«المونولوغات السورية»… «قراءات مسرحية» ترصد اللجوء

بديعة زيدان

استضاف «مسرح عشتار» في مدينة رام الله الفلسطينية، عملاً مسرحياً لمؤسسيه الفنانين ادوار معلم وإيمان عون، حمل اسم «المونولوغات السورية». وينقل العرض حكايات معجونة بالدم لشعب يعيش ويلات حرب، وينتصر الممثلان لحكاية الإنسان السوري، سواء من بات لاجئاً، وهو الوصف الذي لا يزال يرافق ملايين الفلسطينيين منذ عام 1948، أو من لا يزال يعيش حكايات الموت اليومية، أو الانتظار المؤجل لموت قد يأتي على شكل قذيفة أو برميل أو غيرهما في أي لحظة.
وتراوح العمل المسرحي ما بين «ستاند أب» معتمداً شخصية الراوي أو الراوية، والمسرح التفاعلي، عبر تقديم كل منهما الحكايات المكتوبة بأسماء معينة لمناطق بعينها في سورية للجمهور، كحالة ما كتبته مها المصري من حمص. وهذا الأسلوب اشتهر به فريق «عشتار» عبر ما يسمى «مسرح المضطهدين»، أو «المسرح المنبري»، ومؤسسه البرازيلي أوغوستو بوال. كما لم تغب بطبيعة الحال المشاهد التمثيلية عن العمل الذي ترك غصة في نفس كل من تابع تفاصيله بعينين واسعتين في القاعة الصغيرة نسبياً للمسرح.
و«المونولوغات السورية»، هي أيضاً، كما يصنفها معلم وعون، «قراءات مسرحية» تقوم على قصص كتبها لاجئون سوريون في الأردن، وهي لمن تابع تفاصيل الحكايات المأسوية تنقل شهادات هؤلاء اللاجئين عن الحرب ورحلة لجوئهم.
وقدم العمل الذي أخرجه محمد عيد بمناسبة يوم اللاجئ العالمي، بعد أن عمل مسرح «عشتار» خلال أيلول (سبتمبر) الماضي، وبدعوة من منظمة «كير» الدولية في الأردن، مع 120 لاجئاً سورياً في عمّان، جاؤوا من درعا وحمص وريف دمشق إلى الأردن، وشارك 20 منهم في ورشة كتابة بإشراف إيمان عون التي كانت مدربة، وخرجت معهم بهذه المونولوغات التي شاركت إدوار معلم بطولتها.
ومن بين «المونولوغات»، أو قصص الحرب السورية، حكاية تجمّع الأسر الفارّة من مناطق الاشتباك العنيف، إلى المناطق الأكثر أمناً، أو الأقل عنفاً، ليصبح المنزل لهذا الشقيق أو ذاك يضم بين جدرانه العشرات، بعد أن كان لا يزيد عدد سكانه عن عدد أصابع اليد الواحدة، وأخرى تسلط الضوء على تفاعل «الجيران» الباحثين عن النجاة، بينما تتحول قطع اللحم أو لفافات السجائر أو أي نوع من السكاكر إلى مقتنيات ثمينة. وثمة قصص ترصد يوميات الحرب المتواصلة بكل تجلياتها الإنسانية، وبما فيها من ألم، وما ندر من ابتسامات مسروقة مغلفة بقلق الآتي من الأيام. إنها حكايات الحرب كما رواها أصحابها، تتشابه في كونها سورية المنشأ، وتختلف في التفاصيل، مع أن السائد رائحة الدم والبارود، وارتجافات الخوف في أجساد متفاوتة الأحجام.
وكان مسرح «عشتار» الفلسطيني أطلق مع نهاية البرنامج الذي بدأه في أيلول (سبتمبر) الماضي، دعوة عالمية إلى الفنانين لمناصرة قضية اللاجئين السوريين، من خلال العمل معهم في مناطق وجودهم، وإبراز قصصهم على خشبات المسارح على مدار العام، وفي شكل مكثف في يوم اللاجئ العالمي. فلبى الدعوة 13 شريكاً لـ «عشتار» من مسارح وفرق مسرحية في 13 مدينة في 10 دول هي: رواندا وسريلانكا وفرنسا واليونان وإيطاليا وإرلندا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية والبرتغال.

(الحياة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى