«أوركسترا النيل» ولادة فرقة مصرية في الساحة الموسيقية

كريمان حرك

شهد المسرح الصغير لدار الأوبرا في القاهرة قبل أيام، ولادة فرقة سيمفونية بعنوان «أوركسترا النيل» بقيادة المايسترو محمد سعد باشا. والأخير هو صاحب الفكرة والمشرف على الفرقة التي أنشئت بجهود ذاتية، إذ أن أكثر عازفيها متطوعون وهم من أعضاء هيئة التدريس في الكونسرفاتوار، وبعضهم يعزف مع فرق الأوبرا مثل وسام أحمد ورنا حجاج ونوريهان وخالد صالح وأحمد عثمان.
الحفلة الأولى للفرقة التي قدّمت على المسرح الصغير (اختيار غير موفق لأن عدد العازفين كبير) جاءت بعنوان «ذكريات» وشملت أغاني أجنبية شهيرة من خمسينات القرن العشرين حتى ثمانيناته. وفاجأت الفرقة الحضور بأغنيات دمجت فيها الأجنبي والعربي وركبّت الموسيقى الغربية على كلمات عربية. وعبء الغناء كان من نصيب أحمد حرفوش ورولا زكي، والاثنان لهما شهرة كبيرة في هذا النوع من الأغاني منذ سنوات، وكل منهما له فرقته الخاصة، وله جمهور عريض قليل منه من الشباب وأكثرهم من الذين عاشوا تلك الفترة وارتبطوا بهذه الأغاني الخفيفة التي تحمل ملامح موسيقى الجاز.
أما محمد سعد باشا فهو مؤلف موسيقي دارس ومتمكن، وأستاذ تأليف في الكونسرفتوار، وتم التعاقد معه أخيراً قائداً في دار الأوبرا. وهو مؤسس «أوركسترا وتريات الساقية» وقائد فرقة «براعم أوركسترا النور والأمل»، وله نشاط بارز في الساحة الموسيقية المصرية. كما أنه كان عازفاً للدرامز في بداية مشواره الفني وعلى دراية كبيرة بموسيقى الجاز وما شابهها. وكل ذلك كان وراء اختياره لهذا البرنامج ليبدأ به مسيرة الفرقة السيمفونية الجديدة.
وأعاد الباشا صَوغ الأغاني التي قدمتها الفرقة لتناسب عدد أفرادها الكبير. وتضمن برنامج الحفلة 15 من الأغاني المشهورة مثل (How deep is your love) و(far from over) والأغنية الفرنسية (La vie en rose) وأغنية سعد عبد الوهاب «الدنيا ريشة» وأغنية داليدا «حلوة يا بلدي». وأُدّيت الأغاني بحب وحماسة وبشكل متواصل من دون استراحة، وسط تصفيق وصيحات إعجاب. وعلى النغمات الحماسية رقص بعض الصغار في الصالة، كما ردّدوا الأغنيات مع المطربَين اللّذين يملكان أداء جيداً في معظم الأعمال ولهما حضور جيّد على المسرح.
استعانت «أوركسترا النيل» ببعض العازفين البعيدين عن إطارها مثل رامي عطاالله (بيانو وكيبورد) وشريف علاء (غيتار) وإيهاب بدر (باص – غيتار) وضياء بدر (إيقاع) ورامي سمير (درامز).
الحفلة كانت مبهجة، ولكنها تفرض سؤالاً: هل هذا ما ستقدمه الفرقة فقط؟ لأن الحفلة الأولى تكون عادة عنواناً لأهدافها وتعريفاً بهويتها، وهذا لم يتحقق. وبما أن الأوركسترا جديدة يجب أن يكون محور الاهتمام بكتابة نبذة وافية عنها في كتيب يوزّع عادة في الحفلة أو بحديث شفوي يُتلى قبل بدء الحفلة. كما أنه يجب ألا يشارك في البرنامج نجوم غناء يسيطرون على المسرح منذ البداية وتصبح الفرقة مجرد مصاحبة لهما. بل كان يجب أن تكون الفقرات منوعة إذا كانت الفرقة تنوي تقديم مؤلفات سيمفونية تناسب تكوينها الضخم. والمقصود أن هذه الحفلة خدمت المطربَين فنياً وأضافت لهما (فرقة كبيرة وتوزيع أوركسترالي وقائد محترف)… الفرقة جيدة وخطوة مضيئة على الطريق، ولكن نتمنى أن تصحّح مسارها وتقدم نفسها بشكل يعبّر عن أهدافها وهويتها، بخاصة أن قائدها يتميز بالاجتهاد والمثابرة والطموح والسعي الجاد لتطوير الموسيقى العربية.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى