مهرجان «حيّ».. موسيقى الشرق ونداء الصحراء

وئام يوسف

للموسيقى مساحة في رمضان تُفردُ بألوان عدّة (الصوفية، الزار، الطرب) تجمع بينها الأصالة والعودة للجذور، أماكن ثقافية عدة تستضيف عروضا موسيقية وغنائية، استهلها مهرجان «حيّ» 12-25، على مسرح الجنينة والذي اتسمت دورته الـ11 بتقديم ألوان موسيقية متنوعة من مصر والعالم العربي وأفريقيا تعكس تراث الشعوب وغنى الجذور، إضافة إلى تبادل نكهات الموسيقى المختلفة بين فرق جمعها الفن كلغة تحكي الإبداع والحياة.
استهل المهرجان بموسيقى الأرض المضيفة، قدمتها فرقة «كركديه» المهتمة بتقديم موسيقى التخت الشرقي بطابع معاصر يمزج بين عراقة الماضي وجِدّة الحاضر، قدمت الفرقة سبع مقطوعات موسيقية ألّفها ووزعها العازف محمد أبو ذكري، منها «عودة»، «على الفلوكة». أبو ذكري أسس الفرقة بداية العام الحالي بدعم من دار الأوبرا في مدينة ليون الفرنسية، والذي استضاف مسرحه باكورة أعمال الفرقة. حفلتان شارك فيهما عازف الناي محمد فرج، ولطفي أباظة عازف الكمان، ومدحت ممدوح عازف دهلة، وهاني بدير عازف الإيقاع، يضيف أبو ذكري أن الحفلة التي قدمت يوم أمس هي الأولى لهم في القاهرة، مشيرا إلى أن الألبوم الجديد للفرقة والذي يحمل الاسم ذاته «كركديه» سيصدر خلال شهر 9 في مصر، تزامنا مع صدوره في فرنسا وأميركا وكندا. درس محمد أبو ذكري الموسيقى في بيت العود العربي، وكان عضواً في أوركسترا الشرق بقيادة نصير شمة، ثم نال ليسانس تأليف وتوزيع موسيقي من جامعة ليون الثانية بفرنسا.
كما أطرب شربل روحانا خلال الافتتاح جمهور مسرح الجنينة بأغانيه الغنية بالألوان المتعددة التراثية والسياسية والاجتماعية. لا يغيب عن أحد الألحان التي صاغها روحانا برفقة عوده والمستوحاة من التراث الشرقي سكبه في قالب حداثي يتوائم وروح العصر. لغة فنية فريدة قدمها روحانا عبر عقدين من الزمن تقوم على الإبداع والانفتاح على الآخر كما كان همّه دائما. أسس روحانا طرقاً جديدة في عزف العود تم نشرها في سبعة مجلدات تبناها كل من المعهد الوطني للموسيقى في لبنان وكلية الموسيقى في جامعة الروح القدس التي يشغل فيها منصب عضو هيئة التدريس منذ 1986، 10 ألبومات والعديد من المشاريع الفنية قدمها الفنان الغارق في شغف الموسيقى منذ طفولته ـ كما يقول ـ آخر مشاريعه عمل فني مشترك مع عدد من الموسيقيين من مناهل مختلفة، قدمه على مسرح مونو لبنان بداية العام الجاري، 8 مقطوعات موسيقية تتكئ على قصائد الشاعر ابن حمديس الصقلي الذي ولد وعاش في صقلية، وتوفي سنة 1133، وشارك في العمل الموسيقيون فؤاد عفرا (الدرامز)، ونضال أبو سمرا (كيبورد)، وإيلي شمالي (باس)، وتوم هورنيغ (ساكسوفون)، بمشاركة عازف الستار الإيراني كيا طياسيان.
كل اسوف «kel assouf» فرقة تتخلل مهرجان «حيّ»، الفرقة تقدم شكلا آخر للموسيقى المجدولة من نبض الصحراء الغربية «الطوارق» مضافا لها الروك الغربي. مهد الفرقة كان في بروكسل عام 2006، شكلها عدد من الشبان المقيمين هناك إلا أن «روح الصحراء تسكنهم وتسري في عروقهم» كما يقول المغني وعازف الغيتار النيجيري آنيانا هارونا وهو أحد أعضاء الفرقة، تشاركه المغنية تولو كيكي، وعازف الكيبورد الموسيقي التونسي سفيان بن يوسف، وماثيو ميرول عازف الباص وأوليفر بينو عازف الدرامز. كل اسوف «kel assouf» تركيب من لغة الطوارق ويجمع فيه أبناء الحنين والخلود كما تقول معاني الألفاظ. الاسم يختصر رسالة الفرقة التي تتمحور حول تعزيز ثقافة وأصالة الطوارق إلى جانب النضال ضد التمييز والاضطهاد. وذلك ظهر جليا في ألبومهم الأخير Tikounen»»، وتعني المفاجأة، فكان أشبه بصرخة ضد الغيبوبة التي أصابت هذا العالم المفعم بالحروب والألم. هذا الألبوم وأغاني أخرى ستقدمها الفرقة على مسرح الجنينة يوم 18 يوليو.
كما يقدم المهرجان المغنية السودانية آسيا مدني التي تغني التراث السوداني وتعزف جميع إيقاعاته الموسيقية، قَدِمت آسيا مصر عام 2000 لنشر الفولكلور السوداني، على اعتبار مصر واجهة ثقافية وفنية مركزية في العالم العربي. شاركت مدني في مشروع النيل ـ فرقة موسيقية تعنى يتقديم موسيقى تعكس حضارة وشعب حوض النيل.
للموسيقى التونسية عتبة أيضا في مهرجان حيّ تقدمها المغنية والباحثة درصاف الحمداني، عنيت بالموسيقى العربية الأصيلة التي أولعت فيها منذ طفولتها في كنف والدٍ يعزف الكمان، الأمر الذي جعلها تتقن ريبرتوار الأغاني العربية الأندلسية (النوبة) من التراث المغربي، وريبرتوار الأغاني العربية الكلاسيكية، والصوفية التقليدية. نالت درصاف شهادة الأستاذية في العلوم الموسيقية في تونس 1998، وماجستير العلوم الموسيقية السوربون في باريس 2000. كما استأهلت العديد من الجوائز منها الإسطوانة الذهبية لمهرجان الأغنية التونسية في تونس 1996، والجائزة الثالثة لمهرجان الموسيقى العربية في الأردن 1995.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى