رواية طرابلس.. التراث والكفاءات في أمسية رمضانية

فاتن حموي

يحتضن «مركز الصفدي الثقافي» الليلة عند العاشرة والنصف، أمسية رمضانية تضيء على تاريخ المدينة الثقافي والفني والاجتماعي يُعرض خلالها وثائقي يروي تاريخ الفيحاء ويستشرف مستقبلها بصوت الممثل القدير عبد المجيد مجذوب من إخراج وتنفيذ فاطمة رشا شحادة التي اختير فيلمها «ذكرى» للمشاركة هذا العام في «مهرجان كان العالمي للأفلام السينمائية» عن فئة الأفلام القصيرة، والحائز جائزة Bronze Palm في «مهرجان مكسيكو العالمي للافلام السينمائية»، أمّا الفكرة والنص والإشراف فللإعلامية أمال الياس سليمان.
تقول سليمان في حديث خاص لـ «السفير» إنّ الفكرة انطلقت من روحية شهر رمضان المبارك، «طرابلس الأمس واليوم والجامع بينهما هو شهر رمضان، لذا بدأنا بولادة طرابلس وكيف كان الناس يعيشون ضمن تقاليد هذا الشهر الفضيل، وكيف مرت الحروب على الأهالي خلال السنوات الماضية بدءاً من العام 1906 وصولاً إلى العام 2026. قمنا بتقسيم المئة عام إلى حقبات ومررنا على كلّ حقبة بحسب أبرز ما حصل فيها بطريقة إيجابية على صعد عدّة، منها الحرب العالمية الأولى والثانية والنكبة عام 58 وفيضان أبو علي ثم المرحلة الذهبية في لبنان وطرابلس بالتحديد مُبرزين الحضارة الدينية والتاريخية والاجتماعية».
تضيف سليمان أنّ عيون الحاضرين ستنتقل من الشاشة الثلاثية الأبعاد إلى خشبة المسرح على مدى ساعة كاملة، فبعد متابعة كلّ حقبة ستكون هناك فقرة فنية مرتبطة بالحقبة المصوّرة وبالطبع جميع الفنانين هم من طرابلس. البداية مع القدود الحلبية وشيوخ الطرب، ثم الفتلة المولوية يقدّمها شباب طرابلسيون، وفقرة غنائية لسيد مكاوي بصوت وحضور معن زكريا، وأخرى لأم كلثوم بصوت آمال رعد، يليها سكتش لفرقة أبو سليم وفرقته بمشاركة الممثل سلطان ديب، كما يشارك الفنان أحمد دوغان الذي يمثل صوته الحقبة الممتدة من 1986 إلى العام 1996، ليكون الختام مع صوت سافيو هيكل الذي شارك في برنامج «ذي فويس كيدز» بأغنية «بصباح الألف التالت» لكارول سماحة، «يختتم الوثائقي بحقبة تمتدّ من العام 2016 إلى العام 2026، نستشرف من خلالها المستقبل بعين متفائلة. سيرى الحاضرون غرافيكس لصور مستقبلية للمدينة وعمارات جديدة وسيشاهدون مرفأ طرابلس يعجّ بالحياة، ومن ثمّ يدعو المسحراتي الناس إلى السحور». وتجد سليمان أنّ هذا العمل ليس مجرّد أمسية رمضانية بل هو عمل فنيّ متكامل تمّ التحضير له من قبل أعضاء مركز الصفدي، يجسّد التقاليد الرمضانية ويجمع السينما بالمسرح وأغنيات الزمن الجميل بالحاضر المتألّق وفكاهة القرن الماضي بالكوميديا الحديثة، وقد توخّينا فيه الدّقة إلى أبعد مدى لأنّ طرابلس تختزن العديد من المواهب والطاقات الإبداعية، وهو ما أردنا إبرازه. طرابلس مدينة يليق بها الجمال والفرح وكلّ عمل متقن».
بدورها، ترى المخرجة فاطمة رشا شحادة أنّ العمل على الفيلم الوثائقي شكّل تحدياً كبيراً بالنسبة إليها، «استغرق العمل أربعة أيام والأبطال الحقيقيون لهذا الوثائقي هم أهالي طرابلس أنفسهم، إذ منحونا صوراً أيقونية لتاريخ طرابلس. شعرت بالفخر أثناء العمل على هذا الوثائقي، وشكّلت الصور لي صدمة إيجابية إذ لم أرَ طرابلس أيام العثمانيين ولم أر بساتين الليمون التي كانت تطبع المدينة، وها أنا اليوم أراها بسبب الحفاظ على ذاكرة الصورة من خلال أبناء مدينتي».
تضيف شحادة أنّ الفيلم (20 دقيقة) عبارة عن عرض صور تاريخية ومقاطع فيديوية وغرافيكس، «حاولت جمع هذه المواد بطريقة قريبة من الناس ضمن توليفة فنية تتوخى جمال المدينة، وقمنا بتصوير الممثل القدير عبد المجيد مجذوب في أحد المقاهي في الميناء، واهتممنا بالديكور التراثي لهذا المقهى، لننطلق في رواية طرابلس بحضوره في بداية الفيلم وصوته الذي يرافقنا حتى اللحظة الأخيرة. وتختم شحادة بالقول إنّ هذا الوثائقي عبارة عن فخر بطرابلس الجمال على مدى مئة عام.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى