وكنتُ الذي… للشاعر مصطفى حامد

خاص (الجسرة)

 

وكنتُ الذي..
قد رماهُ أبي
ذاتَ همسٍ إلى اليمِّ !
قالت لي الترعةُ :
البنتُ ماعادَ ينسابُ شعرُ ضفيرتِها
كي تُدلّيه بينَ يديكْ !!
وماعادَ صمتُ حِصَانِكَ
يُدهِشُها ..
حين تُخبِرُها ..
عن صهيلٍ
يُبدِّدُ بَارِقَةَ النَّصرِ
في أعينِ الخصمِ عند اللقاء
فقد أدركت ..
أنهُ محضُ طينٍ !!
وسيفَكَ طينٌ !!
وساحاتِ نصركَ طينٌ ..!
إذا لامسَ الماءَ
لا يُنبِتُ الخبزَ للفقراءْ
وماعادتِ البنتُ تلكَ التي ..
خَبَّأت بَلَحَ النخلِ في صدرِهَا
ورَمت بيديهَا الى الشمسِ خُذ..
” أخذَ الجنُّ كل البلحْ”
تقولُ..
وتضحكُ من غيظِكَ المُستَحِي
من شجاعةِ عينيكَ في أخذهِ
لم تعُد تحضنُ الطوبَ كيما
ينام على حجرها
في ليالي الشتاء !
براءةُ خُطوتِها ..
لفها خجلُ النهدِ حين استدار….
وقالت:
على آخر الغيطِ صَفصَافَةٌ *
أيُّها الحزنُ كُن شاعرًا
قلتُ :لا أعرفُ الشعرَ
قالت:ألمْ ..!
مَدًى ياعيونَ الحبيبةِ
ياخصرَها كيفَ يرتاحُ صَبٌ !!
وكيف لمقتولِها
يكتبُ الجرحَ والشعرَ
في النهرِ والنهرُ فَرَّت ..
غزالاتهُ للبعيد!!؟
ويفقدُ رائحةَ الطمي..
يكرهُ صمتَ المدينةِ
حينَ يُغازِلُها شاعرٌ بالبكاءِ
فلا تستجيب !!
فكن شاعرًا …
قلتُ:لا أعرفُ الشعرَ
قالت: فرَحْ
فقلتُ أُحِبُّكِ
حين أُحِبُّكِ ..
لاشيءَ فى الكونِ يغدو حزينًا
أُغَنِّيكِ حقلاً من القَمحِ
شايًا وخبزًا..
تَجِيُء به السيداتُ لِأزواجِهنَّ
بوقتِ الحصاد..
أُغَنِّيكِ نخلاً
وزهراً
عنادِلَ
صفصافةً
تُرعةً ..
تهمسُ الفاتناتُ
على شطِّها بالأماني
ويكشِفَنَ سيقانَهُنَ
ويغسلِنَ أحلامَهُنَ
وأيَّامَهُنَّ
أُنوثَتهنَ..
حكاياتِهنَ
يَقُلنَ الذي لايقالُ
عن الحُبِّ والحُلمِ
لبس ِ السراويلِ
والولدِ القُروي المُسافرِ
نحو المدينةِ
كيف يقصُّ لأقرانهِ
عن زحام المدينةِ
ليلِ المدينةِ
عطرِ المدينةِ
بنتِ المدينةِ
حزنِ المدينةِ
كلِّ المدينةِ
في أعين الشعراء !
فكن شاعرًا..
قلتُ لا.
وكنتُ الذي
قد رَمَاهُ أبي !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى