبر المجلس القومي لرعاية الفنون ووزارة الشباب والرياضة”، معترفا في الوقت ذاته بقصر يد الحكومة تجاه هذه الفئة كغيرها من الفئات “في ظل أوضاع سودانية معقدة للغاية”.

(الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى